جرّب إن كنت تستطيع!
صالح الشيحي
قد تبدو مناقشة شأن المعاقين أمراً مملاً لدى بعض القراء، لكن بقاء الواقع المزعج الذي يعيشه هؤلاء يفرض علينا – الكتاب وغيرهم – تكرار الحديث عنهم!
لطالما قلت إن الذي يريد معرفة حاجة المعاقين يجب عليه التطوع يوما واحدا في حياته لمرافقة أحد المعاقين في جولة حرة في إحدى المدن الكبرى.. وما زلت أقول – لك أنت أخي القارئ – جرب إن كنت تستطيع مرافقة معاق وسط شوارع ومرافق ومنشآت مصممة خصيصا للأصحاء وحدهم ـ وليس كل الأصحاء بل النشيط منهم ـ جرب إن كنت جادا لتكتشف حجم المعاناة التي يواجهها المعاقون في بلادنا.. جرب لتكتشف هل تمت تهيئة المرافق العامة ووسائل النقل لاحتياجاتهم أم لا؟!
الذي يجعلني أكرر الحديث – وتكراره مطلب كما قلت قبل قليل – هو رسالة مؤلمة من فتاة تتحدث عن معاناة شقيقها أول أيام عيد الفطر، تقول: “في يوم العيد كلنا خرجنا من البيت إلا هو، ذهبنا لزيارة أقاربنا إلا هو، “انبسطنا” لما قابلنا الناس إلا هو.. لأنه ـ ببساطةـ الشوارع وأماكن الترفية والممرات والأرصفة وحتى البيوت مجهزة لمن يسير على قدميه فقط، بدأ شقيقي خلال السنة الأخيرة يعاني من تقلصات في أجزاء من جسمه لأنه حبيس المنزل.. لا يستطيع مغادرته بسهولة..”
هذا جزء من رسالتها.. وما حجبته أشد ألماً وإحراجاً للقارئ الملول.. أردت أن أترك سطرين لأطرح أسئلتي: لماذا حكمنا على المعاقين بالموت البطيء.. أيهما أهم أن نستبسل في معالجة القشور كتبديل الاسم من “المعاقين” إلى “ذوي الاحتياجات الخاصة” – خاصة وأن كثير من هؤلاء المعاقين يرفضون هذا التكلّف في التسمية – أم أن نشعر بمعاناتهم الحقيقية؟!
المضحك المبكي أن بيوتنا لو لم تكن مجهزة بمداخل للسيارات، ربما لن يتمكن المعاق من دخولها!
المصدر: صحيفة الوطن