السعودة الوهمية وتضخم البطالة
حسين أبوراشد
التحوُّل في رؤية ٢٠٣٠، لن يحدث بين يوم وليلة، خاصَّةً بعد أن ظللنا لعقود تحت رحمة ارتفاع أسعار النفط، الذي خذلنا عند هبوط أسعاره في السنوات القليلة الأخيرة؛ لتظهر معه العديد من المخاطر التي أدَّت بدورها إلى تضخُّم البطالة، وتفاقم خطرها، فأدَّت إلى عجز اقتصادي واضح وملموس، ناهيك عن الأوضاع السياسيَّة التي تمرُّ بها المنطقة، عمومًا كان لابدَّ من رؤية للتحوُّل الاقتصاديِّ، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر أساس ورئيس لاقتصادنا، وكان يقتضي حدوث ذلك ضمن خطط التنمية؛ لكنَّه لم يحدث إلاَّ متأخِّرًا. ولنعد الآن إلى الرؤية، التي وضعت ضمن أهم أهدافها الإستراتيجيَّة السيطرة على نسبة البطالة المتنامية في المجتمع، وذلك بخفض معدل البطالة إلى ٧٪، وقد أكَّد سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد أنَّ الخطط التي تتبناها رؤية السعودية٢٠٣٠ ستوفِّر التهيئة للعامل، أو الموظف السعودي الدخول إلى سوق العمل، حيث تشير الإحصائيَّات إلى أنَّ الشباب دون سن ٣٠ يشكِّلون ما نسبته ٧٦٪ من المجتمع السعودي، الذي يوصف بأنَّه مجتمع الشباب، كما يمثِّل الإنفاق الحكومي المحرك الأساس للاقتصاد الوطني، والناتج المحلي؛ فالمشروعات الحكوميَّة هي المحرك الحقيقي للقطاع الخاص السعودي، وفي هذا الإطار كذلك أكَّد ولي ولي العهد بأنَّ الحكومة تخطط لبناء شراكات مع مؤسسات وشركات القطاع الخاص، بالإضافة إلى الشركات التي ستنشأ بناءً على الرؤية التي ستكون ملكيتها حكوميَّة بنسبة عالية، حيث سيكون لكلِّ الخطط دور واضح في توفير فرص العمل، ناهيك عن تشجيع الاستثمار الاجنبيّ، وإزالة جميع المعوِّقات، وفي الجانب الآخر، جانب رأس المال البشري، والاستثمار فيه ستضع الرؤية خطَّة للتدريب وتأهيل السعوديين للمنافسة في سوق العمل، بل وربط احتياجات التعليم باحتياجات السوق، وهذا الجانب المهم، أمَّا الجانب الآخر، والذي لا يقلُّ أهميَّةً، فهو ما يواجه سوق العمل في الوقت الراهن من تعثُّر غالبية الخطط، وتهرُّب القطاع الخاص من توظيف السعوديين، وتراجع معدلات التوظيف، وقد يكون البعض محقًّا في ذلك، ولأسباب عدَّة، منها -على سبيل المثال- التأخُّر في سداد المستحقَّات، كذلك توقُّف المشروعات الحكوميَّة، وهي المحرِّك للاقتصاد السعوديِّ، أيضًا فرض عمالة سعوديَّة على القطاع الخاص غير مؤهَّلة، أو مدربة، أضف إلى ذلك البيروقراطيَّة في المعاملات والإجراءات، وعدم منح التسهيلات المطلوبة، وتفشي ظاهرة السعودة الوهميَّة، وغير ذلك.
لذا يجب إعطاء الأولويَّة في المناقصات الحكوميَّة للمنشآت الملتزمة بالسعودة؟ كذلك أين التطبيق الصريح لبرنامج حماية الأجور؟ ثم أين القرار ١٢٠ لدعم فرص توظيف النساء، بعد أن ارتفعت بطالتهن إلى ٣٣٪؟ لماذا لم يتم الالتزام بقرار قصر التوظيف في بعض الوظائف على السعوديين في العديد من المهن المكتبيَّة والمحاسبيَّة؟ أين تطوير المناهج التي نادى بها الجميع لمواكبة سوق العمل؟
إنَّه لمن الضروري جدًّا التنبُّه إلى مثل تلك الأمور وغيرها، في سبيل الوصول إلى تحوُّل حقيقي، وتحقيق رؤية طموحة ينشدها الجميع.