قرار حقوق المرأة ليس لكل النساء
شاهر النهاري
وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها حال تقديم الخدمات لها، ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وأشارت التوجيهات الملكية إلى دعم هيئة حقوق الإنسان لتتولى بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية وضع ما يلزم من برامج تعريفية بالاتفاقيات الدولية، التي انضمت إليها المملكة، وتدشين خطة شاملة للتوعية بحقوق المرأة من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والتدريبية.
قرار اجتاح معظم حوارات المجتمعات في الأيام الأخيرة، وألهب مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ورافض. وقد سألتني ابنتي الصغيرة عن معاني هذا القرار التاريخي، وعما يمكن أن يغير من العلاقات بين الأب وابنته.
وحقيقة أني شعرت بأهمية النقاش معها، وحري بكل أب حريص على أسرته أن يفعل، فهي بسنها اليافعة تريد أن تفهم، وأنا كمسؤول عن تربيتها أردت أن تصلها الحقائق بمفهومي، وليس عن طريق مواقع التواصل.
أخبرتها أن هذا القرار لا يشمل كل نساء المملكة، ولو أنه يفيد كثيرا منهن، وبالذات من تضررت طوال حياتها بحياة عسيرة، وبإساءات ومنع، وإكراه من أسرة قاسية.
أخبرتها أن هذا القرار غير مطلوب لمن هي مثلها، باعتبار أنها كانت تزاول جميع ما ترغب بمزاولته من خلال علاقات أسرية متينة، وتفاهم، واحترام متبادل بينها وبيننا في المنزل، وخارجه.
لا أظن أن فتاة تعيش وسط أهلها بحب وعقلانية ستقدم على دراسة لا يرغبونها، أو السفر دون إذنهم، ولا أظنها ستغضب يوما وتذهب للسكنى في أحد الفنادق من خلفهم، أو تقوم بأي إجراء يخدش سمعتها وسمعتهم.
القرار يعطي الحرية لمن كانت تعاني من أب أو زوج أو إخوة قساة، لا يسمحون لها بنيل حقوقها، من تعليم، وعمل، وحقوق مالية.
ولكن أغلبية الأزواج والأسر يثقون في النساء، ويعطوهن كامل الحقوق، منذ زمن طويل، ولن يغير القرار عليهم أي شيء.
يا ابنتي، حتى في الدول المتقدمة، والتي تعطي كامل الحقوق للمرأة، هنالك أغلبية ممن يقدسون العلاقات الزوجية والمنزلية، ويتفاهمون مع أبنائهم، فلا يحرمونهم من حقوق، ولا تقوم البنات أو الأولاد بخرق أصول التربية، والأسرة، والمجتمع، مع أن القانون يحميهم.
مثل هذه القرارات، تزيد الأسر قدرة على التواد، والترابط، والمحبة، وتمنع الخروج عن المنطق والتربية السليمة، ولا يمكن أن يكون مسيئا لأصول الأسرة، المحافظة، ولكنه يحمي المتضررات فقط.
سمعنا عن بنات يخرجن عن أصول التربية السليمة، وينزلقن للشر، فيتم عقابهن، وبعد الحبس يرفض أولياؤهن استلامهن من الإصلاحية، ومن هنا تقوم بعضهن بارتكاب جرائم أكبر، ومحاولات للهرب، واللجوء لدول أخرى، طلبا للحماية.
وهذا ما يسيء لنا كمجتمعات؛ ولكن صدور القرار يخفف الوطء على من تمر بمثل هذه الظروف، وربما أنه يجعل الأسرة أكثر حرصا ودراية ورعاية لبناتها، قبل وقوعهن في المحذور.
قرار يا ابنتي لا يطالب كبيرات السن بمحرم، ووكيل لها عند مراجعة القطاعات الحكومية والخاصة، ويصلح الخلل، ولكنه لا يدعو البنت لكسر جدران مملكتها، بين أهل يحبونها، ويرعونها، ويسعون معها للبقاء بنفس القدر من الأخلاق، والترابط، والاحترام المتبادل.