حسن أحمد حسن فتيحي

الديموقراطية وضرورة التحديث إن خروج نظام ديموقراطي عالمي جديد لا بد حاصل بالتفاوض أم الدم.. فالديموقراطية كما يصف جان ماري جوينو تعتمد اعتمادًا كبيرًا على وجود أرض وضريبة ومؤسسة تشريعية (جهاز للدولة). لكن أفول عهد الأمة بمعناها القديم -التشريع القائم وفق قانون على أرض معينة- يمهد لطفرة قادمة في التنظيم السياسي للأمة والعالم.

فالشركات والمؤسسات العابرة للقارات تتخير أين تقع خطوط إنتاجها لتتجنب القيود القانونية والضرائب، فكيف سيتم التقنين عبر مختلف دول العالم لتقييد عمل هذه المؤسسات والشركات بما فيه الصالح العام – علمًا بأن الكثير منها يتآلف مع الديكتاتوريين ضد طموحات الشعوب كما يوضح Noam Chomskey في كتاباته؟

تقع الكثير من هذه الشركات اليوم في بلاد الغرب أو لها لوبييات تقوم بمساعدة طموحاتها الرأسمالية، ولكن مع تطور العولمة بدأت تخرج رساميل من شتى أرجاء المعمورة تبحث عن فسحة قضائية للإتيان لمصالحها، فكيف سيكون شكل جهاز الحوكمة الجديد؟

سيبدأ هذا النظام الجديد، في وجهة نظري، كما بدأت الديموقراطية، يقول Michael Johnson في كتابه Corruption, Contention, and Reform. أن النظام الديموقراطي لم يبدأ بيد عدد من المثاليين الذين عملوا على نشر مثاليتهم، بل كان مبعث الديموقراطية في أن عددًا من المصالح وجدوا أن من مصلحتهم خروج نظام ديموقراطي تقيض فيه السلطة الحاكمة.

ففي إنجلترا برلمان وجد للتوثق من حقوق أهل الأراضي من البارونات ومن ثم لجم الحاكم المتعثر ماليًا الذي كان بحاجتهم لشن الحروب، تبع هذا حق الانتخاب العام رويدًا رويدًا. ولم تكن حيازة هذا الحق في الانتخاب هينًا، بل جال الضعفاء جولات عدة قبل أن يتحقق هدفهم، منها تأخر ذلك الحق عن النساء والسود.

نعم ستتغير الديموقراطية بتغير السياق ولكن تغيرها هذا لن يخرج عن طبيعة النفس البشرية والتي تسعى نحو القوة ويحلو لها الطمع والزيادة في معظم الأحيان.. على الإصلاحيين التقبل والتأقلم مع هذه المسألة عند المطالبة بالحقوق المعدمة في الدول السلطوية.

فالنظام الرأسمالي اليوم يساعد الشركات الكبرى وتسعى هذه الشركات بدورها إلى السيطرة عبر الحكومات الديموقراطية لتنفعها في بيع السلاح والمعادن.. الخ.

فالنقلة القادمة في وجهة نظري يجب أن يشارك فيها جميع من تمسهم هذه الشركات وبطريقة تراعي المصالح المختلفة منها والمشتركة.

فخروج العمال، كما تنبأ ماركس في ثورة جماعية ضد أصحاب الأموال تكاد أن تتحقق.. إلا إذا ساهم النظام الجديد في تقدم الفقراء حتى لا تقوم الديموقراطية العالمية الجديدة والتي تجمع الجميع بعد إراقة الدماء.

المصدر : صحيفة المدينة