الأنظمة وتمكين المرأة
هيا عبدالعزيز المنيع
الأمر السامي الكريم رقم (33322) الذي صدر الأسبوع الماضي والمرتكز على مساواة المرأة بأخيها الرجل في الحصول على الخدمات المقدمة من الأجهزة الحكومية، مع تأكيد الأمر على ألا يكون هناك مستند نظامي يمنع، وأيضا التأكيد على الأجهزة الحكومية لمراجعة أنظمتها والرفع لمجلس الوزراء بما لا يتجاوز ثلاثة أشهر، مع توجيه هيئة حقوق الإنسان بنشر الثقافة الحقوقية والتوعية بالاتفاقيات التي وقعت عليها المملكة والبنود التي تحفظت عليها، ثلاث نقاط مهمة وتستحق الوقفة أمامها.
الأمر السامي يكشف بوضوح الإرادة الملكية في تغيير وضع المرأة مع الأنظمة بما يتفق مع استحقاقاتها باعتبارها مواطنة وشريكا في المشروع التنموي، وأنه حان وقت المراجعة والتطوير دون إخلال بثوابت الدين.
واقع المرأة السعودية وإلى سبع سنوات مضت تقريبا كان محاطا بسياج المنع دون مرتكز شرعي في بعضها، بل كانت رؤى أفراد مرتكزة على العرف، إلى أن بدأ الملك عبدالله رحمه الله بتفكيك تلك القيود فكان عملها في القطاع الخاص يتوسع حيث باتت المرأة جزءا من الفضاء العام خارج أسوار المدرسة والمؤسسة الاجتماعية ثم دخولها الشورى والانتخابات البلدية ليأتي الملك سلمان حفظه الله بنقلة أخرى لتفكيك تلك القيود على المستوى العملي بتعيينها في مراكز وظيفية عليا كما نصت على ذلك الرؤية السعودية 2030، والآن وبالأمر السامي بإعادة النظر في الاشتراطات النظامية الحكومية وهي خطوة نوعية ننتظر نتائجها الأهم بعد ثلاثة أشهر وهي المهلة التي أعطاها الملك للأجهزة الحكومية لمراجعة أنظمتها، حيث أكد “حصر جميع الاشتراطات التي تتضمن طلب الحصول على موافقة ولي أمر المرأة لإتمام أي إجراء أو الحصول على أي خدمة مع إيضاح أساسها النظامي والرفع عنها في مدة لا تتجاوز 3 أشهر من تاريخ صدور الأمر”.
هنا يأتي دور هيئة الخبراء المطبخ الفعلي لصياغة الأنظمة وهيئة حقوق الإنسان في متابعة الأمر ومعالجة الخلل في بعض الأنظمة المعمول بها في بعض المؤسسات الحكومية والتي خضعت في أوقات ماضية للعرف الاجتماعي أكثر من الشريعة ولا تتفق مع واقع المرأة السعودية اليوم، وكما قلت في مقال سابق نحن نعاني من اضطراب النظام في المشهد النسائي، مثلا الأم الحاضنة تستطيع استخراج جواز لأبنائها ولا يمكنها لنفسها!
الأمر السامي الآن يضع المسؤولية في ميدان المؤسسات الحكومية لإعادة النظر في واقع تعاملاتها النظامية مع المرأة، فبعض الممنوعات نتاج تعاميم صدرت من وزراء لمواجهة موقف ما في زمن مضى.. واستمر العمل به رغم عدم وجود المنع في مستند نظامي.. خاصة أن جميع الأنظمة في المملكة العربية السعودية لا بد أن تكون متسقة مع نظام الحكم الذي أكد مواطنة المرأة ومساواتها بأخيها الرجل وفق ثوابت الشريعة الإسلامية، ولا يوجد أي استثناء لها في مضمون نظام الحكم إلا ما حرمه الشرع.
الأمر السامي نوعي في مطالبته المؤسسات الحكومية نفض الغبار عن أنظمتها التي مر عليها عشرات السنوات بل إن بعضها يناقض واقع المرأة والتحولات الوطنية، وفي إيقافه للممارسات الاستثنائية التي يقوم بها بعض المسؤولين اجتهادا دون مسوغ نظامي بضرورة وجود ولي أمرها فيما يخص تعليمها وعملها أو علاجها حيث لا يوجد نص نظامي يمنع ومن يقوم بذلك فهو اجتهاد تعسفي لا يتفق مع النظام أو حقوق الإنسان.