حمود أبو طالب - جريدة الوطن

عدد القراءات: 1267

منذ إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، ونحن في حوار وتواصل معها، من خلال الكتابة أو الحديث مع أعضائها بشكل مباشر، حينما تجمعنا بهم مناسبة، أو مع شرائح في المجتمع المهتمة بهذا الشأن والمتابعة له, وتواصلنا هذا حتى وإن كان فيه بعض النقد لأدائها إنما مبعثه استبشارنا بوجودها الذي يمثل في حد ذاته نقلة نوعية في مجتمعنا، تحمل في مضمونها أهمية بالغة، ودائماً كان التركيز على أهمية نشر ثقافة حقوق الإنسان كخطوة أولى وأساسية، وأن تكون هذه الثقافة متاحة لكل الفئات والطبقات والأعمار، وليست – نخبوية فقط، وقد تفهمت الجمعية ضرورة هذا الجانب وبدأت في تنفيذه من خلال أساليب ووسائل متدرجة، كان منها عقد لقاءات تعريفية بمفاهيم حقوق الإنسان في مناطق المملكة كخطوة أولى، على أمل أن يأتي يوم تكون هذه المفاهيم من ضمن ما تحتويه مناهج التعليم، بعد أن تنضج التجربة وتتقلص العوائق التي تعترضها , ولكن يبدو أننا نحلم كثيراً، بل نبالغ في أحلامنا حين نعوّل على مرافق التعليم كأهم حقل لانبثاق هذه الثقافة.
قبل أيام قليلة كتبت هنا تعليقاً على تصريحات مسؤولي الوزارة بشأن ما تقول إنها أنجزته من تطوير المناهج، وقلت حينذاك – وهو قول مكرر- إن أي تطوير لن يجدي، إذا لم نتطور أو تتغير كثير من العقليات التي تدير مرافق التعليم، وهاهو مثال جديد يأتينا ليؤكد أننا لا نبالغ أو نتجنى، هاهو مدير إدارة التربية والتعليم في إحدى محافظات المملكة يلغي محاضرة تعريفية بجمعية حقوق الإنسان، كان مقرراً إلقاؤها في تلك الإدارة، ليس هذا فحسب، بل يتهم الجمعية بـ”التجسس” . وكان لهذا المدير من القوة والصلاحيات ما يجعله ينفذ قراره لتقام المحاضرة في موقع آخر.. أي كارثة هذه؟
أي تحدٍ سافر هذا الذي حدث، لاسيما حين نعرف أن وزير التربية والتعليم كان ضمن المؤسسين للجمعية.
لقد اختصر رئيس لجنة الثقافة والنشر بالجمعية تلك الحادثة المخجلة، حين قال في تصريحه لصحيفة عكاظ يوم أمس: “يبدو أن أولويات التثقيف في الجمعية بحاجة لإعادة نظر لتتوجه إلى المسؤولين أولاً قبل الطلاب والمواطنين”. وهذا ما نقوله دائماً، ونضيف إليه هذه المرة: “المسؤولين في التعليم بالذات”، وإلا كيف يمكن لهذه الثقافة أن تكون ضمن ما تتعلمه أجيالنا في المدارس.. كما نحلم..؟

المصدر : جريدة الوطن -