أين «نزاهة» من «الصحة»؟
سطام الثقيل
لا يتجاوز عدد مرضى الفشل الكلوي في السعودية ألفي مريض ــ وفق إحصاءات رسمية أفصح عنها الدكتور أحمد العمير المدير الطبي للمستشفى الرئيسي في مدينة الملك فهد الطبية في الرياض، خلال افتتاحه اليوم العالمي للكلى.
وبالرغم من أن العدد ليس بالكبير إلا أنك تشعر بأن في السعودية أزمة مالية “خانقة”، فالجمعيات الخيرية نشطة في علاج مرضى الفشل الكلوي وتوفير أجهزة الغسيل لهم، وشركات الاتصالات ترسل رسائل مجانية تحث المواطنين على التبرع لتلك الجمعيات للمساعدة في توفير “الغسيل” للمرضى.
أمر طبيعي أن تشعرك تلك الحملات والنداءات بالتبرع للجمعيات الخيرية النشطة في توفير العلاج وأجهزة الغسيل للمرضى، بأن وزارة الصحة ليست في “بحبوبة” من العيش وأنها تعيش تحت خط الفقر، ولكن عندما تسمع بالأرقام المهولة التي تنفقها الدولة على القطاع الصحي تتساءل بألم: أين دور الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد “نزاهة” حيال ما يحدث؟؟!!
لست ضد العمل الخيري الذي تقوم به الجمعيات الخيرية، ولا تسخير شركات الاتصالات الرسائل النصية لدعم تلك الجمعيات وتوفير العلاج لهؤلاء المرضى بل يشكرون على دورهم، ولكني ضد تقاعس وزارة الصحة عن توفير علاجهم، فلو كانت “الصحة” تقوم بدورها على أكمل وجه وهي “الغنية” والقادرة لما شاهدنا مثل تلك الجمعيات.
هل تعلم عزيزي القارئ أن تكلفة زراعة “كلية” لمريض خارج المملكة لا تتجاوز 100 ألف ريال، أي أن وزارة الصحة لو قررت “زراعة” كلى لكل المرضى في السعودية في الخارج لن تتجاوز التكلفة الإجمالية 200 مليون ريال فقط، وهو مبلغ يعادل 0.1 في المائة من ميزانية وزارة الصحة للعام الجاري، التي تتجاوز 200 مليار ريال.
ليس مريض الفشل الكلوي من يعاني في السعودية، بل كل المرضى يعانون، فخدمات وزارة الصحة ــ مع الأسف الشديد ــ التي تقدمها للمواطن رديئة، ولا توازي ما ينفق عليها من الدولة، فلا يمكن لك أن تدخل مواقع التواصل الاجتماعي إلا وتجد مريضا يتوسل علاج ابنه أو زوجه أو أحد أقاربه، وأصبح الموقع وسيلة لتوسل العلاج في بلد ينام على أكبر احتياطي للنفط في العالم.
أن تنفق الدولة على وزارة الصحة المليارات وتكون هناك رداءة في الخدمات فنحن أمام خلل كبير في توظيف هذه الأموال، مما يجعل تدخل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد “نزاهة” ومراقبة الإنفاق في وزارة الصحة أمرا ملحا.
المصدر: صحيفة الاقتصادية