الرياض – فهد الثنيان

    تواصلت حالة الجدل والتفاعل بالمجتمع السعودي الأيام القليلة الماضية بعد انفراد “الرياض” بتصريح رسمي من قبل وزير العمل بأن تنظيم عمل المحلات التجارية منتظر صدوره من قبل مجلس الوزراء الفترة القادمة مع استثناء نشاطات المطاعم والصيدليات والمرافق الترفيهية ومحطات الوقود والمقاهي من القرار.

 وما بين مؤيد ومعارض لهذا التنظيم أكد اقتصاديون في حديثهم ل”الرياض” أن التنظيم سيسهم بتطوير بيئة العمل في القطاع الخاص، ويسهم في تحويلها إلى بيئة جاذبة للعمل، والاستثمار أيضا لمن يرغب في ممارسة الأنشطة التجارية.

 وأشاروا بأن تطبيق القرار سيغير ترتيب وصياغة الحياة الاجتماعية التي استمرت خلال الثلاثة عقود الماضية، حيث قادت حياة التسوق المجتمع، وفرضت عليه أسلوب خاص للحياة، وتحول المجتمع المنتج إلى مجتمع استهلاكي من الدرجة الأولى.

 في البداية قال المستشار الاقتصادي فضل البوعينين إنه من الناحية الاجتماعية فإن قرار إغلاق المحلات التجارية يصب في صالح الموظفين، والتجار الذين يتابعون أعمالهم التجارية بأنفسهم، بحيث يوفر لهم الوقت لممارسة أنشطتهم الاجتماعية الأخرى، والاهتمام بأسرهم ومتابعة احتياجاتهم، والراحة التي تنعكس إيجابا على الإنتاجية.

 مضيفا بأنه من الناحية الاقتصادية فإن القرار يسهم بتطوير بيئة العمل في القطاع الخاص، ويسهم في تحويلها إلى بيئة جاذبة للعمل، والاستثمار أيضا لمن يرغب في ممارسة الأنشطة التجارية.

 وقال إن طول فترة عمل المحلات التجارية يسبب عبئاً على خدمات كثيرة كالطاقة الكهربائية، إضافةً إلى ما يتسبب به من انعكاسات سلبية على خطط السعودة، خاصةً في المحال التجارية المخصصة لعمل المرأة.

 ومن الناحية الأمنية أشار البوعينين إن إغلاق المحلات في ساعات مبكرة نسبياً يمثل نوعاً من حفظ الأمن، بحيث تتحول الحركة الدائمة إلى الهدوء، فتقل الحركة ويمكن السيطرة على العمالة الوافدة، حيث يعمل كثير منهم في الأوقات المتأخرة، أو أنهم يستغلون أوقات فتح المحلات المتأخرة لممارسة أنشطتهم المخالفة من خلال ذوبانهم في كتلة الحركة التي لا تتوقف ليل نهار.

 لافتا بهذا الخصوص بان تطبيق القرار سيغير ترتيب وصياغة الحياة الاجتماعية التي استمرت خلال الثلاثة عقود الماضية، حيث قادت حياة التسوق المجتمع، وفرضت عليه أسلوب خاص للحياة، وتحول المجتمع المنتج إلى مجتمع استهلاكي من الدرجة الأولى.

 وأوضح بأنه نتيجة لهذه التبعات أصبحت المنازل طاردة للأسر، إلا في حالة النوم، وانغمس المجتمع في الأسواق حتى بات لا يميز بين الترفيه والتسوق، بل أصبح التسوق نوعان من أنواع الترفيه لدى الغالبية.

 وتابع بأن ثقافة المجتمع المتأصلة تحتاج إلى تغيير، وهذا التغيير لن يكون بين ليلة وضحاها بل يحتاج إلى وقت أطول، ولكن إذا ما استمر التغيير فذلك يعني أن هناك تحولا سيطال المجتمع، وسيعاد تشكيل الحياة الاجتماعية.

 وعن تأثير القرار بزيادة توطين قطاع التجزئة قال البوعينين إن قطاع التجزئة يعتبر من أكثر القطاعات خلقا للوظائف، إلا أن تدني مستوى الأجور، إضافة إلى طول ساعات العمل، يحول القطاع إلى بيئة طاردة للسعوديين والسعوديات.

 ولفت إلى أنه إذا كان القرار الجديد قد أسهم في معالجة جانب من المعوقات، فنحن في حاجة إلى معالجة معوق الأجور الذي يمكن أن يكون أكثر أهمية لدى السعوديين من الجنسين.

 وقال بأن فرص التوطين ربما تكون أفضل، إلا أننا في حاجة لإجراء تحسين كامل لبيئة العمل، وهذا يعني أن وزارة العمل تحتاج إلى جهد أكبر لتحسين بيئة العمل في قطاع التجزئة، وخلق مزيد من الوظائف الحقيقية في الاقتصاد.

 من جهته قال الاقتصادي نايف العيد بأن التنظيم المنتظر سيسهم بتوفير الطاقة ويخفض زحام السيارات بالمدن الكبرى وسيزيد فرص توظيف السعوديين والسعوديات بقطاع التجزئة أسوة بالقطاع المصرفي عندما تم تحديد الخامسة مساء لإغلاق البنوك مما ساهم بارتفاع توظيف السعوديين بالقطاع المصرفي.

 مشيرا بان الجانب المهم بالتنظيم هو الحد من التستر التجاري بإلغاء ميزة كانت العمالة الأجنبية تستغلها لصالحها بمواصلة العمل حتى ساعات متأخرة من الليل مما يعني زيادة إقبال السعوديين على الاستثمار بالمحلات التجارية وعدم ركونهم للوظائف الحكومية.

 ووفقا لوزير العمل المهندس عادل فقيه فإن مقترح قرار تحديد ساعات العمل في المحلات التجارية هو إحدى توصيات الحوار الاجتماعي الأول الذي أقيم في الرياض في شوال 1433ه، بمشاركة جمع أطراف الإنتاج الثلاثة أصحاب العمل والعمال والحكومة ممثلة بوزارة العمل وبمشاركة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.

 مضيفا بان هذا الحوار جاء تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بهدف تعميق مستوى التوافق المجتمعي حول ملفات سوق العمل، ومواجهة التحديات التي تتطلب توافق كافة الأطراف ذات العلاقة، وقد رُفعت هذه التوصيات للجهات المعنية للنظر في إقرارها.

 وفي هذا السياق، أكد وزير العمل أن التوصية بتحديد ساعات العمل في المحلات التجارية جاءت بتوافق بين الأطراف الثلاثة، أصحاب العمل والذين مثلتهم الغرف التجارية وشاركهم ممثلي لقطاع التجزئة والعمال ممثلين باللجنة الوطنية للجان العمالية ووزارة العمل.

 وتهدف التوصية إلى تطوير بيئة العمل في القطاع الخاص وتحويله إلى بيئة جاذبة للعمالة الوطنية من خلال تقليص الفجوة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي فيما يتعلق بساعات العمل والإجازات التي اتفقت أطراف الإنتاج في الحوار الاجتماعي على أنها أحد أسباب عزوف توظيف أبناء وبنات الوطن في القطاع الخاص.

 لافتا بأنّ هذه التوصية جاءت تلبية لاحتياجات الموظف لفترات خاصة به يتمكن فيها من الراحة أو قضاء احتياجاته أو احتياجات أفراد عائلته الأمر الذي سينعكس إيجابا على كفاءة الإنتاج.

 وأكد وزير العمل أن التوصية التي تم رفعها لا تشمل إغلاق المطاعم والمقاهي، ومرافق الترفيه أو الاحتياجات الضرورية كالصيدليات ومحطات الوقود، إضافة إلى استثناء مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة لخصوصيتهما، كما تُستثنى أي مرافق أخرى يستثنيها المجلس البلدي في ذات المنطقة التي يتم تطبيق القرار فيها في حال إقراره.

 ويتضمن التنظيم الجديد الذي نشرته “الرياض” سابقا إلزام جميع المحلات ومنافذ البيع في جميع مناطق المملكة بأوقات عمل تسمح لها بالبيع فقط خلال الفترة من الساعة السادسة صباحا الى التاسعة مساء، بالإضافة إلى أن التنظيم يستثني المحلات التجارية ومنافذ البيع في المنطقة المركزية في مكة والمدينة وفقا لما يقرره المجلس البلدي فيها.

المصدر : صحيفة الرياض