على ما يبدو أن دماء المعلمين أصبحت في متناول أيدي المعتدين بين الحين والآخر، وأصبحت تلك الدماء تسيل على أبواب مدارسهم، إذ تعرض قائد ابتدائية طلحة بن مصرف في حي النظيم، التابع لمكتب تعليم قرطبة، إلى «شج» في الرأس وضربات متفرقة على جسده بعصا غليظة (مشعاب) و«سكاريب» على يد مجموعة ملثمين لاذوا بالفرار. يأتي ذلك بعد فترة وجيزة من اعتداء شخصين على معلم في المدرسة نفسها.

وشرح قائد ابتدائية طلحة بن مصرف يوسف العتيبي لـ«الحياة» قصة الاعتداء عليه، إذ تعرض له أثناء خروجه من المدرسة بعد نهاية دوام أول من أمس (الأحد) تسعة أشخاص ملثمون، جميعهم يحملون العصي والألواح الخشبية والمواسير الحديدية، وبدؤوا الاعتداء عليه، مؤكداً أنه لم يتمالك نفسه من قوة الضرب، إذ تسبب ذلك في شج بالرأس وإصابات في أجزاء من جسمه، مشيراً إلى أن المعتدين لاذوا بالفرار باستقلالهم مركبتين كانتا معدتين لهم، في حين تم نقل قائد المدرسة بسيارة الإسعاف، وهو في حال يرثى لها، إلى مدينه الملك عبدالعزيز الطبية، لتلقي العلاج، في حين فتح مخفر شرطة الروضة تحقيقاً في القضية، مؤكداً أنه سيرفع دعوى قضائية ضدهم لدى المحاكم الشرعية، مبيناً أنه لن يتنازل عن حقة الشرعي، الذي كفله له القانون.

بدوره، زار المدير العام للتعليم بمنطقة الرياض حمد الوهيبي مساء أول من أمس قائد المدرسة المعتدى عليه في منزله شرق الرياض واطمأن عليه، مؤكداً أن الاعتداء على العتيبي لن يمر من غير محاسبة، وقال: «ستقف الوزارة والإدارة مع قائد المدرسة حتى يتم القبض على هؤلاء الجناة»، مؤكداً أنه، بناء على توجيهات وزير التعليم، سيتم تشكيل لجنة لدرس البيئة المدرسية والبيئة المحيطة بالمدرسة، والرفع بالتوصيات الناتجة من ذلك.

في حين انتقد معلمون عدة موقف وزارة التعليم تجاه التجاوزات التي يتعرض لها المعلمون من اعتداءات وضرب من الطلاب وبعض أولياء الأمور من دون أية حماية لهم من الوزارة أو حفظ حقوقهم،.

وكان وزير التعليم وجه أخيراً باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية مهنة التعليم والهيئتين؛ التعليمية والإدارية والطلاب والطالبات والمبنى التعليمي من أي اعتداءات، أياً كانت ومن أي كائن كان، إلا أن المعلمين أثارت حفيظتهم كثرة الاعتداءات عليهم، واعتبروا الإجراءات التي اتخذها وزير التعليم ضد الاعتداء على المعلمين ليس لها أي دور، بل هي «شكلية أمام الإعلام»، على حد تعبيرهم، مشيراً إلى أن موضوع قائد المدرسة المعتدى عليه من مجموعة من الأشخاص يحظى بمتابعة من أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر، الذي وجه برفع تقرير متكامل عن الحادثة، وهو ما زودت الإدارة به الإمارة.

إلى ذلك، أصدرت الإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض بياناً حيال تعرض أحد قادة مدارسها للاعتداء يوم أول من أمس، بعد خروجه مباشرة من المدرسة. وقال المتحدث باسم الإدارة علي الغامدي إن قائد مدرسة طلحة بن مصرف يوسف العتيبي، حين خروجه من المدرسة بعد نهاية الدوام، اعترضته مجموعة من الأشخاص واعتدوا عليه بالضرب، وتم إسعاف قائد المدرسة ونقله إلى مدينة الملك عبدالعزيز الطبية لتلقي العلاج، كما تم إبلاغ شرطة حي الروضة، التي بدأت التحري والتحقيق في الحادثة.

وقال الغامدي أن الإدارة، وبناء على توجيه المدير العام حمد الوهيبي، تتابع حال قائد المدرسة، وتمنحه الدعم الكامل والتعاون مع شرطة منطقة الرياض، حتى يتم القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة، والمطالبة بحق حماية للمؤسسة التعليمية والجهات التابعة لها.

من جهة أخرى، أكد مدير ملتقى المعلمين والمعلمات عبدالله الشريف أن الاعتداء على المعلمين والمعلمات إحدى الظواهر التي باتت تسجل تزايداً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، وذلك لعدم وجود نظام صارم يحمي المعلمين والمعلمات، وعلى وزارة التعليم تحمل مسؤولياتها في الدفاع عن منسوبها، وسن قوانين صارمة تحميهم وتصون مكانتهم وكرامتهم هم وممتلكاتهم من التعرض للامتهان والاعتداء الجسدي والنفسي، وأن تحذو حذو الوزارات الأخرى، التي كان آخرها وزارة الصحة، التي سنت نظاماً صارماً جداً لحماية موظفيها.

البقمي: الواقع يناقض قرار «الوزارة» !

أكد أحد معلمي مدرسة طلحة بن مصرف، الذي تلقى طعنات عدة في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، في يومه العالمي، مشرع البقمي، الذي تعرض لموقف مؤلم ومأسوي أمام مرأى الجميع، طلاباً وأولياء أمور، أن توجيه وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية مهنة التعليم والهيئتين التعليمية والإدارية لم يكن حقيقياً لمصلحة المعلمين والمعلمات، مشيراً إلى أن الوزارة منذ ذلك الوقت لم تتحرك تجاه القضية ولم يتواصل مسؤولوها معه نهائياً.

وقال البقمي أمس في اتصال مع «الحياة»: «منذ وقوع الحادثة لم تتواصل الوزارة معي نهائياً، ولم يقوموا بتوكيل محام، على حد قول الوزير»! مستغرباً صدور قرار من وزير التعليم ولا يتخذ حياله أي إجراء، مبيناً أن قضيته لدى المحاكم الشرعية، ولن يتنازل عن حقه الشرعي.