النزاهة ليست مجرد شهادة!
أ.د. سالم بن أحمد سحاب
يقال إن مجلس الشورى الموقر أسقط قبل حوالي 3 أسابيع مقترحاً يدعو إلى منح (شهادة جودة ونزاهة) للجهات الحكومية الملتزمة بشروط الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (الحياة 11 يونيو). ليس المهم من قدم المقترح! لكن المغزى من وراء المقترح! هل الشهادة بمثابة صك غفران للجهة الممنوحة حتى يمكن بعدها أن تفعل ما تشاء باسم الصك الذي ربما وُضع عند المدخل في مكان بارز أو تحت زجاج لامع.
الحمد لله أولاً أن يسر للمقترح من يستبعده، إذ في النهاية سيكون أشبه بشهادة (آيزو) ينالها الجميع بشيء من الدراهم، ولا يُرى أثرها إلا عند حين الاحتفاء بنيلها. أما العجيبة في المقترح فهو تصوير الالتزام بشروط (نزاهة) على أنه (منّة) من الجهة الحكومية على الوطن والمواطن، في حين أن الأصل هو التزام الجميع بأصول وشروط النزاهة والنظافة والعدالة وتقوى الله. هذا هو الأصل الذي هو العقد بين الموظف أياً كان والجهة التي يعمل فيها، وإلا فما جدوى الاستعانة بمن يفتقدون هذه الخصال الحميدة الأصيلة التي هي جزء من الفطرة السوية، كما هي جزء من مقررات دراسية يمر عليها المواطن منذ سن السادسة حتى الثامنة عشرة أو يزيد.
ما هكذا يُحارب الفساد، ولا هكذا تُورد الإبل! الفساد لا يُحارب بشهادات (مزبرقة) ولا (مواعظ) حسنة، وإنما بالضرب بيد من حديد لا تكل ولا تمل، ويد أخرى تفيض عدلاً ومساواة وشفافية.
وأول الضرب التشهير بالمفسد أياً كان! ذلك أن قصص الفساد تتزايد باستمرار . وكفى بإشارة عضو المجلس السيدة سلوى الهزاع إلى تقارير منظمات دولية تتحدث عن تفشي الرشوة في المملكة حتى بلغت نسبة متعاطيها 7 من بين كل 10 أشخاص.. (الحياة 11 يونيو).
كل هذا الضجيج عن انتشار الفساد مرجعه إلى عدم جديتنا في محاربته بالتي هي أجدى، بدءاً بالتشهير وانتهاء بالسجن المشدد والعقوبات المغلظة التي تبدأ بتجريد المفسد من كل أملاكه ولا تتوقف عن مصادرة أملاك أسرته المباشرة، فكل سحت أولى به المصادرة.
الفساد أصل كل علة!!
المصدر: صحيفة المدينة