جدة – فواز المالحي

ترى المستشارة في المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر هوازن الزهراني، أن الوقت الحالي هو وقت السيدات الناجحات، وأنها ولدت من رحم المعاناة والانغلاق الذي عاشته المملكة في العشرين عاماً الماضية، مشيرة إلى أنها استطاعت غرس البذرة الأولى في اختراق المرأة السعودية العمل التطوعي.

ونادت الزهراني وهي من أوائل السعوديات العاملات في المجال التطوعي في حديثها لـ«الحياة» بإنشاء هيئة مختصة للمرأة والطفل، تكون مكاناً لبناء الإنسان قبل احتواء وحل المشكلات الاجتماعية التي يتعرض لها المرأة والطفل، بهدف إيجاد أجيال مبدعة متمكنة قادرة على صناعة القرار.

وهنا نص الحوار:

> هناك الكثير من الجهات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والمبادرات التي تخص الطفل والمرأة، وتتداخل هيئة حقوق الإنسان ووزارة الشؤون الاجتماعية في مهمة الحماية من العنف والإيذاء وغيرها، هل يكفي دور تلك الجهات، وهل نحن بحاجة إلى جهة جديدة تحتوي كل تلك الجهات، وكيف يمكن أن تكون؟

– يجب أن نستوعب أن نصف المجتمع قائم بالمرأة والطفل، وجميع الجهات المسؤولة عن المرآة والطفل عملت ولكن نفتقد حلقة الوصل بينها، الجيل الحالي جيل شباب، ومعظم الأجيال القادمة هم أطفال الآن، ويجب استثمارهم، وننادي بهيئة مختصة للمرأة والطفل، متخصصة في تلقي الشكاوى وسرعة الإجابة، قبل أن نجد الطفل والمرأة يتعرضان للإهانة والذهاب للشكوى أو انتظار المشاهير على «تويتر»، ومن المهم أن يكون لدينا هيئة مخصصة كباقي الدول.

أما دمج مهمات الجهات فذلك متعب ومرهق، ولعل الهيئة تكون مكاناً لبناء الإنسان قبل أن تكون لاحتواء وحل المشكلات 99الاجتماعية التي يتعرض لها المرأة والطفل، حتى يكون لدينا أجيال صانعة للقرار، والاهتمام بالجيل سيكون له حصاد *في المستقبل الذي ينتظرهم من تطور وبناء الإنسان السعودي، لإنشاء جيل راقي مبدع متمكن لتوريث الثقة في الجيل التالي.

> كيف بدأت هوازن الزهراني في الخروج من عباءة الحذر المجتمعي والعمل في المنظمات الدولية، وهل جانب التطوع والمبادرات النسائية في السعودية يكفي، وهل أخذ حقه في ذلك، وماذا يمكن أن يطلب من الحكومة الجديدة؟

– لم يكن الطريق مهيئاً لي كما هو الآن، وعانيت الكثير من أجل الوصول إلى وضعي المستقل، ولا أريد سرد تفاصيل البداية لأنها كانت معاناة، وكنت لا أخجل أن أكون بنتاً سعودية من عمق الجزيرة العربية، وكان خروجي عن الأعراف والتقاليد غير المفيدة هو إثبات أن السيدة السعودية قادرة متمكنة، وربما كانت المعاناة الأصعب من مجتمعي الصغير، ولكن الوقت كان كفيلاً بأن أخرج للمجتمع.

بالطبع تلقيت السب والشتم من جميع أطياف المجتمع، وأهلاً بعصر الألماس عصر الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أعاد لنا حقوق حفيدات الصحابيات، الآن استطعت أن أصف نفسي بالاسم المناضل في العمل الإنساني منذ 10 سنوات. استطعت غرس البذرة الأولى في اختراق المرأة العمل التطوعي والدولي، الوقت الحالي هو وقت السيدات الناجحات، فأنا ولدت من رحم المعاناة والانغلاق الذي عشناه في الـ20 عاماً التي مضت، السعوديات صبورات وأثمرن صبرهن بعد القرارات السامية.

> الكثير من المبادرات التطوعية والخيرية لا يثق فيها المجتمع، ما هو السبب وكيف يمكن معالجته؟

– للأسف كثير من الناس استثمر العمل التطوعي فكرياً وبشرياً ومادياً، وكل النداءات من أجل استغلال الكوادر وسرقة أفكارهم، للأسف هناك حقوق وواجبات للمتطوع والمؤسسة، ربما الآن أصبح منظماً بشكل أكثر احترافية، على خلاف السابق، إذ كان يصنف العمل التطوعي أنه مضيعة للوقت أو للتسلية فقط وتمضية الوقت من دون استشعار المسؤولية الاجتماعية، لا ننسى أن رؤية السعودية 2030 تتضمن أن يكون التطوع أول مخرجات الجيل الجديد المحترف، والسعودية من أوائل الدول العالمية التي أسهمت في كل الأعمال التطوعية، ومنها منظمة تطوعية بدعم من الملك فيصل عام 1975، وسارت المسيرة الحاكمة على الاهتمام بالعمل المشترك.

> ماذا يعني عمل هوازن الشابة السعودية في المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، وهل المجال يتطلب عمل النواعم أكثر من الرجال؟

– هي منظمة عربية دبلوماسية تعمل مع 21 جمعية وطنية أسسها الملك فيصل، الهدف منها هو توحيد العمل العربي الإنساني والإغاثي، لمساعدة الدول المنكوبة، وما اكتسبته هو سرعة الاستجابة في كل الأمور، ربما العمل في هذه المنظمة عمل شاق بسبب السفر، وربما كان صعباً على السعوديات، وكنت من أوائل السعوديات في العمل الميداني الإنساني، وزياراتنا كانت محملة بالقصص والمخاطرة، العمل الإنساني يبدأ وينتهي بالتضحية من أجل الآخرين، الإنسان المعطاء دائماً لا يتردد وهذه خصلة في كل امرأة سعودية، إذ بدأ العمل التطوعي في ذهني عندما عملت في ينبع بداية الأمر في دائرة صغيرة لحماية الطفل، وكبر الطموح وتحول من حلم إلى حقيقة، وعملت على حماية 10 آلاف طفل، واشتركت في تدريب منظمات عالمية في الأمم المتحدة في مفوضية اللاجئين، ونلت شرف ذلك العمل العالمي، وهذا المجال مفتوح للجنسين وربما يكون روح الأمومة في الأنثى أقرب إلى قلب المرأة وأسعد عندما تشاهد ابتسامة الطفل محملة بالأمل.

> ماذا تقدم عضوة جمعية شهداء الواجب، حدثينا عن دور الجمعية ودورك الشخصي؟

– بدأت الجمعية كفكرة، إذ كنت في أحد المحافل الدولية وكان هناك حديث حول الاهتمام بأسر شهداء الواجب في الدول الأخرى والحديث عن بطولات آبائهم، وهذا الذي أثر فيّ كثيراً، ولم أجد لدينا جمعية تقوم بذلك، وأدركت أهمية دور المجتمع المدني في أن يكون واعياً بما قدمه الشهيد من أجل وطنه، وألا نحصر المهمة على الحكومة فقط فهذه مبادرة مجتمعية من المهم إشراك المجتمع فيها.