الدمام – منيرة الهديب

في إطار حماية النزاهة ومكافحة الفساد، سنت المملكة منذ سنوات عدداً من التشريعات القانونية والأنظمة، لمحاربة جرائم الفساد، وكف يد المفسدين، إذ اعتمدت الحكومة السعودية أكثر من 30 تشريعاً عدلياً وقانونياً، لعبت دوراً مهماً في مكافحة الفساد، في الوقت الذي تعمل فيه المملكة على استكمال منظومة التشريعات الوطنية لمكافحة الفساد، بتطوير الأنظمة واستحداث أنظمة جديدة، بما يواكب المستجدات والتطورات الإقليمية والدولية في هذا الشأن.

في حين تعيش المملكة حالياً لحظات «مفصلية» في تاريخ حربها على الإرهاب، وذلك بإقرار لجنة عليا لمكافحة الفساد، بقياد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي باشرت أعمالها التحقيقية والتنفيذية فور إعلان تشكيلها، هذا ما أكده المستشار القانوني القاضي السابق الدكتور ياسر البلوي، الذي قال لـ«الحياة»: «لا أشك في أن المملكة في تطوير دائم لآليات وإجراءات وتشريعات مكافحة الفساد منذ اليوم الأول لتأسيس هذا الكيان العظيم، وها نحن أمام لحظة مفصلية في تاريخ مكافحة الفساد، وذلك بإقرار لجنة عليا، برئاسة ولي العهد، وعضوية عدد من الجهات الرقابية».

وأضاف: «توحي هذه اللجنة، التي تم تعميد عضويتها ورئاستها بأمر ملكي، بجسامة المسؤوليات وخطورتها، والتي تحتاج إلى لجنة فوق العادة تمارس صلاحيات على درجة كبيرة من الأهمية، وتمس شخصيات رفيعة ووزراء، ما يقتضي الحصول على تفويض من الملك أو رئيس مجلس الوزراء، لمحاكمتهم وفق أنظمة خاصة». وتابع: «حماية النزاهة ومكافحة الفساد من صميم تعاليم الشريعة الإسلامية، والمملكة بادرت بوضع تدابير وطنية تكفل تحصين المجتمع ضد الفساد، والكشف عن مرتكبيه ومحاسبتهم، وتعزيز التعاون مع غيرها من الدول في سبيل مكافحته، كما تعد من أوائل الدول التي بادرت إلى مكافحة هذه الظاهرة والتصدي لها، ففي عام 1961 أصدرت المملكة نظام «محاكمة الوزراء» بموجب المرسوم الملكي رقم 88، وتبع هذا النظام إقرار منظومة من التشريعات، كنظام مكافحة التزوير في عام 1961، ونظام تأديب الموظفين في عام 1971، ونظام مكافحة الرشوة في عام 1992، والتي تهدف في مجموعها إلى حماية النزاهة ومكافحة الفساد».

وأضاف: «وفي إطار مواصلة الدولة جهودها في مكافحة الفساد الإداري والمالي، أقر مجلس الوزراء في عام 2004 الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، التي أكدت مبدأ مساءلة كل مسؤول، مهما كان موقعه ومركزه، عن المخالفات وأوجه القصور، وهدفت إلى مكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره، وتوفير المناخ الملائم لنجاح خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع، كما أن جهود النزاهة اصطدمت بكثير من الصعاب، ما اقتضى أن تشكل لها هذه اللجنة الرفيعة ويتولى رئاستها ولي العهد الشخصية الحازمة المعروف بقراراته الفعالة».

وأكد أن المملكة أمام حقبة بناء جديد، وهذه الجهود بالتأكيد ستتبعها جهود تتبع هذه الأموال المهربة إلى الخارج، والتي تحتاج إلى تشكيل فريق قانوني قضائي يتولى ملاحقة هذه الأموال واستعادتها وإعادتها إلى الخزانة العامة للدولة، وكذلك ملاحقة الشخصيات المتهمة بالفساد، واستعادتهم، وهذه القضايا المرتبطة بالمال العام تعد من قضايا الأمن الوطني، والتي تعرض الكيان للخطر في أهم موارده، والتي لا تسقط بالتقادم.

وزاد: «بعد 52 سنة من صدور نظام محاكمة الوزراء، أعتقد أن الوقت بات مناسباً لإلغاء امتياز محاكمة هذه الفئة، وضمها إلى اختصاص سلطة القضاء الجزائي العام. ولتتوافق مع تحديثات الأنظمة القضائية والأنظمة الجزائية الحديثة، لتتوافق مع النظرية العالمية في ضم جميع الاختصاصات والمحاكمات لسلطة قضائية موحدة، وليشعر الجميع بأنهم تحت سلطة القضاء ولا امتياز لأحد عن المحاسبة».

وكانت المملكة العربية السعودية سنت عدداً من التشريعات التي لعبت دوراً مهماً في محاربة الفساد فيها، كان أبرزها النظام الأساسي للحكم 1993، ونظام مجلس الوزراء 1993، ونظام مجلس الشورى 1991، ونظام القضاء 2007، ونظام ديوان المظالم 2007، ونظام مكافحة غسل الأموال 2003، ونظام المرافعات الشرعية 2000، ونظام الإجراءات الجزائية 2001، ونظام المحاماة 2001، ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية 2007، ونظام التعاملات الإلكترونية 2007، ونظام مكافحة الغش التجاري 2008، ونظام الخدمة المدنية 1960، ونظام تأديب الموظفين 1971، ونظام قوات الأمن الداخلي 1965، والمرسوم الملكي رقم م/16 لعام 1962 الخاص بمساءلة الموظفين ومحاسبتهم على مصادر ثرواتهم المشكوك فيها، ونظام محاكمة الوزراء 1961، ونظام تأمين مشتريات الحكومة وتنفيذ مشروعاتها 1977، ونظام مكافحة الرشوة 1992، ونظام وظائف مباشرة الأموال العامة 1975، والنظام الجزائي الخاص بتزييف وتقليد النقود 1977، ونظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية 2005، ونظام مكافحة التزوير 1961، وغيرها من الأنظمة.