المادة 77 وراء التسريح.. والإجازات تعرقل توظيف النساء أكد حاجة التنظيمات النقابية إلى أرضية صلبة
قال نضال محمد رضوان الرئيس السابق للجنة التأسيسية للجان العمالية: إن بيئة العمل في القطاع الخاص غير جاذبة للسعوديين؛ بسبب ساعات العمل والرواتب، مشيرًا إلى أن المادة 77 من نظام العمل أدت إلى تسريح الكثير من العاملين دون سبب مشروع. وقال في حوار خاص للمدينة بمناسبة الإعلان مؤخرًا عن تشكيل اللجنة الوطنية للجان العمالية: إن التنظيمات النقابية في المملكة تحتاج إلى أرضية صلبة وممهدة، متوقعًا تطور هذا المجال في المملكة قريبًا لمواكبة الدول الأخرى. ولفت إلى عدم رغبة الكثيرين في توظيف النساء؛ نتيجة بعض الامتيازات الخاصة بهن، مثل إجازات الحمل والولادة وساعات الرضاعة، داعيًا إلى ضرورة تعديل نظام العمل، وإلغاء المواد السلبية الموجودة على حساب العمال المواطنين، والعمل على توفير وسائل للنقل العام في جميع المدن، ووضع حد أدنى للأجور، وتخفيض ساعات العمل الأسبوعية، وتعظيم دور تفتيش العمل؛ للحد من تجاوزات بعض أصحاب العمل، فإلى نص الحوار:
عرفت خلال مسيرتك العمالية بمطالباتك الكثيرة لإصلاح بئية العمل، من خلال تقليص ساعات العمل، وإقرار إجازة اليومين وإغلاق المحلات في التاسعة لاستقطاب الشباب للقطاع الخاص، فهل تحققت هذه المطالب؟
كنت ولا أزال أؤمن بأن العمل في القطاع الخاص هو الأفضل للشباب السعودي؛ ولهذا كنت أطالب دومًا بتطويره، وتقليص الفجوات بين القطاعين العام والخاص؛ كي نضمن الاستقرار والاستمرارية للجنسين في القطاع الخاص، وهو ما يؤدي الى تقليص الاعتماد على الأيدي العاملة الأجنبية، وتخفيض معدلات الاستقدام والتحويلات المالية للخارج، وزيادة دوران المال داخل السوق المحلية، ويضمن لصاحب العمل والعامل المواطن على حد سواء الاستمرارية والاستقرار في علاقتهم العملية ويحقق مصالحهم. ولم يتحقق بعد الكثير في هذا الشأن، ولكني ما زلت متفائلًا بأن التطوير المتوازن قادم بما يحقق مصلحة العمال وأصحاب العمل.
تعديل النظام بالحوار والتشاور
كنت من أبرز المحذرين من توابع تعديلات نظام العمل، والذي أفرز المادتين 77 و78؛ ما أدى إلى ارتفاع البطالة، ورغم محاولات تعديلهما لكنهما أصبحا واقعًا لا يمكن تغييره، فمن تعتقدون يقف وراء ذلك؟
لا نستطيع أن نقول إن هاتين المادتين لا يمكن تغييرها؛ لأنهما كأي نظام أو قانون من صنع البشر، وتعديلهما يعتمد على تقييم الجهات المسؤولة كوزارة العمل والتنمية الاجتماعية ومجلس الشورى، بعد قياس نتائجهما وآثارهما على المجتمع والاقتصاد المحلي بشكل عام، والمواطن وأسرته بشكل خاص، وما زلت أعتقد أن التشاور والحوار بين أطراف الإنتاج هو الأساس الذي يجب أن يُستند إليه قبل إصدار أي تغيير أو تعديل في أنظمة العمل.
شاركت كخبير عمالي في العديد من الموتمرات العمالية الدولية، لماذا لا يوجد لدينا تنظيم نقابي للعمال يوازي صوت أصحاب العمل في الغرف التجارية ووزارة العمل ومجلس الشورى؟
التنظيمات النقابية تحتاج إلى أرضية ممهده وصلبة، والمسؤولون في المملكة كانت رؤيتهم في بدء إنشاء التنظيمات العمالية أن تكون في صورة لجان مُنتخبة داخل منشآت القطاع الخاص؛ تمهيدًا لتطويرها بما يتماشى مع المعايير الدولية، ويحقق مصالح المملكة وأبنائها. وكان هناك سابقًا لجنة تأسيسية لوضع الأطر القانونية والعملية والمالية، والتجهيز لإنشاء اتحاد للعمال يمثل الطبقة العاملة، وحاليًّا كما هو معروف توجد لجنة وطنية للجان العمالية أنشئت منذ أيام قليلة ماضية بقرار من وزير العمل والتنمية الاجتماعية، وفي اعتقادي أن ما هو موجود في العديد من الدول سيتحقق في المملكة قريبًا وبالشكل والمحتوى اللذين يفوقان الكثير من الدول التي سبقتنا بسنين طويلة. أما ما يتعلق بصوت العمال في مجلس الشورى فأتمنى أن يكون هناك من الأعضاء من يمثلهم، بداية من الدورة القادمة للمجلس.
رسوم العمالة على الوافدين
كيف تقيم جهود وزارة العمل الأخيرة في مجال التوطين بمجال المبيعات؟ وهل تتفق مع رأي كثير من المراقبين بأن رسوم العمالة على الوافدين تُسهم في رفع التوظيف؟
وزارة العمل تعمل على مراجعة سياساتها بناء على متابعة نتائجها، والبرامج التي تتبناها كافة تهدف إلى زيادة فرص العمل لأبناء الوطن، ووجود نتائج لبعض هذه البرامج لم ترتقِ لمستوى التطلعات لا يعني إيقاف العمل الجاد والتطوير المستمر. وقد أظهرت نتائج الهيئة العامة للإحصاء انخفاض نسبة البطالة في الربع الثالث من العام ٢٠١٨ عن الأول، وهو نتاج مجموعة من العوامل وليس فقط لأحدها، وبالإمكان تحقيق نتائج أفضل وأسرع إن وجد التنسيق والتشاور المستمر مع ممثلي القطاع الخاص من أصحاب العمل والعمال. وأعتقد أن الشد على أيدي الوزارة ودعمها مع تقديم الاقتراحات والتوصيات من ذوي الخبرة والاختصاص، سيساعدهم على تحقيق الأهداف كافة التي نتطلع إليها جميعًا.
هل كان وزراء العمل الذين عاصرتهم خلال فترة عملك كرئيس للجان العمالية راضين عن توجهاتك المتعلقة بمنح حقوق أكثر للعاملين في القطاع الخاص، وخاصة الشباب السعودي أو العكس؟
تشرفت بالعمل مع بعض وزراء العمل بدءًا بالدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- وانتهاء بالوزير السابق الدكتورعلى الغفيص. وكل له أسلوبه وطريقته في إدارة العمل، تعلمت منهم الكثير واتفقت واختلفت وجهات نظري معهم حول حقوق العاملين، وهو أمر طبيعي وصحي. غير أن أمرًا واحدًا جمعنا وهو الرغبة في خدمة الوطن والمواطنين. ونتمنى للوزير الحالي كل النجاح والتوفيق.
أسباب ارتفاع معدلات البطالة
ما أسباب ارتفاع بطالة النساء رغم الجهود الكبيرة المبذولة من الدولة لخفضها؟
الأسباب الرئيسة المسؤولة عن هذا الارتفاع هي قلة فرص العمل مقابل الطلب، وعدم مناسبة بعض الأعمال مع طبيعة المرأة، مثل العمل في المناجم والبحر وبعض الأعمال الميدانية، والأعمال في القطاعات العسكرية والأمنية إلا في نطاق محدود، ويضاف إلى ذلك عدم رغبة العديد من أصحاب العمل توظيف النساء؛ لوجود بعض الامتيازات الخاصة بهن، مثل إجازات الحمل والولادة وساعات الرضاعة، وتفضيلهم توظيف العمالة الوافدة على الوطنية. ولا شك أن وجود المادة 77 في نظام العمل تيسر لصاحب العمل تسريح العمالة الوطنية دون سبب مشروع؛ ما تَسَبَّب في فقدان العديد من الرجال والنساء لوظائفهم، وزيادة نسبة البطالة. كما أن هناك أسبابًا أخرى، منها محدودية فرص العمل في القطاع الحكومي، والعزوف عن العمل لأسباب عدّة، منها ضعف الأجور، وطول ساعات العمل في القطاع الخاص، وعدم توفر وسائل مواصلات عامة، وعدم توفر حضانات للأطفال في أماكن العمل إلا فيما ندر.
ولخفض نسبة البطالة لا بد من اتخاذ إجراءات عدّة، منها تعديل نظام العمل، وإلغاء المواد السلبية الموجودة على حساب العمال المواطنين، والعمل على توفير وسائل للنقل العام في جميع المدن، ووضع حد أدنى للأجور، وتخفيض ساعات العمل الأسبوعية، وتعظيم دور تفتيش العمل؛ للحد من تجاوزات بعض أصحاب العمل على العمال، وخاصة النساء، والتشديد على توفير حضانات للأطفال في مقر العمل، وإيقاف الاستقدام لفترة معينة؛ لإيجاد فرص عمل خاصة للنساء.