الأحساء تسعى للتحول إلى مدينة صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة
رقية الفناخ، عبدالله القطان – الهفوف
استبشر عدد من المعاقين بالقرار الذي أصدرته أمانة الأحساء بمنع إصدار أي رخصة بناء أو منح شهادة إطلاق التيار الكهربائي للمنشآت والمجمعات السكنية والمراكز التجارية والمحلات بمختلف الأنشطة إلا بعد استكمال الاشتراطات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، لتسهيل دخولهم وخروجهم داخل المباني والمواقف الخاصة بهم. ويقضي القرار بإلزام كل الجهات التجارية بعمل ممرات ومنحدرات وإزالة أي عوائق تعيق تنقلاتهم، مع تخصيص مقاعد لهم بالمطاعم وأماكن الصلاة، وتنظيم دورات مياه تلائم احتياجاتهم.
وذكر عضو المجلس البلدي فهد الملحم لـ «اليوم» إنه منذ بداية اشتراكي في المجلس البلدي كان همي الاول خدمة هذه الفئة وانا اعتبر هذا حقا من حقوقهم وليس منا أو تفضلا أو تكرما، وأسعى لتحقيقها.
وقد تبنى المجلس هذه الرؤية وسماها الأحساء صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة، وقد بدأنا زيارة الاماكن التي تحت الانشاء مثل جبل القارة والشعبة وخطتنا ان جميع المرافق في البلد يستطيع ذوو الاحتياجات الخاصة الوصول اليها سواء حكومية أو أهلية وبعد زيارات استطعنا أن يعلن أمين أمانة الأحساء عن تنفيذها. وعن مدى جدية تنفيذ القرار أضاف الملحم أن هذه القضية إصرار لشخص مؤمن بالفكرة لان هذه الفئة جزء منا وهذا جزء من حقوقهم، وقد لا أكون معاقا، لكن ربما يكون صديقي أو أخي، فنحن نلامس أشخاصا في حياتنا اليومية. ويقول المعاق سلطان العميري: لقد استبشرنا بهذا القرار، حيث كانت لدينا معاناة كثيرة، حيث لا توجد مواقف مخصصة للمعاقين في الأحساء سوى على طريق قطر أو الرياض.
أما وسط المدينة فإن وجد ترى أحد الأصحاء واقفا، أما عن حركة الكرسي فغالبا ما أواجه الارتفاع في المنحدر العالي فاضطر لمساعدة الآخرين رغم أنني أود الاعتماد على نفسي، وكذلك غطاء تصريف المياه يشكل لي خطرا كبيرا، حيث كنت سأسقط من على الكرسي عدة مرات بسببه. ويضيف المعاق صالح الملحم «موظف»: هذا شيء نأمله منذ زمن، ونتمنى عدم وجود أي عائق بعد تطبيق هذا القرار، حيث نعاني في مباني الدوائر الحكومية والمرافق التجارية من ارتفاع المنحدر الذي لا يتطابق مع المواصفات والمقاييس العالمية التي يدرسها كل معماري، حيث تراعى مساحة الطول والزاوية، كذلك أواجه مشكلة عندما اذهب إلى مناسبة ما لعدة ساعات فاضطر إلى الذهب للحمام، لكن غالبية الحمامات غير مهيأة. وذكر المعاق عبدالعزيز الملحم ان 30% من الاماكن الموجودة في الأحساء تتوافر بها خدمات للمعاقين، لكن نستبشر بعد القرار ان تكون 100% في المدارس والمحلات التجارية والاماكن السياحية كي يسهل علينا الوصول لها. المعاق نايف خليفة الظفر يتمنى المعاق أن يذهب إلى الأماكن الذي يذهب لها السليمون في حياتهم اليومية، حيث تجول شوارع الأحساء ولا يوجد في كل شارع إلا منزلق أو منزلقان لدخول المعاقين وغالبا يكونون في الموقع غير الصحيح أو ليس بالشكل المناسب.
وذكر المعاق ياسر السليم: كان القرار بشرى لذوي الاعاقة ويشمل كل ما نحتاجه فقد كنا محرومين من النزهة مع الاسرة والذهاب للمسجد وملعب كرة القدم ومشاركة المجتمع في الحفلات الرسمية. وقال المعاق عبدالله الشمري: أنا أحرم من أشياء كثيرة منها الخروج مع الاصدقاء والحضور للمناسبات العائلية بسبب البنية التحتية.
وقال مدير عام جمعية الأشخاص ذوي الإعاقة بالأحساء عبداللطيف الجعفري: إن القرار الذي أصدرته الأمانة لا شك في أنه جاء في وقت مهم جدا لمدينة الأحساء بسبب أن هناك مجموعة كبيرة من الاشخاص ذوي الاعاقة سواء حركية أو غيرها ويحتاجون إلى توفير بيئة مناسبة للاستفادة من جميع المرافق الموجودة في الاحساء.
وأضاف: هذا القرار مبني على قرار سام خاص بتهيئة البيئة العمرانية والوصول الشامل لذوي الاعاقة. وأضاف: نحن في الجمعية معنيون مع الامانة بهذا الجانب، ونحن نسير في طريق واحد، وهذا القرار قوة لنا في سبيل المساهمة في تثقيف وتوعية المجتمع، فنحن يدا بيد في الامانة لتنفيذ هذا القرار.
متطلبات وأمنيات نسائية
متطلبات وأمنيات تبثها نساء من ذوي الاحتياجات الخاصة ويشيدن بقرار منع تراخيص البناء غير المستوفية لشروط المعاقين وصرحن بقولهن: إن العمل على ذلك سيتيح فتح باب الأمل لدى الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة بما يعينهم على خدمة أنفسهم دون اللجوء لمعين. وتأملن أن تكون المنشآت سواء حكومية أو غيرها تصمم بطريقة تعينهن وتسهل عليهن الحركة والتنقل دون عوائق. وتقول بثينة الطاهر (معاقة حركية): بالنسبة للقرار رائع جدا ولو طبق فعلا فسوف يتغير الكثير من الأشياء التي تستطيع أن تقدم لنا الخدمات، حيث إننا نواجه صعوبات كبيرة في الذهاب مثلا للمشاغل النسائية أو استديو تصوير كون أغلبها يكون بها درج رفيع يصعب علينا صعوده. وأضافت آلطاهر بقولها: أتمنى توفير دورات مياه خاصة بالمعاقين في الأماكن العامة بحيث تكون بحجم مناسب حتى نستطيع خدمة أنفسنا دون معين. وتشاركها الرأي أم لطفلة معاقة (وضحى) حيث بدأت حديثها بقولها: بالنسبة للمنشآت الحكومية أو غيرها فنحن نعاني منها وبقوة، حيث إن ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون أشياء كثيرة كفيلة بأن تجعلهم حبيسي البيت دون التفكير لمجرد فكرة في الخروج للتنزه أو الزيارات لعدم توافر خدمات تعين هؤلاء. وأضافت أم وضحى: نحن عائلة نتعب من حمل طفلتنا والذهاب بها للتسوق مثلا أو للتنزه والبعض للمسجد لعدم توافر خدمات تسهل تنقلات المعاقين، فقرار منع التراخيص للبناء غير مستوفية لشروط المعاقين قرار صائب ونتمنى العمل به. وبينت خديجة السكيني (معاقة حركية) بقولها: أرى ضرورة الالتزام باللائحة والاشتراطات الخاصة بالخدمات البلدية المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة، ولابد من توجيه هذا القرار لكافة أمانات المناطق والمحافظات وأخذها في الاعتبار عند الشروع في التصميم والترميم بهدف تيسير حركتهم وتهيئة الاوضاع والأبعاد المناسبة لهم في الأماكن التي يرتادونها. وطالبت السكيني الأمانات والبلديات بأخذ الاحتياجات العامة والضرورية للمعاقين بعين الاعتبار عند تنفيذ مشاريعها أو تطويرها وتمكين المعاقين من المشاركة في الحياة الاجتماعية ودمجهم فيها بحيث يساهمون في تنمية المجتمع الذي يعيشون فيه. وتحدث عبدالله خليفة الزبدة (الكاتب والناشط في حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة) بقوله: وصلنا في المجتمع إلى درجة عالية من الوعي بقدرات الاشخاص ذوي الإعاقة، فنجدهم اليوم شركاء في تطوير المشاريع الخاصة بهم، من خلال مشاركتهم في فرق العمل التي تسعى لتطوير وتنفيذ المشاريع والبرامج التي تستهدف هذه الفئة. ومن أهم هذه المشاريع تهيئة البيئة العمرانية التي تهدف إلى المساواة من حيث سهولة الحركة والتنقل. فالمجتمع مكان للجميع واعطاء الفرص المتكاملة لجميع فئاته بمن فيهم الاشخاص ذوو الإعاقة، وترسيخ مفاهيم التكافل الاجتماعي والتعاون في خدمة المجتمع ونهوضه كوحدة متكاملة بكافة عناصرها، وهي تهدف بالتالي إلى تقليص التمييز أو الإساءة لذوي الإعاقة من خلال البيئة المعيقة لحركتهم بسبب عدم التهيئة، ما يعزز الخطوة التي اتخذتها امانة الأحساء في جعل المنطقة صديقة لذوي الاعاقة. وبهذا القرار تكون الأحساء وضعت قدما على أول خطوة في طريق المنطقة حسب رؤية المملكة 2030 وهي تأهيل الأماكن السياحية ومطابقتها لكل المعايير والمواصفات. وعلقت المهندسة منال المُصبح (عضوة هيئة تدريس في جامعة الأمير محمد بن فهد) بقولها: اتمنى ان تطبق في كل الامانات فهي من الحقوق الواجب علينا مراعاتها. سنرى المعاقين وكبار السن يتجولون دون الاستعانة بمرافق بعد تطبيق universal design في جميع التصاميم. نحن متفائلون بأن التعليم الحديث والتطبيق الدقيق مع الضبط سيولد رؤية مستقبلية ناجحة بإذن الله. واستطردت المُصبح بقولها: كأكاديميين يتعلم الطلاب في جامعاتنا أن المعاق (باختلاف انواع الاعاقات) وكبير السن لهما الحق في التجول في أي مبنى دون مساعدة، وعلى الطالب ان يدرس جميع احتياجاتهم وفي حالات الاخلاء والطوارئ ايضا. وتحدثت سارة المطلق (رئيسة قسم العمارة والتصميم النسائي بأحد المكاتب بالدمام) قائلة: تماشيا مع رؤى المملكة، فإن قرار الأمانة بمنع الرخص عن أي بناء غير مستوف للاشتراطات الخاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب تطلعاته الإنسانية، فإنه متطلب حضاري يعكس مستوى سمو الثقافة المحلية. وأضافت المطلق: ومن أهم خطوات استيفاء كود البناء السعودي وكود البناء العالمي الذي يحقق سلامة وأمان المباني واستيفاء الشروط الصحية والمتطلبات الإنسانية. ولا شك في أن مثل هذه القرارات التي تتوجه لها الحكومة وتؤيدها الأمانة مشكورة، مما يستبشر به نحو تحقيق بيئة صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة، تعيد العلاقة الصحية والطبيعية لهذه الفئة مع المجتمع، وتؤمن لهم ولذويهم حياة أيسر.