محمد الوعيل

يظلّ غريباً جداً، أن تنتشر بين حين وآخر على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة مؤلمة وسلبية، تتلخص في تصوير مقاطع فيديو لتعنيف آباء أو أمهات لأبنائهم جسدياً أو معنوياً ونشرها على الملأ في حالة مفزعة من التباهي المرضية بالعقاب أو الانتقام.

وعدا أن تصرفاً مثل هذا، يُعد انتهاكاً قانونياً لحق من حقوق الطفل، دينياً أو أخلاقياً على الأقل، إلا أن الإقدام على هذا السلوك المشين وغير المسؤول يؤثر على نفسية الطفل ويفقده الثقة والاحترام الداخلي، وفي الأخير يستنسخ لنا جيلاً مهزوزاً ومعقداً.

صحيح أن لدينا نظام حماية الطفل الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/١٤)؛ ويهدف لحماية الطفل من كل أشكال الإيذاء والإهمال ومظاهرهما التي قد يتعرض لها في البيئة المحيطة به”.. ومع ذلك، فإن حالات الاعتداء البدني وممارسة العنف على الأطفال في تزايد متناقض.

وربما يكون ما كشفته المديرة التنفيذية لبرنامج الأمان الأسري الوطني، مها المنيف، قبل أشهر، من أن “السجل الوطني لحالات إساءة معاملة وإهمال الأطفال بالقطاع الصحي، يسجل زيادة تقارب الضعف في عدد حالات العنف ضد الأطفال، في كل عام مقارنة بالعام الذي يسبقه”، جرس إنذار خطير علينا التعامل معه بجدية قبل أن يستفحل، بالتزامن مع دراسة حقوقية، مطلع العام 2016، أشارت إلى انتشار العنف الأسري بنسبة 48% للأطفال، إضافة إلى وجود حالات أخرى تتفاوت نسبها تصل لمراكز الشرطة، ومكاتب المتابعة الاجتماعية، أو بإبلاغ أحد الوالدين.

وتتفق هذه الأرقام، مع تقرير رسمي صدر لوحدة الحماية الاجتماعية بمنطقة الرياض، رصد 1380 حالة عنف وإيذاء أسري لـ1042 أنثى، مقابل 338 ذكراً، من فئات عمرية متفاوتة بين شهر و80 سنة في عام 2015 فقط، وتعاونت أكثر من عشر جهات مع وحدة الحماية الاجتماعية في 917 بلاغاً، بينها 28 بلاغاً تم التعاون بشأنها مع المحاكم.. مع العلم بأنه توجد لدينا 41 من مراكز حماية الأطفال، في جميع مناطق المملكة، وتتركز في القطاعات الصحية المختلفة.

يدعم كل ذلك، ما سجلته تقارير جمعية حقوق الإنسان السعودية عام 2015، من ارتفاع في عدد قضايا العنف ضد الأطفال في العام 2014، بنسبة تتجاوز 10%، وكانت أغلب حالات الاعتداء جسدية وجنسية.. أتهم بغالبيتها آباء بسبب ما اعتبرته “سوء الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية والنفسية، وتفكك بعض الأسر وطلاق الوالدين أيضاً”. وكان غريباً أن يرى تقرير الجمعية “أن إعادة تصنيف قضايا العنف ضد الأطفال كجريمة مستقلة، تسبب في ارتفاعها بهذا الشكل” الذي أرجعته إلى تطوير عمليات الرصد التي لم تعد تتوقف على البلاغات، وارتفاع تأثير الإعلام، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي لكشف قضايا الاعتداء.. دون أن تنسى أيضاً أن الأرقام المعلنة هي فقط للأطفال الذين تقدم أقاربهم وذووهم بطلب للجمعية للتدخل، فيما تبلغ الحالات غير المعلنة أضعاف ذلك الرقم.

حسب ما سبق، فإن جيلنا المقبل في خطر، ما لم يحدث ردع تشريعي وقانوني يوقف هذا العبث والفوضى، مستقبلنا على المحك.. ولا يكفي التغريم أو السجن حسب البند 159 من لائحة الإجراءات الجزائية، بل يُفترض ما هو أشد، وهو إسقاط الولاية عن المتسبب، فماذا ننتظر.؟

الوزير الطريفي.. شكراً

لن أتحدث عن نجاح مؤتمر الأدباء السعوديين الأخير وما حققه من نجاح، ولكن الخطوة المتميزة الأخرى تلك اللفتة التي طلب معالي الوزير تنفيذها.. وهي إقامة ندوات تكريم للأنصاري والبدلي والعسكر.. فهؤلاء الرواد يستحقون من الوطن المزيد والمزيد.. بقي أن الأمر أسند لرجل هو الآخر فارس من رجال الفكر والأدب الأستاذ محمد السيف وهذا ما جعلنا نصفق لهذا التكريم.