إبراهيم محمد باداود

«الإنجاز» كنز لا يمكن الحصول عليه واستخراجه إلا بعد أن تُغامر بالنزول إلى البحر، ومقاومة الأمواج والعواصف، والصمود أمام التحديات وتعزيز الثقة بالنفس للتمكُّن من استخراج ذلك الكنز، والنجاة من المخاطر، ولو كان (الإنجاز) أمراً سهلاً ويسيراً، وطريقه ممهَّداً، لكانت حياتنا مليئة بالإنجازات المختلفة، ولكن كل إنجاز يحتاج إلى جهدٍ وبذلٍ وإصرارٍ، ومواصلة على الطريق الصحيح، كما يحتاج إلى ذوي همم عالية يؤمنون بمعنى (الإنجاز)، والوصول إلى ذلك الكنز واستخراجه، ليستفيد منه المجتمع.
قبل يومين أعلن عن فوز الأمريكي «أبيجيت بانيرجي» المولود في الهند، والفرنسية الأمريكية «إستر دوفلو»، والأمريكي «مايكل كريمر» بجائزة نوبل للاقتصاد عن أعمالهم حول مكافحة الفقر، وأشارت هيئة التحكيم أن الثلاثة الفائزين استحقوا الجائزة على أعمالهم التي ساهمت في الحصول على أجوبة موثوقة بشأن أفضل الوسائل للحد من الفقر حول العالم، وذلك عبر تقسيم هذه المشكلة إلى تساؤلاتٍ أصغر وتجارب عملية قابلة لفهم الإجابات والاستنتاج بصورةٍ أفضل تؤدي إلى تغيير إيجابي، وتحسين القدرة على محاربة الفقر.
«بانيرجي» يقود مع زوجته «إستر دوفلو» برامج ونشاطات معمل «عبداللطيف جميل» لمكافحة الفقر J-PAL في MIT، وتعد «إستر دوفلو» ثاني امرأة تنال هذه الجائزة، وقد سبق لها أن اختارها البيت الأبيض للعمل كمستشارة للرئيس الأمريكي السابق بشأن مسائل التنمية، وهي تُؤكِّد دائماً بأن هدفها هو أن يتم مكافحة الفقر على أساس علمي؛ يبنى على معرفة تأثير المشكلات وسبل العلاج
المقدمة.
في عام 2003م تأسَّس معمل مكافحة الفقر في MIT، وفي عام 2005م شاركت مؤسسة مجتمع جميل في إطلاق معمل عبداللطيف جميل لمكافحة الفقر JPAL، وذلك بالتعاون مع «إستر دوفلو»، و»بانيرجي»، و»سيندهيل موليناثن»، ويسعى المعمل لفهم وتصميم الحلول العملية والعلمية لمكافحة الفقر، وتخفيف حدّته حول العالم، ويضم المعمل أكثر من 181 أستاذاً جامعياً، كما قام بالعديد من الشراكات مع العديد من الحكومات ومنظمات التنمية الدولية، وكانت للنتائج التي حققها المعمل تأثيراً على مئات الملايين من البشر حول العالم.
هذا الإنجاز المتمثل في حصول القائمين على معمل عبداللطيف جميل لمكافحة الفقر J-PAL فيMIT على هذه الجائزة العالمية الثمينة، لهو أمرٌ يدعو للفخر والاعتزاز لكل من شارك في هذا الإنجاز، وبالرغم من أن تلك النشاطات العلمية العالمية تعمل دائماً من أجل نفع البشرية عامة، ولم تسعَ يوماً للحصول على جوائز، إلا أن منح مثل تلك الجائزة العالمية لقادة معمل عبداللطيف جميل لمكافحة الفقر JPAL يُؤكِّد الأهمية والقيمة العظمى لما يقوم به المعمل من عملٍ، ويجعل المسؤولية أكبر في تقديم المزيد من الأعمال والإنجازات التي تنفع العالم والبشرية في المستقبل.