تباطؤ الاقتصاد يضغط على الهاربين من كفلائهم والعاملين لحسابهم الخاص بطالة الأجانب في المملكة .. همّ جديد له تداعياته الأمنية والاقتصادية
الرياض – راكان الدوسري
في الوقت الذي كان الحديث فيه عن بطالة السعوديين يشغل بال المهتمين والمختصين في المملكة، ضربت البطالة كذلك في صفوف المقيمين مؤخراً، فقد أفرز تباطؤ الاقتصاد بطالة أخرى في البلاد لم تكن في الحسبان، وقد أصبح مألوفاً تجمع العمال أمام محلات مواد البناء وفي الشوارع التي تكثر بها تلك المحلات بحثاً عن عمل، في مشهد يوحي بأن فرص العمل التي كانت متوفرة إبان الطفرة الماضية قد تلاشت وذهبت، مما يجعل أولئك العمال يواجهون واقعاً صعباً ومريراً، فأغلبهم لا يرتبط بكفيله بأي ارتباط سوى ذلك المبلغ السنوي الذي يدفعه له كل عام، مما يعني مواجهتهم لتبعات ندرة فرص العمل بالاعتماد على أنفسهم لتوفير متطلبات الحياة، الأمر الذي يجعل كل الخيارات متاحة أمامهم لتحقيق الدخل اليومي المطلوب.
وفي الوقت الذي أظهرت فيه احصائيات حديثة تجاوز عدد المقيمين في المملكة الـ 11 مليون مقيم، لم يسجل منهم في التأمينات الاجتماعية سوى 7.5ملايين مقيم يعملون في القطاع الخاص، إلا أن قرابة الأربعة ملايين عامل لم يسجلوا في التأمينات الاجتماعية، مما يشير إلى اختلال العلاقة التعاقدية بينهم وبين كفلائهم، أو أولئك الذين تحت كفالة أفراد، او العمال الهاربون من كفلائهم، وتشكل النسبة الغالبية منهم عمال الشوارع العاملين لحسابهم الخاص، الأمر الذي يضعهم في مواجهة مباشرة مع انحسار فرص العمل الخاص في قطاع البناء والإنشاءات وبعض النشاطات الأخرى التي احتوتهم طيلة السنوات الماضية.
وحسب م.عصام مجلد – خبير الموارد البشرية – فإن تبعات البطالة دائماً سيئة على أي مجتمع، ولها إفرازاتها السلبية التي يجب التوجس منها ومواجهتها قبل استفحالها، وأكد أن بطالة المواطنين هي تلك التي يجب مواجهتها بخطط محكمة، لكنه أشار إلى بطالة الأجانب هي الأخرى لا تقل خطورة في نتائجها السلبية المحتملة على الاقتصاد والمجتمع، وقال:
«إن العامل الذي اشترى تأشيرة من أحد تجار التأشيرات، لن يتورع عن القيام بأي عمل يعيد له ما دفعة من قيمة تلك التأشيرة في حالة عدم حصوله على عمل». وأضاف: من الإنصاف الا نحاسب أولئك العمال وحدهم عندما يرتكبون المخالفات أو يقومون بأعمال جنائية جراء معاناتهم من البطالة وعدم توفر عمل، بل يجب أن تطال المسؤولية القانونية كذلك الكفلاء الوهميين الذين جلبوا أولئك العمال والقوا بهم في شوارعنا.
وأشار إلى أن السرقات والغش والعمل في ترويج الممنوعات ستكون إحدى بدائل العمل في حالة عدم توفره بالنسبة لبعض العمالة، وقال: إن الأمر الذي يتوجب سرعة المبادرة في ضبط سوق العمل، والحد من العمالة التي تعمل لحسابها قدر المستطاع لتلافي ما قد تفرزه تلك العمالة من سلوكيات سلبية في حالة انحسار فرص العمل أمامها. وكانت الطفرة الأخيرة التي مرت بها البلاد خلال العقد المنصرم قد فتحت باب الاستقدام على مصراعيه، حيث أشارت بيانات رسمية إلى أن المملكة تستقدم 1.5ميلون عامل سنوياً.