عبدالله فراج الشريف

إن توفير الرعاية الصحية لكبار السن أمر ضروري، خاصة أولئك الذين عملوا في القطاع الحكومي وقدموا لوطنهم ما يستطيعون من خدماتٍ في مجالاتٍ عدة، أهمها التعليم، فلما وصلوا للسن الذي وصلوا فيه إلى نهاية الخدمة وأحيلوا للتقاعد، وبدأت صحتهم في التراجع والتعرُّض لأمراض الكِبَر والشيخوخة، وجدوا أنفسهم في مجتمعٍ لا يعرف تأميناً صحياً تكفله وزارة الصحة لأمثالهم؛ عندما يُحالون إلى المعاش. وفي هذه الفترة يتعرَّض كثير منهم لأمراض بعضها خطر جداً. والمعلوم بداهة أن توفير الرعاية الصحية لهم مُكلِّف جدًّا، لا يستطيعون احتماله، عبر ما يُصرف لهم من راتب تقاعدي، ومستشفياتنا العامة ليست مُؤهَّلة لمتابعة صحة أمثالهم، وأصبح كل منهم يبحث بين أبنائه عمَن تَكفُل وظيفته علاج أبويه، بما يدفع عنهم غائلة المرض، ولو كان ذلك بشكل جزئي، فهو يعلم أن الدولة تَصرف ولاشك مبالغ طائلة على الصحة، ولكن حتَّى اليوم لم تستطع مستشفياتنا توفير العلاج لمثل هؤلاء، مما يجعلهم يحسّون بكثيرٍ من الحزن بسبب ذلك، خاصة وأنهم في هذه السن المتأخرة، ويظل الواحد منهم يعاني بسبب ما يجده في مراجعة المستشفيات الحكومية من متاعب شديدة، وليس لديه من المال ما يُمكِّنه من أن ينفق على علاج نفسه، وكل شركات التأمين الصحي تطلب من مثله مبالغ كبيرة لا يستطيع توفيرها أبداً، وتصبح المعاناة مستمرة مادام العمر يمتد، وما يصل إلى يده من مالٍ عبر راتبه التقاعدي لا يكفيه وأسرته لتوفير احتياجاته، ويدعو الله عز وجل أن تنظر إليه وزارة الصحة بعين الرعاية فتكفل له علاجاً مادام حياً، وقد أدى ما عليه من واجب يستطيعه لوطنه، ولكنه يحتاج لتوفير العلاج له ولأسرته عبر المستشفيات -خاصة أو عامة- بكثيرٍ من الرعاية والعناية لمثله، ودون أن يستنزف ذلك ما يدّخره كل شهر لمثل هذا، وهو يعلم أن العلاج مكلف مادياً، وما يُوفِّره من راتبه التقاعدي لا يمكنه من أن يكفي لمتطلبات حياته، وما عليه إلا الصبر، حتى يمنّ الله عليه وعلى أمثاله ما يرفع عن كواهلهم هذا العناء، وثقته في قادة هذا الوطن أنهم لن يغفلوا عن مثله، فآماله هو وأمثاله فيهم كبيرة جداً، وفقهم الله لما يحبه ويرضاه.