عبدالرحمن بن عثمان التويجري

 عندما شرعت في كتابة هذا المقال بعد التوكل على الله لم أقدم على كتابته من فراغ أو مجرد تخمينات أو سمعت من فلان وقال لي علان؟ وإنما ما سوف أتناوله بكل صدق وأمانة ومسؤول أمام الله هو حقيقي 100% ولديّ ما يثبت صدقية الوضع وقد تواصلت مع الجهات المعنية سواء كتابياً أو شخصياً. ولعل عنوان هذا المقال لا غبار عليه ولا عمن يمارسه من هذه الشركات التي لا تخاف الله سبحانه وتعالى نحو تلك العمالة المغلوبة على أمرها التى يضطهدونها شر اضطهاد وتفتح مجالاً واسعاً لمنظمات عن حقوق الإنسان وشقيقاتها ولأن تلك المنظمات لن تستهدف أو تتهم تلك الشركات صاحبة الشأن وإنما ستكون الاتهامات والتنديد للحكومة السعودية كالعادة وما أكثر المتربصين لبلدنا في كل مكان لعلهم يجدون ما يبرر اتهاماتهم؟ أنا سأتكلم عن شركات الصيانة للمساجد في مدينة الرياض ولابد بأن أي منطقة لدينا لا تخلو من مثل هذه الممارسات.

أولاً: هذه الشركات تقوم باستقدام عمالة من دول فقيرة جدا وبالتالي يقبل العامل بعمل أي شيء من أجل إعالة ذويه. ثانياً: هذه العمالة عقودهم مع الشركات بمبلغ (250) مئتين وخمسين ريالا أكرر (250) ريالا شهرياً بينما العقود التي تقدمها هذه الشركات لوزارة الأوقاف لرواتب هذه العمالة هو أضعاف هذا المبلغ لكل عامل شهرياً؟! والعجب الذي لا يتخيله القارئ أن مرتب العامل الأساسي هو ثلاث مئة ريال شهرياً يخصم منها (50) خمسون ريالا شهرياً تكاليف بطاقة إقامة العامل؟! والأدهي والأمر أن رواتب هؤلاء العمالة لا تصرف لهم شهرياً بل كل سنة والويل ثم الويل لمن يعترض منهم لأنه سيهدد بتسفيره وكما ذكرت فى مقدمة هذا المقال بما لديّ من إثباتات دامغة. أنا أسكن حي الورود شمال الرياض ويوجد في هذا الحي جامع كبير والشركة المسؤولة عن صيانته حسب العقد المبرم معها من قبل الوزارة تتكفل بكافة الصيانة والمتابعة دورياً وإصلاح أي عطل من المكيفات والإنارة وتغيير ما يتلف فيها وتزويد الجامع بما يحتاجه من مناديل وأدوات للجامع ولأماكن الوضوء وصيانة هذه الأماكن دورياً وأن لا يقل عدد العمال فيه عن اثنين على الأقل وذلك لمساحة الجامع ولكن لم يحصل أي شيء مما ذكر. مما دعاني الى مخاطبة وزير الأوقاف السابق أكثر من مرة دون التجاوب البتة. وكذلك خاطبت إدارة أوقاف الرياض مرات عديدة ولا مجيب! وعندما يئست من المسؤولين في الوزارة قمت بمخاطبة رئيس هيئة مكافحة الفساد شارحاً له كل ما أشرت إليه طالباً منه إرسال أي مسؤول لديهم للتأكد مما ذكرت وفعلاً تم إرسال مسؤولَين وقفا على الجامع واستفسرا من عامل النظافة الذي أمدهم بمعلومة جديدة وهي أن المسؤول عنهم في شركة الصيانة يقول لهم: (مسحوا السيارات التي بجوار المسجد ودبروا حالكم). كذلك ثبت لهم صحة معلوماتي. فقامت هئية مكافحة الفساد مشكورة بمخاطبة الوزارة ولم تتجاوب معهم!

كلنا أمل بأن يقف الوزير الجديد د. سليمان أبا الخيل وقفة حازمة ويفتح تحقيقاً في هذا الأمر الخطير وسيتضح بإذن الله بأن هناك انتهاكات يجب عدم السكوت عليها وتقديم من يثبت عليه خيانة الأمانة أو من شارك وأعان عليها بأن يقدم للمحاكمة وإنزال أشد عقوبة عليهم وإلغاء تعاقدات تلك الشركات وتغريمها والتشهير بها وإعادة حقوق العمالة لهم وإدراج تلك الشركات على القائمة السوداء وإغلاقها. هذا إن كنا مخلصين لبلدنا وحكومتنا ولأن هذا الأمر المشين هو اتجار بالبشر ولكي نسد الباب أمام الهيئات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان ولنبرّئ حكومتنا مما تقوم به هذه الشركات ولأن الحكومة بريئة ولا علم لها بذلك ولا ترضى به خُلقاً وشرعاً لأنها دولة العدل وتطبيق شرع الله. ولكن المسؤولية كاملة تقع على وزارة الأوقاف والمسؤولين فيها ولابد أن تتضح كل هذه الأمور الخطيرة والتي لا يرضاها الله سبحانه وتعالى ولا كل الأديان السماوية ولا ولاة أمرنا وفقهم الله. اللهم إنني بهذا المقال أديت ما عليّ لما شاهدته ونافحت عنه دفاعاً عن أولئك العمال الذين لا حول ولا قوة لهم الذين أتوا إلينا للعمل وإعاشة عوائلهم وذويهم ووقعوا في مصيدة مَنْ لا يخاف الله ليتاجروا بهم ويسلبوا حقوقهم دون رحمة.. والله من وراء القصد.

المصدر : صحيفة الرياض