مملكة الإنسانية.. تاريخ طويل ومواقف راسخة
تعد استضافة مؤتمر المانحين لليمن 2020 تأكيداً على دور السعودية الريادي في الإنسانية، وانبثاقاً لتاريخ عريق امتد لعقود بين العلاقات السعودية واليمنية، مبادرات تليها أخرى للتحسين من مستوى المعيشة للشعب اليمني الشقيق والذي كان ومازال يملك الكثير من اهتمام الحكومة السعودية.
وفي ظل الظروف الراهنة مع تفشي جائحة كورونا، كان للمملكة موقفها المعتاد تجاه ما يعيشه أبناء اليمن، والذي يلاقي انتهاكات مستمرة وأعمالاً تخريبية من قبل الميليشيات الحوثية رغم كل ما يعانيه العالم اليوم صحياً واقتصادياً وسياسياً، تقابله المملكة بالاستضافة للمؤتمر وبدعم بقيمة 500 مليون دولار، وذلك يأتي من حرصها المستمر على السعي لحياة سليمة وصحية وإنسانية لليمن وشعبها خالية من النهب والسلب والتجاوزات الجسيمة التي اعتادت الميليشيات عليها والذي عرفت به.
نموذج عالمي
وأكد الكاتب والمحلل الاقتصادي عبدالرحمن أحمد الجبيري أن المملكة كانت ولاتزال سباقة وأنموذجاً عالمياً رائداً في الأعمال الإنسانية وإسعاد الناس في كل مكان، حيث وصل إجمالي المساعدات السعودية 46.83 مليار دولار استفاد منها 156 دولة، في حين بلغ عدد المساهمات في المنظمات والهيئات الدولية 524 مساهمة استفاد منها 50 جهة، لافتاً إلى دور البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن الذي يتضح من خلال الأرقام والحقائق بأنه قدم صوراً مُشرفة ومبهرة والتي تظهر عبر منصة المساعدات الخارجية للمملكة العربية السعودية في موقعهم الرسمي بالإنترنت، إضافة إلى العديد من المساعدات المتنوعة لمعظم الدول المحتاجة أو تلك التي مرت بأزمات مختلفة.
وأشاد بمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومن خلال تأسيسه لهذه المنصة خلق مساحات وبيانات تفاعلية لمساعدات السعودية مشتملة على ما تقدمه المملكة من مساعدات إنسانية مختلفة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وكذلك إعداد وتسجيل المشروعات والمساهمات الإنسانية والتنموية والخيرية وفق أعلى المعايير الدولية في التسجيل والتوثيق والمعتمدة لدى لجنة المساعدات الإنمائية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية DAC-OECD ومنصة التتبع المالي للأمم المتحدة UNFTS ومبادئ الشفافية الدولية IATI ، لقد كانت ولا تزال المملكة حاملة لواء الإنسانية والمساعدات ليس في جانب المال فحسب بل أيضاً في كافة الأعمال الدولية سواء كان ذلك عن طريق مساهمات خبرائها ومتطوعيها أو المختصين في مختلف المجالات.
جانب مشرق
وأوضح الجبيري أن المملكة بجانبها المشرق وتاريخها الطويل والمشرف في مساعدة الدول الفقيرة والوقوف بجانبها في الكثير من الأزمات والكوارث والمحن يعد جانباً يحمل في طياته أبعاداً وطيدة من الخير والتوفيق والرضا الذي يجب أن يقابل بالشكر والامتنان، ومن هنا تضطلع المملكة بدورها الرائد نحو مساعدة الدول الفقيرة، وتشهد المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، على ما تقدمه السعودية للشعوب الفقيرة حول العالم، إذ ترى تلك المنظمات أن ما بذلته السعودية في هذا الإطار يعزز مبادئ المملكة التي قامت عليها، ومن بينها الوقوف بجانب الجميع، وبخاصة الفقراء والمحتاجون، ومساندتهم حتى يتغلبوا على مشكلاتهم.
حزم واسعة
وحول المساعدات والمشروعات التي تم تقديمها لليمن الشقيق قال الجبيري: تظهر الأرقام المعلنة أنها تجاوزت 8.31 مليارات دولار بعدد 665 مشروعاً اشتملت على حزم واسعة من البرامج والقطاعات المختلفة التي تلامس احتياجات المواطن اليمني وترتقي بأدوات الإنتاج والكفاءة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وهي تحتل المرتبة الأولى في قيم المساعدات، مشيراً إلى أن الشعب اليمني الشقيق جزء لا يتجزأ من الأطر الأخوية وحقوق الجار والدم والتلاحم العربي والإسلامي، ومن خلال هذا المؤتمر ستنعكس أهدافه ونتائجه على هذا الشعب العريق لتتواصل مسيرة البناء والإعمار وكذلك بقية الأبعاد التنموية والاجتماعية.
دعم كبير
وتحدث د. عبدالعزيز إسماعيل داغستاني – رئيس دار الدراسات الاقتصادية في الرياض – قائلاً: تفاعلت المملكة مع الدعوات الدولية التي نادت بها الأمم المتحدة واستضافت المؤتمر الافتراضي للمانحين لليمن وقدمت الدعم المالي الأكبر لتكون قدوة للآخرين، وتقود هذه الخطوة العالمية للوقوف مع الشعب اليمني لمواجهة الظروف الصحية والمعيشية الصعبة وضعف قدرتها البنيوية على مواجهة تداعيات جائحة كورونا، هذا الدعم الكبير الذي قدمته المملكة في ظل الظروف الاقتصادية غير العادية التي تمر بها كافة دول العالم يجسد الطبيعة التي جبلت عليها هذه البلاد في الوقوف مع الشقيق المحتاج وقت الأزمات والصعاب، وهو نهج تسامى على الماديات ورسّخ مفهوم العمل الإنساني الصادق وهو ما يضع المملكة في موقع المسؤولية والثقة، مبيناً أن الأعمال تقاس وقت الشدائد وأن الإنسانية أن تكون حاضراً وقت الحاجة تقدم الدعم الذي يمكنه أن يحدث الفارق، وأن يبني وأن يقدم الأنموذج الأمثل في عالم مضطرب تتقاذفه تيارات تعصف بالاستقرار والأمان، وجاءت المملكة لتكون هذا القائد الذي يفعل ويعمل ويقدم ويعطي.