المرأة ونقص الأهلية .. إلى متى ؟ ( 2-2)
أنا لا أطلب أكثر ممّا أعطانا الخالق جل شأنه، وهو الاعتراف بالأهلية الكاملة للنساء البالغات الرشيدات، بمنحهن حق استخراج جوازات سفرهن وتجديدها، والسماح لهن بالسفر دون إذن أحد إن بلغن سن 25 سنة
د. سهيلة زين العابدين حماد
توقفتُ في المقال السابق عند حديثي مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ــ رحمه الله ـــ عن رفع الوصاية الذكورية عن المرأة السعودية، بالسماح لها بالسفر دون إذن من أحد ،حيث أجابني سموه بوجود نظام يسمح للمرأة بالسفر بدون إذن أحد إن بلغت سن الأربعين، وبينتُ أنّ سفر المرأة بلا محرم غير مخالف للشرع لقول السيدة عائشة رضي الله عنها” أوَكل النساء تجد محرمًا؟!” ولسفر أمهات المؤمنين للحج بلا محرم، فكيف بعدما أصبحت وسائل السفر أكثر أمنًا؟
فإلى متى سنظل نحن النساء البالغات الرشيدات تحت الوصاية مهما بلغنا من العمر، بينما الذكر عند بلوغه سن 21 تُرفع عنه الوصاية ويحق له استخراج جواز سفره وتجديده، والسفر بدون موافقة وليه، في حين أمه التي جعل الله الجنة تحت قدميها قد توضع تحت وصايته فلا تسافر إلّا بإذنه إن كانت مطلقة أو أرملة، وقد تكون المعيلة له.
في عام 1421/ 2000م أصدرت المحكمة الدستورية العليا بمصر حكمًا بسقوط المادة 3 من القرار رقم 3937 لسنة 96 الذي كان يشترط لمنح جواز سفر للزوجة موافقة زوجها على سفرها للخارج والغاء هذه الموافقة بإقرار من الزوج، وفي 1/11/1430هـ الموافق 20 /10/9200م أصدرت المحكمة الدستورية في الكويت قراراً بمنح النساء حقّ الحصول على جوازات سفر وحق السفر من دون موافقة مسبقة من أزواجهن، وقالت المحكمة إن طلب موافقة الزوج على منح زوجته جواز سفر كانت تشكل “خرقا لضمانات الحرية والمساواة بين الجنسين اللتين يكفلهما الدستور.” كما حكمت المحكمة: بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (15) من القانون رقم(11) لسنة 1962م في شأن جوازات السفر المعدل بالقانون رقم (105) لسنة 1994م ، وذلك فيما تضمنته من النص على أنّه لا يجوز منح الزوجة جواز سفر مستقل إلّا بموافقة الزوج.
ويحق للمرأة الإماراتية السفر بدون إذن أحد إن بلغت سن الثلاثين سنة.
لقد رأيتُ بنفسي فتاة سعودية تبلغ من العمر 15 سنة تحمل جواز سفر خاصاً سُمح لها في مطار الرياض بالسفر دون طلب موافقة والدها، مع أنّها قاصر لم تبلغ سن الرشد بعد، بينما طُلب من خالتها التي كانت معها، والتي كانت في الخمسين تصريح ولى أمرها بالسفر لأنّها تحمل جواز سفر عادياً!
كم هي آلام النفس عميقة، عندما تشعر المرأة أنّ لا قيمة لها، ولا قيمة لما تحمله من علم ومعرفة لحظة قول موظف الجوازات لها لابد من حضور ولي أمرك، أو موافقته على إصدارك جواز سفرك، أو تجديده، مهما كان عمرك حتى لو بلغت المائة، وعندما تسمع موظف جوازات المطار يقول لها:” أنت ممنوعة من السفر لأنّ ليس معك تصريح بالسفر من ولي أمرك” فما قيمة أمومتها إن كانت ستصبح أسيرة لابنها الذي ولدته وأرضعته وربّته؟ وما قيمة العلم الذي تحمله، والمنصب الذي تتقلده، إن كانت لا تتحرّك إلّا بإذنه، ولا تستطيع المشاركة في مؤتمر علمي لتمثيل بلدها، أو السفر للعلاج إلّا بإذنه؟
إنّ المرأة السعودية أصبحت مديرة جامعة برتبة وزير، نائبة وزير، وكيلة جامعة، عميدة كلية، أستاذة جامعية، معلمة، مديرة مدرسة، طبيبة، محامية، صحفية، رئيسة تحرير جريدة يومية، مديرة قناة تلفزيونية، عضوة في: مجلس الشورى، الغرف التجارية والصناعية، الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، هيئة الصحفيين، مؤسسات الطوافة والأدلاء، وستصبح قريبًا في المجالس البلدية، وهي لا تملك حق قرار نفسها، ولا تستطيع السفر، واستخراج أوراقها الثبوتية وجواز سفرها وتجديده إلّا بموافقة وليها،دون التفريق أنّها بالغة رشيدة، ودون التفريق إن كانت هي القائمة بأمر نفسها، وأنّ وليها مكلف بأمرها وينفق عليها أم لا؟ بل نجد المحاكم تطلب من هذا الولي إصدار صك إعالة لمن يطلب إصدار صك تفويض منه لها لتجديد جواز سفرها، بينما هو في الواقع لا يُعيلها! فبأي حق يُعطى له حق الولاية عليها، ومنعها أو السماح لها بالسفر، وهو لا يُعيلها، ولا يقوم بأي شأن من شؤونها، والقوامة تعني القيام بتدبير شؤون من هو قوّام عليهم، ومشروطة بالأهلية والإنفاق، فإذا لم ينفق على من هو قوّام عليهم، أو غير مؤهل للقوامة لإدمانه المسكرات أو المخدرات، أو إصابته بمرض نفسي، أو بالشلل التام، أو مُصاب بأحد عوارض الأهلية ،أو ممارسته عنفًا ضد من هو قوّام عليهم يؤدي إلى الموت، مثل والد ريم ــ ضحية قيود سلاسله الحديدية ــ، فكيف له حق أن يُمارس قوامته، وهو لم يقم بواجباتها؟ ثمّ إنّ الولاية على القاصر، وليست دائمة إلى الممات، ونحن النساء السعوديات لسن قاصرات على الدوام! ألسنا قادرات على حماية أنفسنا، ونحن مربيات الأجيال وصنّاع قرار؟
هناك فتيات لم يتزوجن عضلهن آباؤهن، أو إخوانهن، أو أعمامهن، ولم يقوموا بشؤونهن ،ولم ينفقوا عليهن، وهناك معلّقات ومهجورات، وهناك مطلقات لم يُسقط مطلقوهن أسماءهن من دفاتر العائلة يُعلن جميعهن أنفسهن، ويقمن بشؤون أنفسهن بأنفسهن، وهناك متزوجات يُعلنَ أسرهن، كل هؤلاء وأولئك ممنوعات من السفر إلّا بإذن أوليائهن الذين بعضهم يُساومونهنّ بمبالغ من المال مقابل إعطائهن التصريح في كل سفرة، فاشتراط موافقة ولي الأمر على استخراج جوازات السفر وتجديدها، والسماح بالسفر يُعزّز من العنف ضد المرأة، وهذا يتعارض مع نظام الحماية من الإيذاء الذي ضمن هذه الحماية.
أنا لا أطلب أكثر ممّا أعطانا الخالق جل شأنه، وهو الاعتراف بالأهلية الكاملة للنساء البالغات الرشيدات، بمنحهن حق استخراج جوازات سفرهن وتجديدها، والسماح لهن بالسفر دون إذن أحد إن بلغن سن 25 سنة.
في عام 1421/ 2000م أصدرت المحكمة الدستورية العليا بمصر حكمًا بسقوط المادة 3 من القرار رقم 3937 لسنة 96 الذي كان يشترط لمنح جواز سفر للزوجة موافقة زوجها على سفرها للخارج والغاء هذه الموافقة بإقرار من الزوج، وفي 1/11/1430هـ الموافق 20 /10/9200م أصدرت المحكمة الدستورية في الكويت قراراً بمنح النساء حقّ الحصول على جوازات سفر وحق السفر من دون موافقة مسبقة من أزواجهن، وقالت المحكمة إن طلب موافقة الزوج على منح زوجته جواز سفر كانت تشكل “خرقا لضمانات الحرية والمساواة بين الجنسين اللتين يكفلهما الدستور.” كما حكمت المحكمة: بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (15) من القانون رقم(11) لسنة 1962م في شأن جوازات السفر المعدل بالقانون رقم (105) لسنة 1994م ، وذلك فيما تضمنته من النص على أنّه لا يجوز منح الزوجة جواز سفر مستقل إلّا بموافقة الزوج.
ويحق للمرأة الإماراتية السفر بدون إذن أحد إن بلغت سن الثلاثين سنة.
لقد رأيتُ بنفسي فتاة سعودية تبلغ من العمر 15 سنة تحمل جواز سفر خاصاً سُمح لها في مطار الرياض بالسفر دون طلب موافقة والدها، مع أنّها قاصر لم تبلغ سن الرشد بعد، بينما طُلب من خالتها التي كانت معها، والتي كانت في الخمسين تصريح ولى أمرها بالسفر لأنّها تحمل جواز سفر عادياً!
كم هي آلام النفس عميقة، عندما تشعر المرأة أنّ لا قيمة لها، ولا قيمة لما تحمله من علم ومعرفة لحظة قول موظف الجوازات لها لابد من حضور ولي أمرك، أو موافقته على إصدارك جواز سفرك، أو تجديده، مهما كان عمرك حتى لو بلغت المائة، وعندما تسمع موظف جوازات المطار يقول لها:” أنت ممنوعة من السفر لأنّ ليس معك تصريح بالسفر من ولي أمرك” فما قيمة أمومتها إن كانت ستصبح أسيرة لابنها الذي ولدته وأرضعته وربّته؟ وما قيمة العلم الذي تحمله، والمنصب الذي تتقلده، إن كانت لا تتحرّك إلّا بإذنه، ولا تستطيع المشاركة في مؤتمر علمي لتمثيل بلدها، أو السفر للعلاج إلّا بإذنه؟
إنّ المرأة السعودية أصبحت مديرة جامعة برتبة وزير، نائبة وزير، وكيلة جامعة، عميدة كلية، أستاذة جامعية، معلمة، مديرة مدرسة، طبيبة، محامية، صحفية، رئيسة تحرير جريدة يومية، مديرة قناة تلفزيونية، عضوة في: مجلس الشورى، الغرف التجارية والصناعية، الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، هيئة الصحفيين، مؤسسات الطوافة والأدلاء، وستصبح قريبًا في المجالس البلدية، وهي لا تملك حق قرار نفسها، ولا تستطيع السفر، واستخراج أوراقها الثبوتية وجواز سفرها وتجديده إلّا بموافقة وليها،دون التفريق أنّها بالغة رشيدة، ودون التفريق إن كانت هي القائمة بأمر نفسها، وأنّ وليها مكلف بأمرها وينفق عليها أم لا؟ بل نجد المحاكم تطلب من هذا الولي إصدار صك إعالة لمن يطلب إصدار صك تفويض منه لها لتجديد جواز سفرها، بينما هو في الواقع لا يُعيلها! فبأي حق يُعطى له حق الولاية عليها، ومنعها أو السماح لها بالسفر، وهو لا يُعيلها، ولا يقوم بأي شأن من شؤونها، والقوامة تعني القيام بتدبير شؤون من هو قوّام عليهم، ومشروطة بالأهلية والإنفاق، فإذا لم ينفق على من هو قوّام عليهم، أو غير مؤهل للقوامة لإدمانه المسكرات أو المخدرات، أو إصابته بمرض نفسي، أو بالشلل التام، أو مُصاب بأحد عوارض الأهلية ،أو ممارسته عنفًا ضد من هو قوّام عليهم يؤدي إلى الموت، مثل والد ريم ــ ضحية قيود سلاسله الحديدية ــ، فكيف له حق أن يُمارس قوامته، وهو لم يقم بواجباتها؟ ثمّ إنّ الولاية على القاصر، وليست دائمة إلى الممات، ونحن النساء السعوديات لسن قاصرات على الدوام! ألسنا قادرات على حماية أنفسنا، ونحن مربيات الأجيال وصنّاع قرار؟
هناك فتيات لم يتزوجن عضلهن آباؤهن، أو إخوانهن، أو أعمامهن، ولم يقوموا بشؤونهن ،ولم ينفقوا عليهن، وهناك معلّقات ومهجورات، وهناك مطلقات لم يُسقط مطلقوهن أسماءهن من دفاتر العائلة يُعلن جميعهن أنفسهن، ويقمن بشؤون أنفسهن بأنفسهن، وهناك متزوجات يُعلنَ أسرهن، كل هؤلاء وأولئك ممنوعات من السفر إلّا بإذن أوليائهن الذين بعضهم يُساومونهنّ بمبالغ من المال مقابل إعطائهن التصريح في كل سفرة، فاشتراط موافقة ولي الأمر على استخراج جوازات السفر وتجديدها، والسماح بالسفر يُعزّز من العنف ضد المرأة، وهذا يتعارض مع نظام الحماية من الإيذاء الذي ضمن هذه الحماية.
أنا لا أطلب أكثر ممّا أعطانا الخالق جل شأنه، وهو الاعتراف بالأهلية الكاملة للنساء البالغات الرشيدات، بمنحهن حق استخراج جوازات سفرهن وتجديدها، والسماح لهن بالسفر دون إذن أحد إن بلغن سن 25 سنة.
المصدر: صحيفة المدينة