إبراهيم جبريل – مكة المكرمة تصوير – منصور السندي

خلف القضبان يقبع عدد من سجناء الحقوق الخاصة بإصلاحية مكة المكرمة والذين تنوعت قضاياهم بين الديات وتوقيع شيكات وكمبيالات وأوراق أوامر الدفع، والتهرب من دفع النفقة للزوجة والأبناء، إلى جانب عمليات التستر في الاستثمار والتجارة، استغلال وخداع بعض شركات تقسيط السيارات والمكيفات، الإهمال وعدم التأمين على المركبات من الحوادث، فضلاً عن الفوائد الخيالية المركبة ونسبها العالية على مقترضين، وتلاعب الدائنين في نسبة الفوائد والأرباح الاستغلالية..

ويترقب هؤلاء مبادرات المحسنين وأهل الخير في تفريج كربهم وإطلاق سراحهم خصوصا مع حلول شهر رمضان المبارك حيث تتجدد آمالهم في مغادرة الإصلاحية والالتحاق بأسرهم وعائلاتهم بعد طول غياب.

هكذا حال عدد من سجناء الحق الخاص والديات الذين التقتهم «المدينة» داخل عنابرهم بالإصلاحية حيث يمنون النفس أن يقوم أهل الخير والعطاء في هذا الشهر الفضيل والذين هم كثر في بلادنا من رجال الأعمال والتجار ورجال البر والإحسان ليجمعوا فضيلتي الإحسان في شهر رمضان المبارك في أقدس بقاء الأرض وقبلة المسلمين لمساعدة هؤلاء المستنجدين بعطائهم ليعودوا إلى أسرهم وذويهم في أقرب وقت.

عريس خلف القضبان

بداية تحدث النزيل (ي.م 33 عاما) والذي لم يمض على زواجه شهرين عندما تسبب في حادث دهس مروري أدى لبتر قدم شخص أثناء مروره بشارع العكيشية وتم تقدير الدية بمبلغ 217 ألف ريال ما استدعى إيقافه منذ 11 شهرا حتى سداد المبلغ.

وقال بأن السرعة أفقدته السيطرة على المركبة عندما تفاجأ بالشخص وهو يقوم بعبور الشارع حيث أسفرت التحقيقات المرورية على تحمله الخطأ بنسبة 100% محذراً الجميع بعدم الانشغال بأي أمور أخرى مهما بلغت أهميتها أثناء القيادة حتى لا يحدث لهم ما حدث له متمنيا من أهل الخير مساعدته للخروج والعودة إلى زوجته ووالديه في القريب العاجل.

الفصل يعثر السداد

أما النزيل (م.ح) فيقول أن سبب إيقافه يعود إلى اقتراضه مبلغ 200 ألف ريال لعلاج والدته التي قدر الله لها إصابتها بمرض السرطان على أن يقوم بإرجاعها 320 ألف ريال على شكل أقساط شهرية حيث سدد منها 75 ألف ريال لكن فصله من عمله بإحدى الشركات الخاصة فاقم من مشكلته ما جعله يتعثر في سداد الأقساط وتم إيقافه من قبل محكمة التنفيذ حتى سداد كامل المبلغ مشيرا إلى أنه يبلغ من العمر 35 عاما وهو متزوج ولديه 5 أبناء والآن مضى على إيقافه شهران متأملا من أهل العطاء مساعدته وتفريج كربته.

سجون مكة: برامج تدريبية وتثقيفية للارتقاء بمخرجات الإصلاحية

من جهته أوضح العقيد صالح بن علي القحطاني مدير إدارة السجون بالعاصمة المقدسة بأن المديرية العامة للسجون تهدف إلى إصلاح النزيل وإرجاعه إلى المجتمع كفرد صالح يعين نفسه ويساعد الآخرين ومن هذا المنطلق تكثف السجون جهودها في تطوير وتحسين عجله الإصلاح من خلال أقسامها وهي تحاول جاهده في إصلاح النزلاء من خلال أقسامها ولا يقف هذا التطور عند هذا الحد وإنما تم تطوير العاملين وتحسين خدماتهم من خلال إدارة التأهيل والإصلاح، مشيراً إلى أن برنامج التعليم يهدف إلى تطوير النزلاء وإكمال مراحل التعليم من محو الأمية إلى مرحلة الثانوية العامة حيث بلغ عدد الدارسين (268) نزيلا منهم (50) ملتحقا بالجامعة كما تم الاتفاق مع جامعة أم القرى لالتحاق النزلاء بها لإكمال دراستهم وعددهم (50) في جميع التخصصات الأدبية والشرعية أما برنامج المعهد الثانوي الصناعي يقدم دورات في بعض الأقسام مثل قسم التبريد وقسم الكهرباء وقسم الخياطة وقسم الميكانيكا وقسم الإلكترونيات وقسم الحاسب الآلي حيث بلغ عدد المجتازين لهذه الدورات (144) نزيلاً مبيناً بأن المعهد الصناعي الثانوي من المعاهد التي تحرص رفع الثقة لدى النزيل من خلال العمل والإنتاج والمشاركة في الأنشطة المختلفة.

حقوق الإنسان تناشد المحسنين تفريج كرب المكبلين بالديون وديات الحوادث

من جانبه أوضح الدكتور محمد بن مطر السهلي وكيل كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى وعضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بأن إخواننا النزلاء في جناح الحقوق بإصلاحية مكة يحظون باهتمام ورعاية وعناية ويجدون من الاحترام والتقدير من إدارة سجون مكة وهذا ما وقفت عليه بنفسي وقد صدرت بحقهم أحكام من المحاكم الشريعة بالإيقاف وتسديد ما عليهم من حقوق مالية.

وناشد الدكتور السهلي المحسنين من رجال الأعمال والتجار بأن يلفتوا إلى هذه الفئة من إخواننا وأبنائنا الذين كبلوا بالديون وديات الحوادث وليس عليهم من حقوق سوى سداد هذه الديون والديات وأن يوجهوا صدقاتهم وزكواتهم فهم من أصحاب الزكاة ومن الأصناف الثمانية الذين تجب عليهم الزكاة فهم فقراء ومساكين في الجملة والغارمين الذين عليهم ديون وديات.ودعا السهلي أهل الخير والعطاء أن يقوموا بالتواصل مع إدارة سجون العاصمة المقدسة وقال إن القائمين عليها نعرفهم جيداً من الأخوة الفضلاء وممن يهتمون بهذه الفئة وأرجوا أن يتوجهوا بالتنسيق مع المديرية العامة للسجون لأخذ قوائم بأسماء هؤلاء المساجين الذين لم يبق لهم سوى تسديد الديون والله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا وقال: صلى الله عليه وسلم (من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)

الانشغال عن القيادة

وقال: النزيل ( م.خ) بأنه يعمل على حافلة نقل معلمات حيث طلبن منه إحضار فطور لهن بعد أن قام بإيصالهن إلى مدرستهن بجنوب مكة وأثناء القيادة انشغل بصحون الطعام ما جعله يفقد السيطرة على المركبة ويدهس رجلا كان بجوارها حيث تم إسعافه إلى المستشفى لتلقي العلاج وكانت حالته الصحية حرجة وبعد يومين تم إبلاغه بوفاته منذ ذلك الوقت قبل 8 أشهر وهو موقوف بعد أن صدر حكم المحكمة الشرعية بدفعه دية بمبلغ 300 ألف ريال مشيراً إلى أنه يبلغ من العمر49 عاما متزوج وله 6 أبناء ليس لهم بعد الله عائل سواه داعيا أهل البر والإحسان العمل على مساعدته في محنته حتى يعود إلى ذويه مبينا بأن ذوي المتوفى رفضوا التنازل عن الدية أو قبول التقسيط محذرا عموم قائدي المركبات بضرورة التركيز أثناء القيادة وعدم الانشغال بأي أمور جانبية حتى لا يقعوا فيما حدث له وجعله خلف القضبان.

همال التأمين

ويقول النزيل (أ.م): إنه موقوف على حق خاص بمبلغ 300 ألف ريال عبارة عن دية حادث مروري وقع له قبل سنة وستة أشهر بعد انقلاب مركبته ما أدى إلى صدمها عابر سبيل حيث رفض ذوو المتوفى التنازل أو تقسيط الدية كونه يعول 4 أبناء ومركبته لم تكن مؤمنة وهذا الخطأ الفادح من قبله قاده إلى خلف القضبان مبينا بأنه يبلغ من العمر 38 عاما وكان يمني النفس لإكمال نصف دينه قبل وقت الحادث بأشهر إلى أن القدر لم يمهله.

دية الأصابع الثلاث

وأبان النزيل (أ.ش) بأن قصته بدأت منذ 9 أشهر حيث تسبب خلال موسم حج العام الماضي في دهس قدم شخص صادف تواجده وقت الحادث مما أدى إلى إصابته وقطع 3 أصابع حيث كانت نسبة تحمله للحادث 100% من قبل المرور وصدر بحقه حكم شرعي يقضي بدفعه مبلغ 93 ألف ريال، وقال إنه حاول مع المتضرر تخفيض المبلغ وأنه وافق على قبول 50 ألف ريال لكنه اشترط استلامها مقدما وهذا ما لم يتوفر معه وعليه لم يكن هناك خيار سوى أن يقبع خلف القضبان في انتظار إسهامات أهل الخير من رجال الأعمال والتجار في الإفراج عن كربته.

غواية شيطانية

ويشير النزيل (ع.ح) إلى أن قضيته كانت بسبب مشاجرة بينه وبين شخص آخر تسبب له بإصابة شق أسفل البطن حيث صدر حكم شرعي من المحكمة فيما يعرف شرعا بالأرش وقدرت قيمة التعويض بمبلغ 300 ألف ريال كدية للمجني عليه، وأضاف: توفي والداي وأنا خلف القضبان حيث أمضي الآن سنتين في الإصلاحية في انتظار فاعلي الخير في هذه البلاد المباركة بأن يسهموا في دفعها عنه حتى يتسنى له الخروج والتقاء ذويه مشيراً إلى أنه لم يفقد الأمل في الإفراج عنه خلال الشهر الفضيل محذرا الشباب بعدم الانجرار وراء إغواء الشيطان حتى لا يحدث ما حدث له نتيجة الغضب والتهور.