العنف الأسرى يهدد المجتمع.. 1.5 مليون واقعة سنوياً بمعدل 2741 شهرياً..70% يرتكبها الأزواج و20% الآباء.. 52% منها بالسكين و5% تعذيباً حتى الموت
كل شىء تغير وانحرف عن مساره الطبيعى داخل البيوت المصرية، فبعد أن كانت المأوى والملجأ الآمن تحولت لساحة قتال وبؤرة لممارسة العنف، جرائم بشعة تحدث كل يوم، حرق وخنق وقتل.. إنها الظاهرة الأخطر «العنف الأسرى»، حيث أكدت إحصائية للمركز القومى للبحوث الاجتماعية و الجنائية أن 92%من الجرائم الأسرية تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشرف 70% منها ارتكبها الأزواج ضد زوجاتهم و20% ارتكبها الأشقاء ضد شقيقاتهم بينما ارتكب الآباء 7% فقط من هذه الجرائم ضد بناتهم والنسبة الباقية وهى 3% ارتكبها الأبناء ضد أمهاتهم، واتضح أن 70% من هذه الجرائم اعتمدت على الشائعات، وكشفت تحريات المباحث فى 60% منها أن السبب سوء ظن الجانى بالضحية، وأنها ليست فوق مستوى الشبهات. وعن أداة الجريمة قالت الإحصائية، إن 52% من هذه الجرائم ترتكب بواسطة السكين أو المطواة أو الساطور، وإن 11% «إلقاء من مرتفعات» و8% بالسم و5% بالرصاص و5% تعذيب حتى الموت. وعن تطور العنف وزيادته داخل البيوت أكدت الإحصائية أن الضرب احتل نسبة 29.5%، وجاء أسلوب التوبيخ والسباب فى المرتبة الثانية بنسبة 24.1%، ثم أسلوب الحرمان من الأكل أو المصروف بنسبة 20.8% والنصح والإرشاد بنسبة 18.2% والضرب باستخدام آلة 6.3% والتوبيخ أمام الناس 9% واللسع بالنار 2% وارتفعت الجرائم العنف الأسرى خلال عام واحد إلى مليون و500 ألف «عنف» بمعدل 2741 حالة كل شهر. وتعرض «اليوم السابع» فى هذا التقرير بعض الحالات التى توضح تفشى العنف الأسرى، ومنها تعذيب رجل لابنته حتى الموت بسبب «كثرة بكائها» فى مصر القديمة.. المشهد بدأ فى منزل دمرته الخلافات الأسرية، بعد أن فضلت الزوجة الانفصال عن الزوج الذى يتعاطى المخدرات، ولكن الزوج يتمسك بابنته الصغيرة، ويتزوج بأخرى لتشاركة فى جريمة بشعة، عندما علت صراخات «ندى» التى تبلغ من العمر 4 سنوات وعدم استجابتها لطلب والدها بالكف عن البكاء، ليهرول إليها «الأب» فى حالة من فقدان كل ما حوله بسبب ما يتعاطاه من مواد مخدرة وينظر إليها بوجه ملىء بالغضب ويقرر معاقبتها بصحبة زوجته كى تستجيب لتعليماته وانهالا على الصغيرة بـ«عصا حديدية» حتى ماتت. وفى واقعة ثانية عذب عامل ابنته وقتلها انتقاما من زوجته التى غادرت المنزل بسوهاج.. وفى التفاضيل دبت الخلافات الزوجية داخل منزل بإحدى قرى الصعيد فهربت الزوجة إلى بيت أهلها تاركة طفلتها لتؤدبه، وفى لحظة فرغ شحنة الغضب التى أعمته فى «داليا» البالغة من العمر 4 سنوات وانهال عليها بالضرب على وجهها وصدرها بينما ظل يحاصرها بالعض والحرق حتى ماتت. وهذه زوجة تصعق ابن زوجها بالكهرباء حتى الموت.. فقد تجردت من كل المشاعر الإنسانية، وعذبت الطفل «أحمد» 11 عاماً بصعقه بالكهرباء، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ووارجعت المتهمة «ناهد. م. ا» قتلها للصغير بـ«سوء» سلوكه. وفى واقعة أخرى ألقى عاطل ابنته فى النيل، بعد فشله فى إيجاد ما يطعمها به بالجيزة.. كانت البداية بعودة المتهم إلى المنزل وعندما سألته الطفلة التى تبلغ من العمر 6 سنوات ببرءاة عن الطعام رد بغضب ونهرها لتبكى بسبب الحرمان فاصطحبها وألقاها فى النيل. وقتل رجل زوجته بسبب تأخرها فى إعداد الغداء.. كان ذلك عندما عادت الضحية مسرعة من عملها وهى منهكة وقررت أن تستريح قليلا من زحمة المواصلات، وفجأة سمعت صوت الزوج فقامت مفزوعة إلى المطبخ محاولة إعداد الغداء أثناء تغيير ملابسة لكن الوقت خذلها.. وجلس الزوج على المائدة ليفاجأ بعدم إعداد الطعام فضرب زوجته وتطورت المشكلة فطعنها بالسكين لتفارق الحياة. وهذا طفل قتل والده بالشرقية، بعد أن ضربه بسبب حصوله على درجة «19 من 20» فكعادته وبخ الأب ابنه «سعد» البالغ من العمر 17 عاما بسبب تدنى مستواه وحصوله دائما على درجة «19\20» فى دروسه، وقال له: «أنت غبى، فاشل فاشتبك معه وقتله بالخطأ». وقتلت مراهقة أخاها الذى اعتاد التحرش بها جنسيا فى الغردقه.. المتهمة البالغة من العمر 18 سنة تنتمى إلى أسرة من 5 أفراد 3 ذكور وفتاتان، الأم والأب فى العمل.. تحرش العاطل «28 سنة» لیلاً بالمتهمة أكثر من مرة فأخبرت والدتها التى تجاهلت الموقف وقالت لها لها «أخوكى بيهزر معاكى» لكن الأمر ازداد سوءاً عندما استغل القتيل غیاب أهله واعتدى عليها جنسيا فطعنته بالمقص ومات. وفى أسيوط قتل زوجته بسبب إنجابها بنات.. كان يريدها أن تنجب كل عام لتأتى بالولد لكنها أنجبت 5 بنات فقرر إنهاء حياتها وذات ليلة خنقها وهى نائمة. من جانبها قالت د. سارة كرم، إخصائى علم نفس لـ«اليوم السابع»: العنف الأسرى يعرف بأنه الاستعمال المتعمد للقوة الجسدية أو اللفظية، سواء بالتهديد أو الاستعمال الفعلى ضد الذات أو ضد شخص آخر أو مجموعة، بحيث يؤدى إلى حدوث إصابة أو موت أو ألم جسدى وإيذاء نفسى، كما يشمل التهديد بالاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفى ضد أفراد الأسرة. وأضافت إخصائى علم نفس: یمكن تقسیم الدوافع وراء العنف الأسرى إلى دوافع ذاتیة تنبع من الإنسان بعد أن تكونت داخله نتیجة الإهمال وسوء المعاملة والعنف الذى تعرض له فى طفولته وأدت إلى تراكم نوازع نفسیة مختلفة قادته إلى التعویض باللجوء للعنف داخل الأسرة، ودوافع اقتصادیة، حيث یلجأ الأب لاستخدام العنف تفریغا لشحنة الفقر، ودوافع اجتماعیة، تتمثل فى العادات والتقالید التى تكون تربة خصبة لظهور العنف. وأوضحت «كرم» أن من أبرز أنواع العنف الأسرى هو العنف ضد المرأة والذى تعددت أسبابه، منها نشأة الزوج فى أسرة یسودها العنف، الثقافة السائدة والتى تؤید ممارسة الرجل للعنف، الإساءة للمرأة باعتبارها ضربا من ضروب الرجولة وذلك لحمایة نفسه من أن یوصف بالمحكوم أو الضعیف. وقال الدكتور جمال جبر، المتخصص فى علم الاجتماع: یترك العنف الموجه ضد أفراد الأسرة آثارا مدمرة تصل إلى ارتكاب أفرادها جرائم تحت تأثير الغضب كما تصاب المرأة، بصفة خاصة حيث إنها الحلقة الأضعف بعد الأطفال بآثار واضحة، سواء صحیة جسمیة نفسیة واقتصادیة. وعن كیفیة التعامل مع مشكلة العنف الأسرى قال المتخصص فى علم الاجتماع: يجب أن نواجه الظاهرة حتى نحد من الجرائم الأسرية، التى لا تخلو صحفنا يوميا ووسائل الإعلام من الحديث عن العشرات منها، عبر تطویر برامج داعمة موجهة للأسرة تسعى إلى تقدیم خدمات وبرامج فى التربیة السلیمة للأطفال وتقدیم الدعم والخدمات من خلال الحوار من أجل أداء أفضل للأسرة، وتقدیم الدعم للأسر المفككة أو المهددة بالتفكك الاجتماعى من أجل المحافظة على الأطفال. وأكدت الدكتورة نوال علام، أستاذ القانون الجنائى: الجريمة داخل الأسرة لا ترتبط بالفقر ولا تقتصر على طبقة معينة وإن كانت النسبة ترتفع قليلا بين ذوى التعليم المنخفض. وعن أسباب جرائم القتل العائلية قالت «علام»: زادت فى الآونة الأخيرة بسبب طغيان المادة على الحياة الأسرية وغياب المودة والتعاون والترابط وكذلك العلاقة بين الزوج وزوجته والسعى إلى توفير حاجتهما المادية على حساب العلاقات الإنسانية. ومن أسباب العنف الأسرى- قالت نوال-: عدم الاختيار الصحيح للزوجين وضغوط الحياة فى العمل والمواصلات والأعباء المنزلية ومشاكل الدراسة والدروس الخصوصية ما يجعل أفراد الأسرة أشبه بالقنابل القابلة للانفجار فى أى وقت. وعن رأى الدين قال د. سالم عيد، الأستاذ بكلية أصوال الدين جامعة الأزهر، إن جرائم القتل الأسرية التى ترجع إلى قلة الوازع الدينى، وقلة الإيمان أفرزت لنا الكثير من الأشياء الغريبة عن مجتمعاتنا.
المصدر : صحيفة اليوم السابع