د. سعد آل طلحاب

يحدث خلط كبير بين فئة كبيرة من الناس، بين مصطلحين مهمين في الممارسات الطبية، هما الخطأ والمضاعفات الطبية. فالخطأ الطبي هو حدوث ضرر على المريض من قبل أحد أفراد الفريق الطبي، وذلك بسبب عدم اتباع المعايير المتعارف عليها طبيا. على سبيل المثال، عندما يصف الطبيب دواء يتعارض تعارضا شديدا مع حالة المريض الصحية، كأن يقوم بإعطائه دواء لا يناسب مرضى الفشل الكلوي على الرغم من تشخيص حالة المريض بالفشل الكلوي، ما ينتج عنه وفاة المريض. فهذا الفعل مخالف للأعراف الطبية ويستلزم محاسبة الطبيب عليه بالطرق القانونية وفقا لنظام البلد الذي يمارس فيه الطبيب عمله. على الجانب الآخر، فإن المضاعفات الطبية تختلف اختلافا جذريا عن ذلك، فهي عبارة عن حدوث أمر محتمل حدوثه مع أي مريض بغض النظر عن الطبيب المعالج. على سبيل المثال، عندما يعطي الطبيب مضادا حيويا لأحد المرضى وينتج عنه تحسس شديد ويؤدي إلى وفاة المريض، ففي هذه الحالة، فإنه يشار إليه بالمضاعفة الطبية وليس الخطأ الطبي. نستنتج من ذلك، أن الممارس الصحي عندما يمارس عمله وفق المعايير المتعارف عليها طبيا، فإن حدوث أي مضاعفات أو ضرر على المريض لا تصح تسميته خطأ طبيا، ولذلك فإنه لا يحاسب الطبيب لعدم وجود أي تقصير من قبله. هذا الخلط الخطير بين المصطلحين أحدث فجوة كبيرة بين الأطباء والمجتمع، غذاها بعض الإعلاميين غير المتخصصين، وأصبح من الشائع أن تسمى أي مضاعفة طبية خطأ طبيا، ما نتج عنه تراجع الثقة بين الأطباء والمجتمع، وأصبح بعضهم يرى أن الأطباء في مجملهم يمارسون الأخطاء الطبية ليل نهار. أتمنى ألا يأتي اليوم الذي يعزف فيه الأطباء عن ممارسة الطب ويتحولون إلى مهن أخرى بسبب هذا الضغط المجتمعي الهائل، الذي يزيد من الضغوط النفسية المرتفعة أساسا لدى مجتمع الأطباء.