د. عبدالله العبدالقادر 

الأخطاء الطبية هاجس مخيف لكل من يدخل المستشفيات لجميع شعوب الارض ولكن قد يتعدى هذا الهاجس حدود المتوقع في مجتمعنا السعودي لاسباب عدة، ولست في هذا السياق في طور التوجه لشرح احصائيات الهيئات الطبية الشرعية في المملكة او تناول المعطيات التي سبق تناولها على صفحات الصحف السعودية او غيرها ولكنني ومن واقع العمل الرسمي لسنوات طويلة كمستشار في الهيئة الطبية الشرعية أريد نقل رسالة هامة جدا هي للاطباء وعاملي القطاع الطبي اكثر منها للمجتمع السعودي، وملخص القول ان الاخطاء الطبية هي امر مسلم بوجوده للطبيعة البشرية التي لا يمكن اجتثاثها او تغيير جنسها لضرورة الواقع،

وكذلك لوجود ما يسمى بعامل اكس الذي يعني نسبة خطأ في اي اجراء، والامر الذي يصطدم فيه المجتمع مع الاطباء في بلادنا الحبيبة هو مقدار او نسبة هذا الخطأ، وهل هو بالتوازي والمقارنة المقبوله مع الممارسين الطبيبن على الاقل في دول مشابهة لواقعنا الطبي او لا، وعلى محركي الرأي العام من مثقفين واعلاميين وخطباء تذكير المجتمع بالفرق بين الخطأ الطبي والمضاعفات المتعارف عليها لاجراء ما او علاج ما، وهو امر محتوم وقوعه عند التعامل مع عشرات الآلاف من الناس، وشأن التعامل مع تقليص احتمالية الخطأ الطبي هو بلا شك مسؤولية وزارة الصحه بصورة اولية بصفتها المسؤول الاول عن القطاع الاكبر من السعوديين مع مقدمي الخدمة في وزارات الدفاع والحرس الوطني والداخلية وارامكو والقطاعات الاخرى، وعلى الرغم من الجهود المبذولة الا ان توسع الخدمة وافتتاح المستشفيات الجديدة بصفتها الناشئة يجعل من المراقب بلغة الارقام لا يستشعر الجهد المبذول الذي ارى وجوب مضاعفته، والرسالة الاهم والتي اطلب من جميع الاطباء والممارسين قراءتها بعناية شديدة هي حسن الخلق مع مرضاكم ثم حسن الخلق وحسن الخلق، حيث ان عددا كبيرا من القضايا المطروحة على الهيئات الطبية كانت ولا تزال مبعثها جفوة الطبيب الذي يصل الى حد العلوية في التعامل مع المريض واهله في مجتمع عربي سعودي مسلم يعيش الانفة والعزة والكرامة منذ خلق كجزء من كيانه، بل وان هذه الصفات ذات اولوية قصوى تزداد حدة في المجتمعات ذات الطابع البدوي على انها عامل مشترك هام جدا لجميع فئات المجتمع، ويعلم رفقاء الدرب في عملنا في الهيئة الطبية الشرعية من علمائنا الافاضل والقضاة الكرام بل ويحرصون جزاهم الله خيرا على هذا الجانب الذي يمثل علاجا سحريا ينتهي بالصلح في احيان كثيرة لمجرد استشعار صاحب الشكوى بالاهتمام بكرامته واخذ خاطره، والقارئ لخصال الشعب السعودي لا يستغرب مثل هذه النهايات الجميلة فنحن ولا فخر شعب طيب ومتسامح الى درجة ظلم النفس عند الرضا ولكنه في انفة الاسود ونفرة الكرام ان كانت كرامته في الميزان وعلى الله قصد السبيل.

المصدر: صحيفة اليوم