مريم الصغير (الرياض)، أشواق الطويرقي (مكة المكرمة)، فاطمة آل دبيس (الدمام)، أمنية خضري، ذكرى السلمي (جدة)

في الوقت الذي أكدت وزارة العمل استمرارها في حملة تأنيث المحلات النسائية وتوسيعها لدائرة الفرص النسائية، تشتكي سيدات خضن غمار التجربة منذ انطلاق برنامج الوزارة الطموح، من مشكلات لا تزال عالقة في ظروف عملهن. في المقابل، تحجج مسؤول في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، بعدم وجود بيئة مناسبة لعمل المرأة في الوقت الحالي، «البنى التحتية عندما أنشئت لم يكن في الحسبان أن المرأة ستقتحم المجال، نحتاج لكثير من الوقت».

شموخ السلمي إحدى الفتيات اللواتي وجدن في قرار وزارة العمل بتوظيف الفتيات في المحال التجارية المخصصة في بيع المنتجات النسائية بصيص أمل لحل أزمة البطالة التي تعاني منها منذ زمن، بيد أن أملها سرعان ما تلاشى عند عقبات واجهتها، «توجد خطة ممنهجة للتضييق على الفتيات حتى يتركن العمل خلال فترة أول ثلاثة أشهر من إبرام عقد الوظيفة، بعض من عملت معهم يستغل بنود العقد التي تجيز له فصل الموظفة دون ذكر الأسباب بعد أن يتم إدخالهن في التأمينات الاجتماعية لتدخل الفتاة في دوامة المطالبة بإخراجها من التأمينات بعد فصلها؛ للانضمام إلى أحد برامج حافز والاستفادة من الخدمات التي تقدمها كالإعانة الشهرية والتدريب والبحث عن فرص وظيفية أخرى».

وتروي شموخ قصتها مع أول تجربة عمل في قطاع التجزئة النسائية، «سرعان ما تم الاستغناء عن خدماتي لكثرة المعوقات واختلاف وجهات النظر بيني وبين المسؤول عن العمل»، مؤكدة أن أوقات الدوام كانت أحد أهم المعوقات التي جعلتها تترك الوظيفة كونها طالبة تدرس البكالوريوس في الجامعة بجدة، ولا تستطيع العمل في فترة الصباح.

وتظهر هبة باجندوح معاناتها مع الوظائف في قطاع التجزئة، مشيرة إلى تدني الرواتب والمحفزات، «وعدم استقرار ساعات الدوام، ما يسبب الكثير من المتاعب للموظفات، في ذلك القطاع لا يوجد سلم وظيفي واضح، كما لا يوجد إلمام بحقوق الموظف ومستحقاته من دعم الموارد البشرية».

وترى زهور انديجاني أن المواصلات وضغط العمل، إضافة إلى أوقات الدوام، من أبرز العوائق التي تواجه السيدات الراغبات في العمل في القطاعات المستهدفة أخيرا من وزارة العمل، لكنها تبدي تفاؤلا كبيرا «نحن نمر بمراحل تحسن، إذ أصبحت ساعات العمل 6 ساعات بدلا من 8 ساعات، بالإضافة لتوفير بعض الشركات المشغلة لوسائل نقل لتوصيل الموظفات».

ومن منشور يحتوي على إعلان عن وظائف نسائية في أحد محلات التجميل في العاصمة المقدسة، وجدت أماني هوساوي فرصة لكسر حاجز البطالة، وكان الإعلان مشجعا للانخراط في تجربة العمل، حتى أن الراتب والمزايا مغرية، بحسب ما تؤكده هوساوي، مشيرة إلى أنه بعد ثلاثة أيام فقط من التدريب وظفت أماني كبائعة في المحل، «بدأت فصول معاناتي منذ اليوم الأول».

وتضيف «كان المالك الأصلي للمحل مقيما ورخصة العمل مسجلة باسم مواطنة، وبدا سلوك المالك مستفزا للعاملات، حتى أنه يتعمد الإساءة للموظفات أمام زوجته والزبائن، ينتقدنا بشكل مسيء، ولجهلنا بالقانون، كان يحسم من رواتبنا مبالغ يدعي أنها للتأمينات الاجتماعية»، معتبرة أن تلك الظروف كانت كفيلة بتركها للعمل «لقد فصل أربع موظفات في شهر واحد».

قطاع المجوهرات والذهب

ومن مكة المكرمة، أيد «شيخ الصاغة» (لقب متوارث محليا في المهن الحرفية)، وعضو لجنة الذهب بالغرفة التجارية والصناعة الدكتور بكر عبدالغني الصايغ دخول المرأة في بيع وصناعة وتصميم الذهب والمجوهرات، مستدلا بكونها معنية بالسوق، «المرأة محور تجارة القطاع وصناعته والأجدر والأحق بالعمل به».

«العمل»: لا نحابي رجال الأعمال وماضون بـ«التأنيث»

استبعدت وزارة العمل تعثر مشروع تأنيث محلات المستلزمات النسائية، وأكدت عبر متحدثها خالد أبا الخيل استمرار تطبيقها للمرحلة الأولى والثانية من مشروعها الساعي لإحلال السعوديات عوضا عن العمالة الأجنبية في قطاعات المستلزمات النسائية.

وأوضح أبا الخيل في حديثه إلى «عكاظ» أن المرحلة الثالثة تشمل 8 مستلزمات «الجلابيات، مستلزمات رعاية الأمومة، العطورات، الأحذية، الحقائب النسائية، الجوارب النسائية، الملابس النسائية الجاهزة، الأكشاك والأقمشة النسائية».

وأضاف أن المرحلتين الأولى والثانية تشمل أدوات التجميل، فساتين السهرة والأفراح، العبايات والإكسسوارات. وأشار إلى أن فرق التفتيش والضبط التابعة للوزارة مستمرة في معاقبة المخالفين بالعقوبات النظامية ومنها الغرامة وإيقاف الخدمات والإغلاق.

وأفصح عن تأجيل الوزارة تطبيق المرحلة الثالثة، «حتى يتم تهيئة بيئة العمل في تلك الأسواق مما ينعكس بشكل إيجابي على سوق العمل وتصبح تلك المحال بيئة عمل جاذبة للسعوديات». وقال «فرق التفتيش تؤدي جولات تفتيشية ممنهجة في مناطق المملكة كافة، وترفع تقارير للوكالة المعنية، وتعلن الوزارة عن الإحصاءات الخاصة بذلك والمخالفات المضبوطة في وسائل الإعلام، وتسهم فرق من الجهات الأمنية في دعم فرق التفتيش».

وعن وجود شكاوى من سوء بيئة العمل لدى المحال النسائية، أكد أبا الخيل سعي وزارة العمل إلى تطبيق الأمر الملكي بتأنيث محال المستلزمات النسائية، وأنها وضعت اشتراطات لضمان أن تكون بيئة العمل في تلك المحال مناسبة لعمل السعوديات، «أصدرنا دليلا خاصا ببيئة العمل، ونظمت الوزارة ورش عمل توعوية في مناطق المملكة المختلفة للتوعية بحقوق العاملات المعنوية والمادية».

وأكد أهمية توفير مكان للراحة والصلاة ودورات مياة وحراسة أمنية، واعتبرها من «أهم الاشتراطات». ونفى أبا الخيل محاباة الوزارة لرجال الأعمال على حساب قرار التأنيث، «وأعلنت الوزارة عدة مرات عدم تراجعها عن التأنيث والمرحلة الثالثة ستستأنف بعد التأكيد على أن بيئة العمل باتت جاهزة لعمل السعوديات».

رجال أعمال: البنى التحتية رجالية والاشتراطات صعبة

أتفق تجار على أن معظم البنى التحتية لسوق العمل في المملكة غير مهيأة للنساء، كونها بالأساس بنيت على فرضية أن السوق للرجال فقط، فيما يشتكي كثير من رجال الأعمال من صعوبة تطبيق الاشتراطات المصاحبة لعمل المرأة.

وأكد مسؤول في الغرفة التجارية الصناعية بالعاصمة الرياض لـ«عكاظ» وقوف (التسرب الوظيفي، تعدد الإجازات، وعدم توفير وسائل نقل للمرأة)، عائقا أمام توظيفها في القطاع الخاص. واعتبر أن كثيرا من المهن «لا تتلائم مع طبيعة المرأة».

وحمل المسؤول (فضل عدم ذكر اسمه) «غياب العقوبات الرادعة ضد التحرش، وكثرة مشكلات الأمانات المالية وضياع حقوق التاجر»، بالحيلولة دون تمكين المرأة من العمل. فيما اتهم الوافدين المتستر عليهم بالسيطرة على معظم محلات بيع العباءات.

فيما عزا حمدان العنزي (تاجر) تباين نجاح المشاريع من منطقة لأخرى، إلى أسباب اجتماعية، «إضافة إلى توافر فرص عمل حقيقية»، مضيفا «كما أن غياب تحقيق الاشتراطات يرجع إلى كلفة تطبيقها، فالتاجر ينظر إلى العائد من وراء تطبيق الاشتراطات وصعوبتها في ظل تأسيس معظم البنية التحتية للعمل التجاري بما يناسب عمل الرجل فقط. وقال: لا أعتقد أن هناك محاباة للتجار بقدر ما هو تفهم من الجهات الرسمية لصعوبة تطبيق بعض الاشتراطات في ظل فشل بعض التجار في التطبيق وتحقيق خسائر متراكمة».

«عضو شورى»: إغلاق

المحلات باكراً يزيد الإقبال

توقع عضو مجلس الشورى محمد الخنيزي ازدياد الإقبال النسائي على الوظائف في المحلات التجارية بعد إقرار وزارة العمل لساعات الدوام الرسمي وذلك بإغلاق المحلات في الساعة التاسعة، وهو ما يعني عدم تأخر النساء عن منازلهن و هو ما يعني انتهاء أحد العوائق التي تحول دون عمل النساء.

واعتبر الدكتور محمد الخنيزي خلال حديثه لـ«عكاظ» خطوات وزارة العمل في تأنيث المحلات وتسخير الجهود لإنهاء العوائق المحيطة بعمل النساء إيجابية، مؤكدا عمل الوزارة على إيجاد حل لأهم عائقين يواجهان النساء عند رغبتهم في العمل وهما «المواصلات، ووجود حضانات لأبناء المتزوجات»، حيث طالبت الوزارة من المؤسسات الكبيرة بتوفير هذين العنصرين المهمين.

وأكد الخنيزي ضرورة إيجاد حلول جذرية من الشركات والمؤسسات لـ«معضلة ضعف الراتب المقدم للنساء، وتقديم مغريات حقيقية تحفزهن على العمل في المحلات التجارية أو الشركات، كون راتب المرأة الذي لا يتجاوز أربعة آلاف أو خمسة آلاف ريال لم يعد يكفي حاجاتها».

وقال الخنيزي إن بيئة العمل هي من تفرض على النساء الاستمرار في الوظيفة من عدمه، مشيرا إلى أن النساء نجحن في العمل في البنوك ووصلن إلى مراكز قيادية، «وذلك لتوفير البنوك بيئة عمل ممتازة ورواتب وبدلات تحفزها على الإنتاج، وعليه لا بد على باقي الجهات النظر في الأمور التي من شأنها أن تتغلب على معوقات تطوير أعمال المرأة وحل المشكلات وإزالة العقبات التي تواجهها».

وأكد الخنيزي تقديم وزارة العمل وبشكل مستمر تقارير وإحصائيات لمجلس الشورى، ما أثبت تخطي بعض الحواجز التي وضعها المجتمع سابقا وأعاقت عمل المرأة، مشيرا إلى أن النساء اليوم يعملن في أغلب القطاعات، وأن كثيرا من الشركات عملت على تأنيث المحلات الخاصة بها ويظهر ذلك جليا في «السوبر ماركت» والمحلات الخاصة بالنساء