علي الجحلي

عندما قرأت الخبر في إحدى الصحف، علمت أنني أمام واحدة من تلك الإحصائيات “المفبركة”. انتشر هذا النوع من الإحصائيات من مختلف الجهات الحكومية والخاصة بشكل مؤسف يفقد كل القطاعات مصداقيتها. بل إن ندرة وغرابة ما تخلص له الإحصائيات تدفعنا لمطالبة الصحافة بمقاطعتها؛ لأننا لو تفرغنا ككتاب لتفنيد الإحصائيات لوجدت الصحف كلها مشغولة بذلك.

بعد الجدل الكبير حول إحصائيات شركات قطع الغيار، وإحصائيات التدريب التقني، وإحصائيات العقاريين، واللغط في مجلس الشورى حولها، وإحصائيات وزارة العمل عن البطالة وتوزيع المهن، وغيرها من الأرقام “المفبركة”، أطالب بجهة محايدة لتنفيذ الإحصائيات بداية، ثم أطالب بالمهنية في تقديم المعلومة للناس من قبل كل وزارة. بل إن الأهم من هذا كله هو أداء الواجب بالشكل الذي يرضي الله تعالى، ومؤسف أن أقول، كما ينفذه الآخرون الذين تحكمهم القوانين الوضعية فتدفعهم لقول وعمل الحق فرضا وليس تفضلا.

سخر موقع Lean Blog، وهو موقع متخصص في الخدمات الصحية، من إحصائية نشرتها وزارة الصحة. تقول الإحصائية إن الوفيات في المملكة نتيجة الأخطاء الطبية لا تتجاوز 0.05 في المائة لكل 100 ألف شخص. رقم لا يمكن تفسيره علميا، فكيف نشرته الوزارة.

الإحصائيات العالمية تذكر الرقم، أي عدد الوفيات. ففي الولايات المتحدة يتوفى ما يقارب 89 ألف مريض بأسباب أخطاء طبية كان يمكن تفاديها. أما ألمانيا فكان الرقم 17 ألفا، وفي بريطانيا بلغ 11 ألف مريض توفوا بسبب الأخطاء الطبية. هذه هي الدول التي نذهب إليها للعلاج بسبب تفوق مستوى خدماتها الصحية مقارنة بخدماتنا.

الأسوأ من هذا هو الإحصائية التي نشرت أمس، وتقول إن عدد الأخطاء الطبية في المملكة لم يتجاوز 300. كل واحد منا مر بخطأ طبي في أحد مستشفياتنا، وهذه حقيقة. بل إن الدول الكبرى في المجال الصحي سجلت أخطاء طبية تصل إلى 1 من كل 13 حالة مرضية. ففي الولايات المتحدة هناك 40 ألف خطأ طبي كل يوم، وسجلت دول الاتحاد الأوروبي أكثر من 750 ألف خطأ طبي خطير في 2013.

فكيف نصدق أن عدد الأخطاء الطبية في المملكة خلال عام كامل لم يتجاوز 300؟

المصدر: صحيفة الاقتصادية