مستشارة أسرية: الزوجة الضحية الأولى للعنف ويليها الأبناء قالت: السعودية تعاملت مع المرأة بوصفها شريكًا مهمًّا في بناء المجتمع
تلعب المرأة دورًا بارزًا في كيان الأسرة؛ فهي الطاقة الكامنة وراء تقدُّم ونجاح أبنائها. وقد جاءت الشريعة الإسلامية بتكريم المرأة، ورفعت من شأنها، وحثَّت على نبذ العنف داخل الأسرة بكل أشكاله.
كما تحرص المملكة العربية السعودية والجهات المختصة على العمل على إزالة كل العوائق التي يمكن أن تشكِّل مظهرًا من مظاهر العنف ضد المرأة، وهو ما يظهر جليًّا في بعض المبادرات والبرامج التي تستهدف سلامة صحة المرأة النفسية، وكيان الأسرة والمجتمع.
وتفصيلاً، قالت عضو هيئة التدريس في العلوم الاجتماعية المهتمة بالعنف الأسري والمستشارة الأسرية “نورة العنزي”: “تُعتبر المرأة خط الدفاع الأول في الأسرة؛ فهي الأم، والزوجة، والأخت، والمربية التي ينتج من تحت يديها الأطباء والمهندسون والعلماء. وإن أي هدف أو نجاح لن يتحقق إلا بمشاركة المرأة؛ فهي عنصر بنيوي ووظيفي في الأسرة وفي مؤسسات المجتمع”.
وأضافت: “العنف ضد المرأة هو أي فعل يقع على المرأة، وينتج منه إيذاء جسدي أو جنسي أو نفسي، أو أي شكل من أشكال المعاناة، مثل التهديد بهذه الأفعال، أو الإكراه، أو الإجبار، أو الحرمان من كل الحقوق، سواء وقعت ضمن إطار العلاقات الأسرية أو الاجتماعية أو المهنية”.
وتابعت “العنزي”: “هناك أشكال مختلفة للعنف ضد النساء في العالم. وقد أجمعت التقارير الدولية على وجود الأشكال الآتية للعنف: العنف الجسدي، والعنف الجنسي، والعنف النفسي، وما يرتبط بكل واحد منها. أما ما يضاف إلى تلك الأشكال من عنف اقتصادي واجتماعي فظهرت نتيجة اختلاف تعريف العنف وكيفية قياسه”.
وأشارت إلى أن جميع الدراسات التي تجريها الدول العربية على قضايا العنف الأسري بينت أن الزوجة هي الضحية الأولى من قِبل الزوج، يليها في الترتيب الأبناء والبنات كضحايا.
أسباب واضطرابات
وعن الأسباب قالت “العنزي”: “إن الكثير من الدراسات أشارت إلى أنها متعددة؛ فمنها ما تكون فردية، تعود إلى الفرد نفسه، كصغر سن الزوجين، أو عدم استعدادهما ونضجهما الشخصي والجسدي والنفسي والانفعالي، وعدم الاستعداد للقيام بدورهما كوالدين. أيضًا تعاطي الكحول أو المخدرات، واضطراب العلاقة بين الزوجين، أو الاضطرابات النفسية، بما فيها الاكتئاب الشديد أو اضطرابات المزاج، إضافة إلى المستوى التعليمي والتدريب الحاصل عليه الفرد للتثقيف بالزواج، أو انخفاض المستوى الاقتصادي، أو التعرض لخبرات عنف أسري سابقة، كأن يكون قد نشأ في بيئة تمت ممارسة العنف فيها”.
وأردفت: “من جانب آخر هناك أسباب اجتماعية متأصلة بأفكار المجتمع والعوامل المحيطة بالمجتمع، من أمثلتها التسلسل الهرمي لمكانة الرجل والمرأة، كأن يكون الرجل هو صاحب السلطة، وتكون النظرة للمرأة على أنها الأضعف وصاحبة المكانة الأقل. تلك هي الصورة النمطية للمرأة، التي تتمحور حول أنها فقط زوجة وأم، ومهامها تتمركز حول الاهتمام بزوجها وأبنائها وتربيتهم، وحرمانها من التمتع بحقوقها الأخرى خارج هذا النمط، كالعمل والتعليم وغيرهما، أيضًا وجود العادات والتقاليد التي تعزز من سلوكيات العنف الأسري وممارسته كنوع من إثبات قوة المعنِّف الجسدية في المجتمع”.
وتابعت: “أيضًا هناك أسباب مجتمعية، كغياب التشريعات التي تتصدى لمشكلة العنف الأسري بشكل فعال وشامل، والصعوبة في اكتشاف مشكلة العنف الأسري وإثباته، وغياب العقوبات الصارمة ضد المعنِّفين وسلوكياتهم، والنظرة التسامحية تجاه مشكلة العنف، وعدم الاعتراف بوجوده، ولوم الضحية عليه إذا ما تم التحدث عنه، إضافة إلى ضعف الوعي المجتمعي بممارساته، وعدم المبالاة بوجوده”.
وبيّنت “العنزي” أن الكثير من حالات العنف الأسري كانت سببًا في تفكك الأسرة، ونشوب الخلاف بين الزوجين، أو انفصالهما.. موضحة أن العنف يدل على وجود خلل في البنية العقدية والخُلقية والعقلية والنفسية لدى هذه الشريحة من الناس، التي انتُزعت الرحمة من قلوبهم، وغدت الوحوش الضارية أرق قلوبًا وأكثر أمنًا منهم.
وواصلت: “العنف الممارَس ضد المرأة ينعكس بشكل واضح على حالتها الصحية والجسدية والنفسية؛ فيؤثر على قدرتها على الإنجاب، كما يبعدها عن تقديم الرعاية السليمة لأطفالها والاهتمام بتعليمهم، ومراقبة تصرفاتهم، وتقديم التوجيه السليم لهم.. ويهز من تقدير الذات لديها، فضلاً عن الصدمات والآثار النفسية طويلة المدى التي تنتج من التعرض للعنف بكل أشكاله”.
تعامل سمح من المملكة
ولفتت إلى أن السعودية تعاملت مع المرأة بوصفها شريكًا، مثلها مثل الرجل، لها من الحقوق، وعليها من الواجبات، حسب ما تقره الشريعة الإسلامية السمحاء. مبينًا أن صدور العديد من القرارات، منها ما كان متصلاً بشكل مباشر بدعم دور المرأة في المجتمع، ومنها ما كان ضمن منظومة المؤسسات الحكومية والأهلية، بما ينعكس على عمل المرأة بشكل إيجابي، أصبحت معها المرأة السعودية شريكًا مهمًّا في الكثير من المؤسسات والهيئات والجمعيات الحكومية والأهلية كمجلس الشورى، والمجالس البلدية، والغرف التجارية، والأندية الأدبية، والوزارات. كما أن مركز بلاغات العنف الأسري التابع لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية 1919 يقوم بدور مهم في توعية المجتمع حول دور المرأة، وأهمية حمايتها من العنف بجميع أشكاله.
العلاج
واختتمت “العنزي” قائلة: “لا بد من معالجة قضايا العنف ضد المرأة عن طريق التصدي للتمييز الممارَس ضد المرأة، وتعزيز المساواة بين الجنسين، ودعم المرأة، وتوفير البرامج العلاجية للناجيات من قضايا العنف الأسري، وتكثيف التثقيف، وتوعية المرأة للتصدي لممارسات العنف، وكيفية التعامل معه، واستحداث قوانين حماية صارمة ضد المعنَّف، والمساعدة في المُضي قُدمًا صوب وضع قواعد ثقافية أكثر سلمية”.