سجناء الخارج.. من المسؤول؟!
يوسف الكويليت
قد لا يكون السجناء السعوديون في الخارج ظاهرة خطيرة، حيث إن هذه المشكلة عالمية لا تختص ببلد دون آخر باتساع دائرة السفر الكونية، والهجرات القسرية والطبيعية، ولكن السؤال هل القضايا التي اختلفت من جنائية كتعاطي المخدرات وترويجها، أو تهريب العملات وكذلك حالات التغرير بكبار السن بالزيجات ومخالفة قوانين البلد، أو اعتقاد بعض الشباب أنه بوصوله لبلد ما يتيح له ممارسة المحرمات أنه حر وبنقوده يستطيع تجاوز القواعد الأخلاقية والاجتماعية ليقع في فخ السلطات ذات القوانين الصارمة، إنها جميعاً حلقة في سلوكيات تختص فقط بالأفراد وتلك الجماعات!
كان الخوف من سفر مئات الآلاف من الطلبة في بعثات خارجية، أن تحدث مشاكل تحد من الغاية للبعثات، كأن تنشأ مجاميع أو منظمات دينية، أو سياسية تتناغم مع عناصر التطرف وتأخذ شكل التهديد الأمني للبلد المضيف، إلاّ أن السنوات الماضية كشفت أن وعي الطالب تفوّق على الهواجس، وربما ان غالبية المبتعثين من الجنسين هم دراسات عليا أي أن النضج العقلي والنفسي، واتساع التجارب كان وسيلة الحصانة من المؤثرات الخارجية..
نستطيع أن نقول إننا بلد المواطن المسافر فردياً وعائلياً، وهناك أسباب مختلفة سياحية واقتصادية وعلمية وتختلف الأهداف بين هذه المهمات، غير أن وجود أقلية في سجون عالمية مختلفة شاع أن معظمها ذهبت لأداء مهمات إرهابية، وهذا ليس صحيحاً، لكن تصوير المملكة ما بعد أحداث ١١ سبتمبر أنها مصدر لهذه الجماعات، جاءت بالفعل من تضخيم واستهداف إعلامي ركز على هذا الجانب بما يفوق الواقع، في وقت نحن نشعر بوطأة هذه القضايا في الداخل بما يماثل الخارج..
فنحن ضد من يذهب إلى قناعة أنه مجاهد سواء بنوايا دينية، أو مغرر به، ولا أحد يدعي براءة هذه العناصر إذا ما تلبست بتهم أصبحت لها ثوابتها، ومع أن الدولة فتحت الكثير من الأبواب لحوارات مع تلك الدول لكشف الملابسات، وتبادل السجناء، إلاّ أنها لا تستطيع أن تنصب نفسها محامياً أمام تشريعات دول لها استقلال قضائها، ومع ذلك هناك نماذج بعضها صدرت عليه محكوميات، وآخرون قيد المحاكمة، ومع ذلك سخرت السفارات جهودها بحل هذه القضايا بتكليف محامين والصرف عليهم، لكنها ستكون عاجزة أمام نقض الأحكام التي تصدر بقوة القانون..
هناك أمور أخلاقية أخرى، ومثلما المملكة تسجن وتبعد وتتعاون مع سفارات بلدان عالمية، فالذين تجاوزوا حدود السلوك العام عليهم أن يفهموا أن لا سلطة على قوانين تلك الدول، ولعل مسائل الزواج العرفي، أو الزواجات بنية الطلاق مع الإنجاب والتخلي عن واجبات الزوج ورّطت العديدين في دول عربية وأجنبية أدخلت المملكة في مسائل محرجة حتى أن التخلي عن الأبناء وضياعهم تحول إلى مشكل لا تزال آثاره معقدة..
ما بين العمل الإرهابي، والأخلاقي خيط دقيق، فالإرهابي ذهب بنية التخريب والقتل والتدمير، وحتى لو كان الباعث قناعات ذاتية، فكل نواميس وقوانين وشرائع العالم لا تسمح بذلك، بل إن جنايتهم على الإسلام كانت الأخطر عليه من أعتى أعدائه..
وتبقى المسائل الأخلاقية والمادية، قابلة للحل وفي حدود المملكة، وهنا لا غرابة أن يتعرض هؤلاء لعقوبات، المملكة نفسها لا تسمح بها ولا تقرها، وبالتالي فالوعي بحق الآخر وفهم طبيعة كل بلد تبعدنا عن المساءلات؛ ولذلك فكل إنسان مسؤول عن سلوكه الأخلاقي.
المصدر: صحيفة الرياض