كتبت مقالا بعنوان “تعطيل الأنظمة.. من المسؤول؟”، وتحدثت فيه عن عدة أشكال من صور تعطيل الأنظمة، وذكرت من تلك الصور؛ التعطيل للنظام بإهماله أو التأخر في تطبيقه، وذكرت له مثالا بهيئة الولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم، وجاء تعقيب من الهيئة حول المقال مشكورة، ولها كامل الحق في ذلك، وأعلم أنها بقيت أصلا بلا رئيس إلى وقت قريب، وأود التأكيد أن الهدف الأساسي هو الإسهام في تحقيق المصلحة الوطنية، وليس الهدف والله أبدا، الانتقاد لأشخاص أو أي طرف ما، ولذلك سأكتب ردا على التعقيب لمزيد من التأكيد على أهمية هذه الهيئة التي تأخرت كثيرا، ولا يعنيني الأشخاص ومن المسؤول عن التأخر تحديدا.

كان صدور نظام الهيئة في 13/3/1427، وأصبح نافذا بعد نشره في 21/4/1427 بتسعين يوما، حسب المادة 41 من النظام، ولديها واقع حالي وهو أن الهيئة لم تبدأ بالعمل بالنظام إلى اليوم! أي أننا في آخر شهر رجب المقبل سنكمل ثمان سنوات بالضبط من نفاذ النظام وليس من صدوره! وفي مثل هذه المدة ذاتها تبدأ انتخابات لرؤساء دول وتبدأ المدد الرئاسية لهم لفترتين رئاسيتين متتاليتين ويحقق فيها أولئك الكثير وتتغير الكثير من السياسات وتصدر الكثير من القوانين وتتغير الاقتصاديات كليا، ولكن لا تزال هيئتنا في انتظار تشكيل مجلسها واستئجار مبانيها!

في المادة 40 من النظام؛ نصت على أن وزير العدل يُصدر اللائحة التنفيذية للنظام، وأود من الهيئة الموقرة أن تفيدنا عن مدى صدور اللائحة من عدمه، لكوني لم أستطع حتى إيجاد أي خبر عن ذلك، وللأسف، إنني لم أجد للهيئة حتى موقعا إلكترونيا!

وفي المادة الثالثة من النظام؛ ذكرت أن تشكيل مجلس الهيئة يتم من خلال اقتراح وزير العدل لمجلس الوزراء، ولا ندري ما هو سبب تأخر قرار تشكيل مجلس الهيئة؟ ولا ندري أيضا عن هل تم رفع اقتراح تشكيل المجلس من وزير العدل، كما ينص النظام، ومتى تم ذلك؟ إلا أن الهيئة يمكنها عمل الكثير بالتأكيد، ومن مهمة وزير العدل أن يقوم بتذليل العقبات في ذلك، كون الهيئة مرتبطة به، وما يعنيني فقط هو الدفع لمعالجة الوضع القائم فقط، وسأعمل مقارنة بسيطة بعد قليل توضح هذا.

سبق وأن كتبت مقالا عن “هيئة الولاية على أموال القاصرين”، وذكرت فيه بعض الملاحظات على النظام آنذاك، وكنت أتأمل من الهيئة على الأقل، أن تبدأ في العمل التشريعي ورفع مشروع تعديل النظام، حيث يوجد عدد من الثغرات حتى في تشكيل الهيئة ومجلسها وآلية عملها، وربما لو كان هناك فصل بين نظام الهيئة ونظام الولاية على الأموال، لكان العمل مركّزاً أكثر على كلا الأمرين، مثل ما عُمل في نظام إحدى الدول المجاورة، حيث يوجد لديها قانون خاص بالولاية على أموال القاصرين، لا يتعرض إلى عمل الهيئة، ويشتمل على 51 مادة، جميعها تنظم حقوق القاصرين والواجبات والالتزامات على الأوصياء والأولياء والقيّمين وما أشبه ذلك.

وعموما ليس هذا محل نقاش النظام، ولكن سأذكر ملاحظة سريعة كوني لم أذكرها في المقال السابق. حيث نجد النظام قد وضع عقوبة (في المادة 34) إلا أنها عامة في كل ما يخالف النظام، وهذا يضعف تلك العقوبة بلا شك ويجعلها فضفاضة. كما أن المادة التالية قد ناقضتها؛ حيث م34 نصت على عقوبة من يخالف النظام بغرامة مالية لا تزيد عن مئة ألف ريال، وبالسجن بما لا يجاوز 30 يوما، أو بإحدى هاتين العقوبتين. فقد وضع النظام السقف الأعلى للعقوبة، ثم جاءت المادة التي تليها لتناقضها بأن للمحاكم “إيقاع عقوبات أشد إذا رأت ذلك”، ومعلوم أن المحاكم هي من سيقرر إيقاع العقوبة التي في م34، ولا أدري ما فائدة التعبير بـ”لا تزيد” و”لا تتجاوز” في المادة السابقة؟ في نظري، إن هذا تعارض صريح لا يتوافق مع قواعد الصياغة التشريعية المعروفة.

مثل هذه الملاحظات وغيرها الكثير مما يتحدث عنه المختصون، وكثيرا ما كتبت حوله هنا عن أن أغلب الأنظمة العدلية تحتاج إلى مراجعة تشريعية من جهات استشارية مستقلة وتطوير فعلي قبل أي شيء، ولكن للأسف لا نجد من قبل وزارة العدل حماسة في هذا الجانب.

أعود إلى المقارنة بين هيئة الولاية على أموال القاصرين وهيئة مكافحة الفساد، حيث نجد أن الأخيرة صدر قرار إنشائها في 13/4/1432، ثم صدر قرار تنظيمها (وهو يحل محل النظام) في 28/5/1432، ونجد أن عمرها ثلاث سنوات تقريبا ولكنها بدأت فعليا في العمل، وصدرت العديد من اللوائح الداخلية لها، وقامت بتفعيل الكثير من خدماتها بعدة طرق، أسهلها الموقع الإلكتروني الذي يقدم عددا من الخدمات، ولا حاجة لمراجعة الهيئة شخصيا، ولم تكتف الهيئة بالقطاعات الحكومية التي تصب في صلب اختصاصها، بل وصل نشاطها إلى الشركات الخاصة، حيث تتواصل معها لإيصال حس الرقابة ومكافحة الفساد بشكل فعال، كل هذا تم في ثلاث سنوات، ومع كل هذا نسمع الكثير من النقد للهيئة بأنها لم تقم بواجبها كما هو مطلوب! ولا أدري ماذا لو سمع أولئك عن هيئة عمر نظامها أكثر من ثمان سنوات ولم تبدأ بالعمل حتى الآن!

ختاما أقول؛ إن الكثير من اليتامى والقاصرين تتضرر مصالحهم وربما تضيع في ظل تعطيل الأنظمة، ولا شك أننا جميعا مسؤولون عن ذلك ولو حتى في التقصير في التوعية والتذكير بحقوق أولئك ووجوب حفظها ورعايتها، ولا شك لدي أن المسؤولين في الهيئة أكثر حرصا مني ومن الكثير، ومتأكد أن لديهم بعض العوائق، ولا يعفي هذا الهيئة من أن تقوم بالمشاركة المجتمعية لتوعية الناس وتكثيف نشر ثقافة الحفاظ على حقوق أولئك الضعفاء كحد أدنى.

 كتبت مقالا بعنوان “تعطيل الأنظمة.. من المسؤول؟”، وتحدثت فيه عن عدة أشكال من صور تعطيل الأنظمة، وذكرت من تلك الصور؛ التعطيل للنظام بإهماله أو التأخر في تطبيقه، وذكرت له مثالا بهيئة الولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم، وجاء تعقيب من الهيئة حول المقال مشكورة، ولها كامل الحق في ذلك، وأعلم أنها بقيت أصلا بلا رئيس إلى وقت قريب، وأود التأكيد أن الهدف الأساسي هو الإسهام في تحقيق المصلحة الوطنية، وليس الهدف والله أبدا، الانتقاد لأشخاص أو أي طرف ما، ولذلك سأكتب ردا على التعقيب لمزيد من التأكيد على أهمية هذه الهيئة التي تأخرت كثيرا، ولا يعنيني الأشخاص ومن المسؤول عن التأخر تحديدا.

كان صدور نظام الهيئة في 13/3/1427، وأصبح نافذا بعد نشره في 21/4/1427 بتسعين يوما، حسب المادة 41 من النظام، ولديها واقع حالي وهو أن الهيئة لم تبدأ بالعمل بالنظام إلى اليوم! أي أننا في آخر شهر رجب المقبل سنكمل ثمان سنوات بالضبط من نفاذ النظام وليس من صدوره! وفي مثل هذه المدة ذاتها تبدأ انتخابات لرؤساء دول وتبدأ المدد الرئاسية لهم لفترتين رئاسيتين متتاليتين ويحقق فيها أولئك الكثير وتتغير الكثير من السياسات وتصدر الكثير من القوانين وتتغير الاقتصاديات كليا، ولكن لا تزال هيئتنا في انتظار تشكيل مجلسها واستئجار مبانيها!

في المادة 40 من النظام؛ نصت على أن وزير العدل يُصدر اللائحة التنفيذية للنظام، وأود من الهيئة الموقرة أن تفيدنا عن مدى صدور اللائحة من عدمه، لكوني لم أستطع حتى إيجاد أي خبر عن ذلك، وللأسف، إنني لم أجد للهيئة حتى موقعا إلكترونيا!

وفي المادة الثالثة من النظام؛ ذكرت أن تشكيل مجلس الهيئة يتم من خلال اقتراح وزير العدل لمجلس الوزراء، ولا ندري ما هو سبب تأخر قرار تشكيل مجلس الهيئة؟ ولا ندري أيضا عن هل تم رفع اقتراح تشكيل المجلس من وزير العدل، كما ينص النظام، ومتى تم ذلك؟ إلا أن الهيئة يمكنها عمل الكثير بالتأكيد، ومن مهمة وزير العدل أن يقوم بتذليل العقبات في ذلك، كون الهيئة مرتبطة به، وما يعنيني فقط هو الدفع لمعالجة الوضع القائم فقط، وسأعمل مقارنة بسيطة بعد قليل توضح هذا.

سبق وأن كتبت مقالا عن “هيئة الولاية على أموال القاصرين”، وذكرت فيه بعض الملاحظات على النظام آنذاك، وكنت أتأمل من الهيئة على الأقل، أن تبدأ في العمل التشريعي ورفع مشروع تعديل النظام، حيث يوجد عدد من الثغرات حتى في تشكيل الهيئة ومجلسها وآلية عملها، وربما لو كان هناك فصل بين نظام الهيئة ونظام الولاية على الأموال، لكان العمل مركّزاً أكثر على كلا الأمرين، مثل ما عُمل في نظام إحدى الدول المجاورة، حيث يوجد لديها قانون خاص بالولاية على أموال القاصرين، لا يتعرض إلى عمل الهيئة، ويشتمل على 51 مادة، جميعها تنظم حقوق القاصرين والواجبات والالتزامات على الأوصياء والأولياء والقيّمين وما أشبه ذلك.

وعموما ليس هذا محل نقاش النظام، ولكن سأذكر ملاحظة سريعة كوني لم أذكرها في المقال السابق. حيث نجد النظام قد وضع عقوبة (في المادة 34) إلا أنها عامة في كل ما يخالف النظام، وهذا يضعف تلك العقوبة بلا شك ويجعلها فضفاضة. كما أن المادة التالية قد ناقضتها؛ حيث م34 نصت على عقوبة من يخالف النظام بغرامة مالية لا تزيد عن مئة ألف ريال، وبالسجن بما لا يجاوز 30 يوما، أو بإحدى هاتين العقوبتين. فقد وضع النظام السقف الأعلى للعقوبة، ثم جاءت المادة التي تليها لتناقضها بأن للمحاكم “إيقاع عقوبات أشد إذا رأت ذلك”، ومعلوم أن المحاكم هي من سيقرر إيقاع العقوبة التي في م34، ولا أدري ما فائدة التعبير بـ”لا تزيد” و”لا تتجاوز” في المادة السابقة؟ في نظري، إن هذا تعارض صريح لا يتوافق مع قواعد الصياغة التشريعية المعروفة.

مثل هذه الملاحظات وغيرها الكثير مما يتحدث عنه المختصون، وكثيرا ما كتبت حوله هنا عن أن أغلب الأنظمة العدلية تحتاج إلى مراجعة تشريعية من جهات استشارية مستقلة وتطوير فعلي قبل أي شيء، ولكن للأسف لا نجد من قبل وزارة العدل حماسة في هذا الجانب.

أعود إلى المقارنة بين هيئة الولاية على أموال القاصرين وهيئة مكافحة الفساد، حيث نجد أن الأخيرة صدر قرار إنشائها في 13/4/1432، ثم صدر قرار تنظيمها (وهو يحل محل النظام) في 28/5/1432، ونجد أن عمرها ثلاث سنوات تقريبا ولكنها بدأت فعليا في العمل، وصدرت العديد من اللوائح الداخلية لها، وقامت بتفعيل الكثير من خدماتها بعدة طرق، أسهلها الموقع الإلكتروني الذي يقدم عددا من الخدمات، ولا حاجة لمراجعة الهيئة شخصيا، ولم تكتف الهيئة بالقطاعات الحكومية التي تصب في صلب اختصاصها، بل وصل نشاطها إلى الشركات الخاصة، حيث تتواصل معها لإيصال حس الرقابة ومكافحة الفساد بشكل فعال، كل هذا تم في ثلاث سنوات، ومع كل هذا نسمع الكثير من النقد للهيئة بأنها لم تقم بواجبها كما هو مطلوب! ولا أدري ماذا لو سمع أولئك عن هيئة عمر نظامها أكثر من ثمان سنوات ولم تبدأ بالعمل حتى الآن!

ختاما أقول؛ إن الكثير من اليتامى والقاصرين تتضرر مصالحهم وربما تضيع في ظل تعطيل الأنظمة، ولا شك أننا جميعا مسؤولون عن ذلك ولو حتى في التقصير في التوعية والتذكير بحقوق أولئك ووجوب حفظها ورعايتها، ولا شك لدي أن المسؤولين في الهيئة أكثر حرصا مني ومن الكثير، ومتأكد أن لديهم بعض العوائق، ولا يعفي هذا الهيئة من أن تقوم بالمشاركة المجتمعية لتوعية الناس وتكثيف نشر ثقافة الحفاظ على حقوق أولئك الضعفاء كحد أدنى.

المصدر : صحيفة الوطن