«الصحة» تحاصر المزورين بعقوبتي السجن والغرامة
الدمام – منيرة الهديب
اعتبر قانونيون تمكين الممارسين الصحيين، الذين زوروا مؤهلاتهم، جريمة تندرج تحت النظام الجزائي للتزوير، مؤكدين أنها تهاون في صحة المرضى وإزهاق لأرواحهم، ممتدحين خطوة وزارة الصحة، بالتعاون مع الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، في إحالة المزورين إلى النيابة العامة، لاتخاذ اللازم في حقهم، مطالبين بتشديد العقوبات التي ستشكل رادعاً لغيرهم، فيما أخذت وزارة الصحة بمحاصرة المزورين وتضييق الخناق عليهم، من خلال عدد من الإجراءات التي أصبحت تتبعها لتوثيق الشهادات التي تقدم إليها.
وعلى رغم تشديد الرقابة على مؤهلات الممارسين الصحين فإن السجل القانوني لوزارة الصحة والهيئة السعودية للتخصصات الصحية يحفل بأسماء ممارسين صحيين، عملوا في المجال الصحي «بشهادات مزورة»، وذلك في القطاعين الحكومي والخاص، إذ كشفت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية في تقريرها السنوي الأخير عن ضبط ثلاثة آلاف و755 حالة تزوير، مؤكدة شهادات طبية لممارسين صحيين، منذ بدء عمل إدارة الوثائق في كانون الأول (ديسمبر) 2013 حتى نهاية عام 2015، فيما كما أعلنت وزارة الصحة السعودية أول من أمس إيقاف 57 كادراً طبياً يعملون في منشآت طبية خاصة، بسبب تزوير مؤهلاتهم. مشيرة إلى إحالتهم إلى النيابة العامة بحسب الاختصاص، لتطبق بحقهم العقوبات النظامية».
وبحسب التقرير السنوي الأخير للهيئة السعودية للتخصصات الصحية، فإن تخصص التمريض تصدّر الشهادات الطبية المزورة بعدد 2254 شهادة، فيما جاءت شهادات العلوم الصحية المساندة في المرتبة الثانية بـ659 شهادة مزورة، بينما بلغ عدد شهادات الأطباء المزورة 218، من بينها 75 شهادة طب بشري، يعمل 47 منهم في القطاع الخاص، و27 شهادة لعاملين في القطاع الحكومي، إضافة إلى 143 شهادة في طب الأسنان، منها 122 شهادة لعاملين في القطاع الخاص، و21 شهادة لعاملين بالقطاع الحكومي، فيما بلغ عدد شهادات الصيدلة المزورة 403 شهادات، إضافة إلى ضبط 221 شهادة خبرة مزورة». فيما يواجه الممارسون الصحيون «بشهادات مزورة»، والذين تم ضبطهم من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، بحسب الاختصاص، عقوبتي السجن والغرامة المالية، وذلك بعد التثبت من صحة التزوير». وأوضح المستشار القانوني محمد الهيجان لـ«الحياة» أن ما قامت به وزارة الصحة بالتعاون مع الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أخيراً، بإيقاف 57 كادراً طبياً مزوراً يعملون في منشآت صحية خاصة دليل وآكد برهان على حرص الدولة على سلامة المرضى والمواطنين، مشيراً إلى أن وجود أمثال هؤلاء ممن زاولوا هذه المهنة بشهاداتهم المزورة فيه ضرر كبير على المرضى من الأخطاء الطبية وضعف الكفاءة الطبية، وأن ما قام به هؤلاء من تزوير شهاداتهم، وتمكينهم من العمل، هو جرم عظيم يندرج تحت النظام الجزائي للجرائم والتزوير الصادر بالمرسوم الملكي م/11 وتاريخ 18-2-1435هـ، مؤكداً أن ذلك يعرضهم للغرامة والسجن بحسب إدانتهم، وذلك وفقاً للمادة الثامنة من النظام، والتي تنص على «من زور محرراً منسوباً إلى جهة عامة أو أحد موظفيها بصفته الوظيفية أو إلى أحد أشخاص القانون الدولي العام أو أحد موظفيه بصفته الوظيفية إذا كان للمحرر حجية في المملكة، يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال»، أو المادة التاسعة التي تنص على «من زور محرراً عرفياً، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على 300 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين».
فيما أكد المحامي أحمد الجليطي: «إحالة المتهمين بممارسة العمل الصحي بشهادات مزورة إلى النيابة العامة، وذلك وجود الشبهة الجنائية». وقال لـ«الحياة»: «فرض النظام عقوبات على من زور خاتماً أو علامة منسوبة إلى جهة عامة أو إلى أحد موظفيها بصفته الوظيفية، أو زور خاتماً أو علامة لها حجية في المملكة عائدة لأحد أشخاص القانون الدولي العام، يعاقب بالسجن من سنة إلى سبع سنوات، وبغرامة لا تزيد على 700 ألف ريال». كما يعاقب كل من جلب إلى المملكة أو حاز أياً مما نص على تجريمه، كما يجوز نشر الحكم بالعقوبة الواردة في هذا النظام زيادة في الزجر، وذلك بالتشهير بهؤلاء، الذين أقل ما يطلق عليهم «المزورون» واتخاذ الإجراءات القانونية كافة ضدهم هم وأمثالهم، حفاظاً على حياة مرتادي هذه المنشآت الطبية.
الشريف: المتهمون معهم فرصة لإثبات صحة مؤهلاتهم
< أوضح المحامي والمستشار القانوني مشعل الشريف لـ«الحياة» أنه في مثل هذه الحالات تتم إحالة المتهمين إلى النيابة العامة، وذلك للتحقيق والتأكد من مؤهلاتهم، كما يعطون فرصة لإثبات صحة مؤهلاتهم، وأضاف: «إن لم يتم إثبات صحة المؤهل الطبي تتم إحالتهم إلى المحكمة الجزائية، وإذا تم إثبات تزوير الشهادة الصحية، حكم على المتهم بالسجن مدة تصل إلى خمس سنوات، وغرامة مالية تصل إلى ٥٠ ألف ريال، وذلك للمواطنين منهم، فيما يتم إيقاف وترحيل المقيمين منهم ومنعهم من دخول المملكة، مع إشعار الهيئة السعودية للتخصصات الصحية لما يؤول إليه الموضوع». وشدد الشريف على دور الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، في التأكد من صحة المؤهلات الطبية للأطباء العاملين في المراكز والمستشفيات الصحية في المملكة، وقال إن الهيئة تعمل بجهد في وضع اختبارات دقيقة جداً للأطباء، وذلك للتأكد من كفاءتهم ومؤهلاتهم، في ما يخدم المواطن والمصلحة العامة، وخصوصاً أن المهنة الطبية حساسة جداً تمس حياة الإنسان، إذ حرصت الهيئة في شكل دقيق على عمل اختبارات وفحص المؤهلات العلمية وإجراء اختبارات دورية للتأكد من جاهزية وصلاحية الأطباء.