عبد الله إبراهيم الكعيد

 آخر مقال كتبتهُ عن الفساد بتاريخ 7 يناير هذا العام بعنوان «ساعدوا الهيئة لكي تساعد نفسها» وكنت بالطبع أقصد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. أما الحديث فقد طرحت الموضوع في معظم البرامج الحوارية التي شاركت بها في أكثر من قناة ومحطة فضائية. في القناة الأولى للتلفزيون السعودي (الرسمي) قلت في برنامج صباح السعودية يوم الاثنين 2 يناير أيضا وبالحرف «ضرورة تقديم الوزراء ومن في حكمهم من أصحاب المناصب العُليا التي تخوّل شاغرها صلاحيات مالية وإدارية كبيرة ذمّة مالية توضّح كُل ما يملك من أموال وعقارات وحقائب استثمارية قبل تسلّمه الحقيبة الوزارية أو المنصب الحكومي. لو تم ذلك يمكن بعدها تطبيق نظرية (من أين لك هذا) لكل من يتّضح تورّمه مالياً بطريقة غير مشروعه».

حسناً دعوني أوضّح أن ما دفعني لإعادة طرح موضوع الفساد تصريح معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لهذه الجريدة نُشِرَ يوم الخميس الماضي بأن الهيئة ستطالب جميع المسؤولين في الدولة بإقرار ذمّة مالية ممن يملكون صلاحية إصدار قرارات تُؤثر على المال العام من وزراء ومديرين ورؤساء. وقال – حسب الخبر – إن الهيئة رفعت القواعد المطلوبة والآليات اللازمة للمقام السامي الذي من المتوقع أن يصدر تشكيلها قريباً.

ألا يستحق هذا التوجه الإشادة والإبراز، ومن ثم تأييد كل الخطوات اللاحقة الكفيلة بمحاصرة الفساد والفاسدين؟ لقد وصل الشعور بالبعض مرحلة اليأس أن لا تحرّك بهذه القوّة ممكن أن يعيد الأمل في عودة النزاهة المهدورة المغدورة. إن مكافحة الفساد بخطوات فاعلة ومؤثرة لهو مطلب كل الشرفاء الذين يهمهم أمر الوطن ومصالح الناس. وأحسب أن إقرار الذمة المالية لجميع المسؤولين بلا استثناء رسالة واضحة بأن زمن السكوت والتغاضي عن هذا الداء قد انتهى. وأن الدفع بالبراءة أو الاتهام ممن تدور حولهم الشكوك ستفصل فيه الحقائق والأرقام قبل استلام المسؤوليات وبعدها. المهم عدم وجود ثغرات ممكن أن يستغلها من في قلبه فساد مستوطن.

حين نتفق جميعاً على أن الفساد ليس فقط في نهب أو بعثرة المال العام أو سوء صرفه فلا يفترض أن نتغاضى عن بؤر فساد أخرى كاستغلال المنصب في توزيع الوظائف على الأقارب وأولي العصبة والجماعة وحرمان المستحقين لها ممن لا يسبحون في فلكهم. لهذا أرى تمكين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالدخول إلى قواعد بيانات الموظفين والقوى العاملة في كل مؤسسة حكومية ووزارة فربما يكتشفون المراد!

المصدر:جريدة الرياض