الرياض – «الحياة»

حظيت وزارة الشؤون الاجتماعية بانتقادات واسعة في مجلس الشورى، ووصف عضو الانتقادات الواسعة التي قدمت في جلسة أمس، بأنه فتح نار على برامج «الوزارة» التي لم يشاهدوا فيها نتائج ملموسة، في الوقت التي وصف فيه الأعضاء برامجها بـ«الجهود الإغاثية»، وأنها لا تعمل على إنهاء الفقر والحاجة في المملكة بالصورة المرجوة، وخصوصاً أن أعداد الأسر المحتاجة يزداد سنوياً، فيما أوضح العضو الدكتور سعيد الشيخ أن عدد النساء من مطلقات ومهجورات وأرامل يصل إلى 498 ألف حالة، أي ما يعادل 52 في المئة من إجمالي الحالات، وأما الفئات الأخرى فتشمل العجزة والأيتام والمعوقين، ومن هنا يتضح أن ظاهرة الفقر والعوز تتركز في فئة النساء من مطلقات وأرامل ومهجورات.

وذكر الشيخ معلومة صادمة، وهي أن «نساء السعودية فقيرات»، وهو يعدد أسباب عدم تحسن الحال الاقتصادية للنساء السعوديات وبقائهن في دائرة الفقر، ومن ذلك العادات والسلوكيات الاجتماعية، والقيود النظامية، والزواج المبكر، ومحدودية الفرص الدراسية المؤهلة لسوق العمل، الذي هو في الأساس محدودة فرصه الوظيفية للنساء، وأضاف: «يمكن أن نعزو بعض العادات والسلوكيات الاجتماعية إلى جانب القيود النظامية بأنها أسهمت في تركز الفقر في فئة النساء، ولعل من العوامل الزواج المبكر للفتيات وانقطاعهن عن التعليم بعد الزواج، وأيضاً محدودية فرص التعليم في المجالات المهنية التي يتطلبها سوق العمل، وكذلك محدودية الفرص الوظيفية للنساء في القطاع الخاص والعام».

وأشار في الجلسة التي حضرها أكثر من ٢٠ مندوباً من الشؤون الاجتماعية، وهو عدد كبير بالنسبة لعدد المندوبين في العادة الذي لا يتجاوز ٣ فقط، إلى أن «الوزارة» تعاملت مع هذه الظاهرة على أساس انعدام الموارد المالية، وسدت حاجاتهم من الغذاء والسكن، ولم تتعامل معها على أنها حال فقر يجب علاجها من جذورها، لذا «أعتقد أن على الوزارة أن تتبنى برنامجاً اجتماعياً وتوعوياً مناسباً لمعالجة تركز حال الفقر في النساء بالتعاون مع الجهات المعنية، مثل وزارة التربية والتعليم بفتح المجال للفتيات في التخصصات التي يتطلبها سوق العمل، مثل الهندسة، وكذلك وزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية بزيادة الفرص للنساء للحد من هذه الظاهرة السلبية، التي تتزايد فيها أعداد النساء مثل الضمان الاجتماعي سنة بعد أخرى من غير علاج لها».

من جانبه، بدأ الدكتور عبدالله الجغيمان مداخلته منتقداً أعمال الوزارة، وواصفاً إياها بأنها تعمل على المحافظة على استمرار حاجة الفقراء من خلال تقديم برامج إغاثية لا نمائية، وقال: «الوزارة تعمل على توزيع إعانات لا تغني ولا تسمن من جوع». وأضاف: «أتمنى أن تفاجئني الوزارة واللجنة الاجتماعية وتثبت لي العكس بالدلائل العلمية لا الكلام النظري، أما هنا فيسعدني أن أقدم دليلي على ما أقول، وبداية أدعو المجلس وجميع الزملاء الإعلاميين الموجودين معنا ليتفحصوا التقرير ورقة ورقة، ورقماً رقماً، ولن يجدوا فيه مع الأسف إلا أرقاماً تشير إلى زيادة أعداد المستفيدين في الغالب. وهذا في ظني مؤشر غير جيد تجاه عمل الوزارة، إذ إن الأصل في الوزارة أن تسهم في خفض أعداد المستفيدين لا أن تفاخر بزيادتهم».

وقال: «الوزارة ترفع شعار (نساعد المحتاج ليساعد نفسه) منذ نحو 15 سنة، كنت أتمنى أن تقدم لنا الوزارة أعداد من تمكنت من مساعدتهم في سنة التقرير ليكونوا مستقلين منتجين غير محتاجين لها، ويبدو أن الوزارة لديها قناعة بأنها يجب أن تتبنى هذه المنهجية ولكن لا تعرف كيف». وأضاف: «هناك جانب وقائي آخر أهملته الوزارة هو التربية والتعليم، أحد أهم أسباب الفقر، والفقراء ليسوا أغبياء، ولكن ظروفهم المعيشية والبيئة المحيطة تشتت انتباه تركيزهم وتضطرهم إلى عدم جعل هذا الجانب من أولوياتهم. كنت أتطلع بشغف في تقرير الوزارة إلى أي شيء من هذا النوع، برنامجاً أو مشروعاً نوعياً متقدماً يعنى برفع المستوى التعليمي لأطفال فئة المحتاجين». وقال: «أرجو ألا تقول الوزارة أننا نؤمن الحقيبة المدرسية ونسدد اختبارات قياس وما شابه، هذه جهود مشكورة ولكنها جهود إغاثية، ما أرمي إليه هنا وجود برنامج تربوي وتعليمي مكثف يستهدف رفع المستوى التربوي والتعليمي لأطفال هذه الفئة بما يساعدهم في دخول تخصصات جامعية نوعية تضمن لهم ولأسرهم حياة كريمة منتجة نافعة للوطن وأهله».

وركزت الدكتورة فدوى أبو مريفة في مداخلتها على أهمية ضمان التوزيع العادل لخدمات الوزارة بين المناطق، مشيرة إلى أن الرعاية المنزلية للأيتام ومؤسسة رعاية المشلولين منذ 13 سنة في الرياض وحدها، مشيرة إلى حديث خادم الحرمين الشريفين بأنه لا فرق بين مواطن وآخر ولا بين منطقة وأخرى.

وتساءل الدكتور محمد القحطاني عن وجود مكافحة التسول لدينا، وقال متهكماً: «دائماً أقرأ في تقارير الوزارة عن وجود مكافحة للتسول، بينما المتسولون قسموا الإشارات المرورية والشوارع في ما بينهم». وطالب العضو عازب آل مسبل بالوقوف على حال دار رعاية فتيات جدة والتحقق من أحوالهم وحل مشكلاتهم.

وطالب الدكتور منصور الكريديس بعمل دراسة مسحية لظاهرة العنف، التي أصبحت ظاهرة مجتمع، متأسفاً على حال الوزارة التي حدت دورها في التبليغ والحماية، وليس المعالجة والوقاية، إذ لم يرد أي شيء في التقرير حول التدابير لهذه الظاهرة.