أيمن بدر كريم - صحيفة المدينة

عدد القراءات: 7920

أقرّت مُنظمة الصحة العالـمية منذ سنوات قليلة في تـقرير نشرته في مـجلة «ذي لانسيت» الطبية، بتعرّض امرأة من أصل ثلاث نساء في العالـم للعنف الذي صنّفته في مستوى «غير مقبول»، كما عدّت الـجهود الـمبذولة في مجال الحدّ من العُنف ضد النساء والفتيات «غير كافية».

وفي استطلاع حديث للرأي أجراه الـمركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام في السعودية (صحيفة سبق، 3 يناير 2018) تبيـّن أن (46%) من الـمشاركين يرون أن العنف ضد المرأة السعودية مُنتشر بدرجة متوسطة ومتزايدة، كما أظهر أن العنف النفسي هو أكثر أنواع العنف انتشاراً بنسبة وصلت إلى (46.5%). ومن ضمن أنواع العنف الأخرى، الإهمال (27%)، والعنف الجسدي (12%)، والاستغلال (10%)، وكان «الزوج» هو المسؤول الأول عن هذه الحالات بنسبة (73%) في بيئة المنزل (83%) أي «خلف الأبواب الـمُغلقة».
لكن، ومع ارتفاع النِّسب المذكورة أعلاه، إلا أن أفراد العينة التي تـمت مشاركتهم كان معظمهم من الذكور (69%) !! مـما يطرح تساؤلاتٍ حول دقّة النتائج في استطلاع رأيٍ خاصٍ بالعنف الموجّه من الرجال ضد النساء !! وهنّ اللواتـي اعترف معظمهن بعدم علمهنّ بوجود نظامِ الحماية من العُنف والإيذاء في الـمملكة، وعدم استعداد معظمهنّ للإبلاغ عن وقائع التعنيف بالرغم من رغبة بعضهن، لكنهنّ يـجهلنَ الإجراءات اللاحقة للإبلاغ.

لا شك في أن عدداً من الـمُمارسات الهَمجية يدخل في نطاق العُـرف والـمقبول كموروث ثقافـي، والأدهى أن بعضها يُعد ضمن منظومة «حقوق» الرجل، ومنها الإساءة للزوجة لفظياً ومعنوياً وجسدياً لها بُغية «تأديبها»، وحبس الـمرأة في منزلها والاستيلاء على راتبها، أو حرمانها من العمل والابتعاث والزواج والسفر وحتى من إرثها الشرعي في بعض الحالات، مـما يفتح الـمجال واسعاً لابتزازها مادياً ومعنويًا.

من الـمهم إسراع الـخُطى في طريق نشر ثقافة الـحقوق الإنسانية، واعتماد أنظمة الـمساواة والعدل في الحقوق والواجبات والجزاءات، وتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في الحفاظ على حُرية الإنسان وكرامته، بوصفه مسؤولاً أمام القانون، وإصدار أنظمة صارمة تُجرّم التحرّش ومُرتكبيه، إضافةً إلـى نشر ثقافة احترام المرأة بوصفها مخلوقاً مميّـزاً بـمشاعر يسهُل خدشها، وتغييـر النظرة النمَطية عنها بوصفها كائناً ناقص الأهْلية مهما بلغت من العِلم والعُمر.

المصدر : صحيفة المدينة - 2018-04-09