تجاهلت غالبية مكاتب التعليم الإشرافية التابعة لـ«تعليم الرياض» تطبيق قرار وزير التعليم القاضي باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الاعتداء على المعلمين من الطلاب وأولياء الأمور، سواء بالضرب، أم الطعن، وذلك من خلال إبلاغ السلطات المختصة في الشرطة.

ووفقاً لعدد من المعلمين، فإن عدداً من مكاتب التعليم لم تلتزم بهذا القرار، إذ شهدت عدد من المدارس اعتداءات من طلاب وأولياء أمور من دون أن يتخذ بحقهم الإجراء اللازم، ما يعني أن تلك القرارات حفظت داخل الأدراج وأصبحت طي النسيان، في حين كسر مكتب التعليم بالسويدي القاعدة بتشدده في تطبيق القرار كاملاً، إذ أصدر مدير المكتب أحمد العويس تعميماً (حصلت «الحياة» على نسخة منه) يؤكد عدم السماح بالممارسات المسيئة والمشينة في المدارس التابعة لها، مثل دخول بعض الزائرين إلى الفصول من دون الرجوع إلى إدارة المدرسة، أو الاعتداء على أحد منسوبي المدرسة بالتلفظ الجارح، أو عدم احترام أنظمة المدرسة، مُشددة أنها ستتقدم بشكوى رسمية ضدهم بمراكز الشرطة.

وحث التعميم قادة المدارس بإبلاغ المواطنين، أو أولياء أمور الطلبة الزائرين بأهمية احترام المدرسة والنظام، موضحاً أنه في حال عدم استجابتهم يحرر محضر رسمي من قائد المدرسة بما حدث، ويتعهد ويكتب عليه خطاباً رسمياً لمركز الشرطة التابعة للحي الذي فيه المدرسة، والمطالبة فيه بحق المدرسة ومنسوبيها من الشخص، الذي تعدى على المدرسة، وبذلك يكون الإجراء نظامياً ورادعاً لكل من يحاول عدم التقيد بالأنظمة المتبعة في المؤسسات التعليمية.

وكان وزير التعليم وجّه أخيراً، بتشكيل فريق قانوني لحماية المعلمين من الاعتداءات، وحفظ حقوقهم، باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية مهنة التعليم، والهيئتين التعليمية والإدارية، والطلاب والطالبات، والمبنى التعليمي تجاه أي اعتداءات، ووضع الضوابط والإجراءات، التي تنسجم مع الأنظمة والقوانين المرعية، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في وزارة الداخلية، وجهاز أمن الدولة والنيابة العامة، ووزارة العدل ووزارة الإعلام، وغيرها من الجهات ذات الاختصاص.

وقال وزير التعليم في حينه: «إن الاعتداء على المعلم بأي شكل من أشكال الاعتداء سواء اللفظي، أم الجسدي، أم عبر وسائل الإعلام، وكذلك التواصل الاجتماعي، سيكون محل المتابعة لاتخاذ الخطوات النظامية، التي تحفظ لأصحاب الحقوق حقوقهم، وتسهم في أداء المعلمين والمعلمات دورهم في بيئة تعليمية آمنة».

وأشار إلى أنه لا يمكن القبول بما يحدث من ازدراء فاضح لـ«مهنة التعليم»، وتشويه لها ولمنسوبيها، وهم يمثلون جزءاً رئيساً من موظفي الدولة، ويتمتعون بما تنص عليه الأنظمة من الإجراءات القانونية والنظامية، التي تضمن لهم حقوقهم، وتعرفهم بواجباتهم، وأن عدم الدراية بها لا يعفي الوزارة أيضاً من مسؤوليتها في هذا الشأن، الذي تضطلع به كمسؤولية مباشرة تجاه موظفيها في الهيئتين التعليمية والإدارية، سواء في التعليم العام، أم الجامعي، ولا سيما أن «الوزارة» حددت درجات المخالفات، ومكانها، ونوعها والجزاءات المترتبة على كل ذلك من خلال قواعد السلوك والمواظبة وضوابطهما المعمول بها في جميع مراحل التعليم.

وأضاف: «إن الوزارة تعمل بما يتعلق بعقوبة المخالفات، التي تتم داخل المدرسة، وفي إطار الحرم التعليمي»، مشدداً على أهمية توعية الطلاب والطالبات بخطورة الممارسات غير التربوية في التعامل مع المعلمين والمعلمات، والتأكيد على أن ذلك يعد مخالفة صريحة تستوجب العقوبة، أياً كانت درجة تصنيفها في قواعد السلوك والمواظبة.

وفي ما يتعلق بالاعتداءات والمخالفات، التي تقع على منسوبي ومنسوبات التعليم خارج إطار المدرسة، أكد وزير التعليم أنه تم تشكيل فريق من الإدارة العامة للمتابعة، والإدارة العامة للشؤون القانونية، انتهى إلى وضع دليل شامل يختص بتوضيح الإجراءات النظامية، التي يتم من خلالها التعامل مع قضايا الاعتداء على شاغلي الوظائف التعليمية والإدارية ومنسوبي التعليم، على أن يتم نشره عبر وسائل الإعلام، وتبليغه لقطاعات الوزارة والمستفيدين من خدماتها من الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم، والمهتمين بالشأن التعليمي، كما وجه بوضع الترتيبات اللازمة لتكليف فريق قانوني مختص بمتابعة قضايا المعلمين والمعلمات والإداريين والإداريات لدى جهات الاختصاص في النيابة العامة، ودوائر القضاء، مؤكداً أن وزارته لن تتهاون في أي حق من حقوقها لدى أي فرد أو مؤسسة، على ألا يتم التنازل عن الحق العام في أية قضية من قضايا الاعتداء، ومتابعتها مع الجهات ذات الاختصاص، وفقاً لما تضمنه نظام الإجراءات الجزائية، ونظام الجرائم المعلوماتية، ونظام مكافحة الرشوة، إذ لا يطلب أي تنازل عن الحق الخاص من أيٍ من منسوبي الوزارة إلا ما يرغبون به طواعية ومن دون أي شكل من أشكال الضغط.

واعتبر العيسى الميدان التعليمي هو أكبر قطاعات الدولة، وأن مهمة الوزارة، إضافة إلى دورها الاستراتيجي التعليمي، تهيئة بيئته وتوفير أدوات الدفاع عن حقوق منسوبيها وعلى رأسهم المعلمون والمعلمات، وأعضاء الهيئة الإدارية، وكذلك الطلاب والطالبات، ولا سيما بعد أن شهد الميدان التعليمي في الآونة الأخيرة كثرة الاعتداءات على المعلمين في مناطق المملكة كافة، سواء من أولياء الأمور، أم الطلاب، ما أثار حفيظة المعلمين من عدم تجاوب ومراعاة الوزارة لما يتعرضون له.

كان آخرها معلم في شرق الرياض تعرض للاعتداء من ثلاثة أشخاص أحدهم ولي أمر طالب بطعنات، وكذلك معلم في المرحلة الابتدائية في منطقة الباحة تعرض للاعتداء بشق رأسه بعصا غليظة من طالب يدرس في المرحلة الثانوية.