العنف «سرطان» يصنعه الخوف من «العيب والفضيحة»
المدينة – أبها
على اللرغم من تنويع برامج مواجهة العنف المجتمعى في كافة القطاعات ابتداء من المنزل والمدرسة ومرورًا بالشارع والقطاعات الحكومية والخاصة، إلا أنه ينمو بشكل متسارع، حتى بات يمثل ما يشبه القاعدة المتعارف عليها، وذلك نتيجة ضعف الوعى والقبول بالانتهاكات النفسية والعضوية خشية الفضيحة، وفيما يؤكد البعض على أهمية المكاشفة وفضح السلوكيات التي تنم عن عنف بمختلف أنواعه، يتساءل آخرون عن أسباب ارتفاع نسبة العنف بمختلف أنواعه إلى 45% عند الأطفال بحسب دراسة برنامج الأمان الأسري مؤخرًا، وفي مقابل تلك الرؤية، يرجع آخرون الظاهرة إلى التغيرات المجتمعية الراهنة وأبرزها وسائل التواصل الاجتماع وتنوع الجرائم وغياب القدوة واحترام الكبير.
الصحة: لا تهاون مع المعتدين على الممارس الصحي
أكدت الإدارة العامة للتواصل والعلاقات والتوعية بوزارة الصحة عدم التواني في اتخاذ الإجراءات والمطالبات القانونية ضد كل من يعتدي لفظيًا أو جسديًا على أي ممارس صحي أو موظف من منسوبيها، وشددت على سلامة كافة منسوبيها وكوادرها وأنها لن تقبل بأي حال المساس بهم أو الاعتداء عليهم لفظيًا أو جسديًا، ولن تألو جهدًا في سبيل حمايتهم واتخاذ كافة الإجراءات النظامية بما يكفل الحفاظ على حقوقهم ورد الاعتبار لهم في حالة تعرضهم لأي أذى، وأوضحت أن ذلك يأتي إيمانًا منها وحرصًا على الالتزام برعاية حقوق الجميع من مستفيدين وموظفين.
الحارثي: كتم الانتهاكات يفاقم العنف
قال المستشار القانوني عوض الحارثي: إن نظام الحماية من الإيذاء جرى تفعيله ويتمتع بمرونة كبيرة لمواكبة أي مستجدات من خلال مراجعة وتقييم اللائحة التنفيذية كل عامين، وترفع وكالة وزارة العمل للرعاية الاجتماعية للوزير بما تراه من مقترحات حيالها، داعيًا الوزارة إلى ضرورة شرح وتبسيط نظام الحماية من الإيذاء ونظام حماية الطفل من الإيذاء، كما يقع عبء مماثل على القانونيين والإعلاميين ووزارة التعليم لكي ينشأ الطالب على معرفة القوانين وحقوقه في ظل ثقافة متجذرة تُؤثر التكتم والصمت على مثل هذه الانتهاكات، ظنًا منها أن الحفاظ على العلاقات مهما كانت مشروخة أنجع من اتباع الأساليب النظامية؛ التي وإن كانت تكفل حق المتضرر إلا أنها تنكأ جرحًا لا يراد له أن يظهر حتى وإن كان ذلك لازمًا في سبيل التداوي، ورأى أهمية الحاجة إلى أنظمه جديدة مع تفعيل القائمة من أجل مواجهة المتغيرات الاجتماعية.
التعليم يطلق برنامج «رفق» لخفض العنف المدرسي
دعا محمد الفيفى المتحدث الرسمي للإدارة العامة للتعليم بمنطقة عسير إلى تكثيف الجهود للحد من العنف المدرسي والأسري وترسيخ رسالة المدرسة الرامية إلى رعاية الطلاب والطالبات من جميع النواحي التربوية والنفسية والاجتماعية والسلوكية، لافتًا إلى إطلاق إدارته البرنامج الوزاري الوقائي العلاجي (رفق) لخفض حالات العنف المدرسي بأشكاله في جميع المراحل الدراسية (ابتدائي/ متوسط/ ثانوي)، ولفت إلى تكثيف البرامج التوعوية الوقائية للتعريف بالعنف وآثاره، وإطلاق حملات إعلانية وخط مساندة بمعدل أسبوع لكل فصل دراسي واستمرار التفعيل خلال العام الدراسي كاملاً.
وأشار الفيفي إلى إقامة ورش عمل داخل المدارس للطلاب والطالبات وأولياء الأمور لنشر الأساليب المضادة للعنف وأسس التربية الصحيحة، مع المشاركة في أندية الحي لإقامة ورش عمل توعوية، مؤكدًا على التعاون مع الجهات المختصة في رفع البلاغات عن الحالات المعرضة للعنف ومتابعة الإجراءات واستقبال بلاغات خط مساندة الطفل والعمل على الوصول للحلول العاجلة، والتواصل مع أولياء الأمور الذين يتعرض أبناؤهم للإساءة والإهمال.
ولفت إلى أن إدارة التوجيه والإرشاد (بنين، وبنات) تتابع مع المدارس جميع حالات العنف المكتشفة فضلاً عن تكوين شراكات مجتمعية مع العديد من الجهات لنشر ثقافة الرفق والحد من الآثار المترتبة على العنف بشتى أنواعه.
4 محاور لمواجهة العنف في برنامج (الأمان الأسري)
يهدف برنامج الأمان الأسري الوطني الذي تم تدشينه في 2006 لمحاربة العنف الأسري والدفاع عن حقوق الأفراد من ضحايا هذا النوع من العنف من خلال التوعية الشاملة بهاتين الظاهرتين، والشراكة والتضامن على المستويين الرسمي والأهلي، وإيجاد البرامج الهادفة لرعاية المتضررين ورفع المعاناة عنهم وتعزيز دور المملكة في المجالات الإنسانية بالعمل على إعداد الأنظمة والسياسات الوطنية لمكافحة العنف الأسري وإيذاء الأطفال.
وتتضمن مجالات عمل البرنامج إنشاء السجل الوطني لحالات إيذاء الأطفال بالتعاون مع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لتسجيل الحالات وتوثيقها، مما يوفر قاعدة بيانات علمية يمكن الاستفادة منها في إجراء البحوث العلمية والدراسات الإحصائية والعمل على عقد اجتماعات دورية مع ممثلين من القطاعات الحكومية وكذلك المؤسسات والجمعيات الأهلية والخيرية المعنية لبحث أوجه التعاون المشترك، وإنشاء مراكز لمعالجة إساءة معاملة الأطفال والعنف الأسري في المستشفيات الكبرى وإقرار إلزامية التبليغ عن حالات العنف الأسري وإساءة معاملة الأطفال على العاملين بالقطاعات الصحية الحكومية والخاصة بالمملكة.
الجعيد: قاعدة معلومات لضبط الجرائم الإلكترونية
دعا الدكتور أصيل الجعيد أستاذ القانون الجنائي إلى ضرورة إعداد قاعدة معلومات متكاملة وإحصاءات موثقة لقضايا العنف لمعرفة مدى انتشارها في المدن أو القرى وبناء عليها تتخذ القرارات من صاحب الصلاحية، ولفت إلى صعوبة السيطرة على الجرائم الإلكترونية بشكل عام والأخلاقية بشكل خاص لاسيما في ظل ضعف الوعي التقني والعادات والتقاليد في المجتمع السعودي لأن انتشار صورة امرأة أو رجل في وضع غيرمناسب يدمر سمعتهما للأبد. ودعا إلى توفير قنوات سريعة إلكترونية للشكوى، منوهًا بجهود وزارة الداخلية عبر برنامج (كلنا أمن) تفعيلاً لمبدأ (الشرطة المجتمعية) وتكاتف الجميع مواطنين ومقيمين نحو مجتمع الأمن والأمان، وعاد بالذاكرة إلى الوراء، مشيرًا إلى أن هذه الفكرة زرع بذورها صاحب السمو الملكي الأمير نايف -رحمه الله- في خطابه الذي ذكر فيه أن المواطن رجل الأمن الأول، وأشار إلى أن المشرعين يواجهون مشاكل عدة بشأن الجرائم الإلكترونية أهمها ضعف الوعي التقني وظهور أشكال جديدة من الجرائم الإلكترونية مما يؤدي إلى إفلات المجرمين من العقوبة، داعيًا إلى تطورالقانون الجنائي بنفس سرعة التقنية حتى يتحقق الردع مع تعميم النصوص الجنائية الإلكترونية والتوسع في التجريم، وأشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في إحداث فجوة كبيرة في التعاملات الإنسانية بشكل عام والأسرة بشكل خاص، مشيرًا إلى أنه في السابق كنا نذهب في الأعياد لزيارة الناس والآن يكتفى برسالة نصية بل أحيانًا الأبناء في بيت واحد يرسلون لأبيهم وأمهم عن طريق الواتساب، ودعا إلى أهمية معرفة السوابق الجنائية للمستقدمين وسيرهم بالكامل لأن (درهم وقاية خير من قنطار علاج) وطالب وزارة التعليم بتدريب الأساتذة على وسائل لحماية أنفسهم أسوة بمدارس أمريكا، بعدما تعرضت لموجة عنف من قبل طلبة مجرمين، ويجب أن يشمل ذلك الجانب الأمني والطبي وخطط الإخلاء أيضًا
وزارة العمل لا تتجاوب
تواصلت «المدينة» مع المتحدث الرسمي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل على مدار أسبوع كامل إلا أنه آثر الصمت وعدم الرد على التساؤلات رغم أن الوزارة هي المعنية بالدرجة الأولى بهذا الملف.
آليات المعالجة عبر (الأمان الأسري)
* تلقي البلاغات والاستشارات من مراكز معالجة العنف الأسري وإساءة معاملة الأطفال على مدار الساعة، والتواصل مع المراكز بشأنها فوريًا مع إبداء الرأي والمشورة المتخصصة.
* معاينة الحالات الواردة إلى مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني، وكذلك المحالة من المستشفيات والمستوصفات الأخرى.
* متابعة ضحايا العنف الأسري وإيذاء الأطفال دوريًا من قبل فريق متكامل في عيادات برنامج الأمان الأسري الوطني المتخصصة.
* اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بضمان حقوق ضحايا العنف وحمايتهم وأفراد أسرهم ضد أي تعديات مستقبلية.
* توفير الخدمات العلاجية والإرشادية للمعتدين، وإلحاقهم ببرامج تأهيل نفسية واجتماعية بالتعاون مع الشؤون الاجتماعية.
* التنسيق مع الجهات الأكاديمية والمنظمات والهيئات داخل المملكة وخارجها فيما يخص البرامج العلاجية والإرشادية في مجالي العنف الأسري وإساءة معاملة الأطفال أو إهمالهم.
* يمكن للمواطنين والمؤسسات الوطنية الحكومية والأهلية الانضمام إلى برنامج الأمان الأسري الوطني كأعضاء منتسبين أو عاملين بحسب رغبتهم باشتراك رمزي.
* تمنح العضوية الشرفية للشخصيات المتميزة التي تدعم أنشطة البرنامج الخيرية بشكل كبير وتقدم أعمالها الهادفة لتطوير البرنامج مستقبلًا.