كلمة الاقتصادية

نشرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إحصائية تؤكد أن اللجان العمالية تنظر في 5200 قضية شهريا في حين توجد 54 ألف قضية عمالية تنظر أمام الهيئات القضائية العمالية حاليا. وقد سبق أن تم عقد لقاء وزاري بين وزارتي العدل والعمل وتكوين فريق عمل يدرس ترتيبات إنشاء محكمة عمالية تكون تحت مظلة القضاء العام، ومع ذلك ستستمر هيئات ولجان التسويات العمالية في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في الفصل فيما يعرض عليها من قضايا عمالية حتى يتم الانتهاء من ترتيبات إنشاء محاكم عمالية متخصصة.

إن نقل الاختصاص في نظر القضايا العمالية من وزارة العمل إلى وزارة العدل، يسير بالمشاركة بين اللجان المختصة من الوزارتين، وذلك تنفيذا للأمر السامي الكريم الذي نص على إنشاء محاكم عمالية بجانب المحاكم المتخصّصة التجارية والجزائية والأحوال الشخصية، وهو استكمال للعمل الضخم في إعادة هيكلة السلطة القضائية بجانبيها القضاء العام والقضاء الإداري.

ولأن وزارة العمل جزء من السلطة التنفيذية فقد عملت على تحسين سوق العمل وضمان حقوق العمال، حيث أنجزت فعليا المرحلة الرابعة لبرنامج حماية الأجور لفئة المنشآت التي يبلغ عدد عمالها 500 فأكثر وعددها 917 منشأة بعمالة تعدادها 633 ألف عامل وعاملة، حيث تتيح وزارة العمل، ومن خلال وكالة التفتيش لكل المنشآت في القطاع الخاص تجربة التسجيل قبل مرحلة التطبيق الإلزامي الخاصة بها، لمنحها الوقت الكافي لترتيب أوضاعها، وفي الوقت نفسه، فإن على جميع منشآت هذه المرحلة المسارعة إلى التسجيل تفاديا لإيقاف الخدمات عنها وإقفال الحاسب الآلي لها، أما المنشآت التي تم إيقاف الخدمات عنها فإن عليها سرعة رفع ملفات الأجور لرفع الإيقاف عنها وإعادة كامل الخدمات لها.

ومن الواضح جدا أن وزارة العمل حريصة على التأكد من حصول جميع العاملين والعاملات على أجورهم في وقتها، ومتابعة ذلك عن طريق البرنامج والزيارات التفتيشية، حيث تقوم فكرة برنامج “حماية الأجور” على إنشاء قاعدة بيانات تحوي معلومات محدثة عن عمليات دفع أجور العاملين في القطاع الخاص، وتحديد مدى التزام المنشآت بدفع الأجور في الوقت وبالقيمة المتفق عليهما، وذلك عبر المقارنة بين البيانات المسجلة في وزارة العمل، وما يتم تسجيله في نظام “حماية الأجور” والمثبتة في كشوف تسليم الرواتب عبر المصارف المحلية.

لقد تم بالفعل الانتهاء من ثلاث مراحل وبنسبة نجاح فاقت 70 في المائة، واستفاد من هذه الضمانات أكثر من مليوني عامل وعاملة، فيما تم إيقاف جميع الخدمات عن المنشآت غير الملتزمة بما فيها إصدار وتجديد رخص العمل، حيث إن النظام الإلكتروني لوزارة العمل يتعرف على المخالفات الصادرة من الشركات والمؤسسات، ومنها عدم رفع ملف الأجور في موعده، وعدم انضباط صاحب العمل في دفع قيمة الأجر المتفق عليه، وكونه مماثلا للأجر المسجل من خلال مقارنة البيانات المسجلة في نظام حماية الأجور ببيانات ملف صرف الأجور وبيانات التأمينات الاجتماعية، وتأتي أهمية هذا البرنامج من أن العمال مصدر من مصادر الإنتاج، وهم جزء من المستهلكين لهذا الإنتاج، وهذه الحماية تشمل أيضا التعرف على تطبيق الحد الأدنى للأجور.

حماية الأجور تخدم النشاط الاقتصادي وتعزز ضمانة الحقوق في سوق العمل، فمعظم المنازعات محلها الأجور والحقوق المالية التابعة للأجر، ومن المهم جدا ذلك الدور الذي تقوم به وزارة العمل حاليا وستقوم به مستقبلا، وهو أن تكون لها الكلمة الأولى في ضمانة حقوق العاملين ومنع تحولها لدعاوى أمام القضاء، يهدر فيه الجهد والوقت والمال، ويتضرر منها سوق العمل. وهناك دول سبقت في صياغة قوانين العمل، وعانت مشكلات الخلاف بين العمال وأصحاب الأعمال، وكانت هناك دروس في ضرورة عدم إحالة العمال إلى القضاء، وعدم فتح الباب أمام تضجرهم واعتراضهم على ضعف ضمانة حقوقه، ومن المتوقع أن تتضافر جهود وزارة العمل ووزارة العدل في حماية تنفيذية وقضائية كاملة لمصلحة العمال وأصحاب الأعمال وسوق العمل وتنفيذ نظام العمل بما يحقق السرعة والثقة بين أطراف العلاقات العمالية.