بدر بن أحمد كريم - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 1300

في الوقت الذي تسعى الدولة لتعزيز حقوق الإنسان السعودي وحمايته، وتكريس الالتزام بها واحترام كرامته الفردية وحقه في الحياة الآمنة المستقرة، وأمانه الشخصي، وعدّت الأسرة الخلية الأساسية للمجتمع، والتزمت بالمحافظة عليها، فوجئ المواطن «مطر بن رشيد العتيبي» (يسكن قرية العوالي المرتبطة بمركز المحاني 300 كم عن محافظة الطائف) بلجنة التعديات في المحافظة، وقد هدمت منزله أثناء غيابه، وأخرجت أطفاله وزوجته وبناته في العراء بالقوة، في انتهاك واضح لحقوق الإنسان وآدميته، فاشتكى واقعه المرير للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أوفدت بدورها المشرف العام على فرعها بمنطقة مكة المكرمة (الدكتور حسين الشريف) فتيقّن بأنّ المنزل هدم وهو مسكون، ووجد بداخله أدوات نوم، وأغراضاً شخصية، إضافة إلى مؤن ومواد غذائية، وشاهد بعينيه أسرة هذا المواطن وقد لجأت للسكن في خيمة وعشّة بجوار منزلهم المهدوم، واستمع إلى أقوال الشاكي، وشهود الحادثة، الذين أكدوا أن الأسرة أُخرجت من المنزل، وجرى هدمه بالشيول (نشرة حقوق، الصادرة عن الجمعية، ع17، ربيع الأول 1428هـ، ص3)

ما الجريمة الكبرى التي ارتكبها هذا المواطن، والتي استدعت الإخلال بأبسط حقوقه الإنسانية؟ كيف طاوع قلب لجنة التعديات بمحافظة الطائف، أن تخرجه من منزله بالقوة، وتقذف به في عرض الطريق، فإذا به وأسرته يسكن خيمة وعِشّة؟ هل أدركت اللجنة أنها -بهذا التصرف- أذكت نار المظالم، وهددت أسرة بعدم الاستقرار؟ هل «مطر العتيبي» وحده مطلوب هدم منزله، لأنه ربما أقامه بطريقة غير نظامية؟ أليس هناك من قد يكون بنى فيلا فاخرة بالطريقة نفسها، وسكن فيها مستمتعاً بكل الخدمات، ومع ذلك فلا لجنة تعديات تابعته، ولا تعليمات من البلدية طالبت بإخراجه منها بالقوة هو، وزوجته، وأطفاله، وهدمها فوق رؤوسهم؟.

تكملة هذه القصة المؤلمة والمحزنة تقول: إن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، زودت مكتب الشؤون الاجتماعية بالطائف، بصورة من خطابها الموجه لإمارة محافظة الطائف، كي يقوم المكتب بمساعدة هذه الأسرة، وتأمين حاجاتهم «لاسيما أنهم يجلسون في خيام بالية، وعشش وسط رمال الصحراء، مما قد يسبب لهم أمراضا كالربو وغيره» ولم تكتف بذلك بل عقد رئيسها (الدكتور بندر الحجار) اجتماعاً مع وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة (الأستاذ عبدالله الفايز) الذي قال: «إن الإمارة، وأجهزتها، والأجهزة الحكومية في المنطقة، سوف تعمل على التعاون معالجمعية». كل هذه الإجراءات، لا تمنع من مساءلة الذين أمروا بهدم منزل هذا المواطن أثناء غيابه، وفرض العقوبات عليهم، فقد دخلوا بيوتاً غير بيوتهم قبل أن يستأذنوا، وجعلوا عاليه سافله، وشتتوا شمل أسرة، ولابد من حماية هذا المواطن وأمثاله، ممن قد يتعرضون لانتهاك حقوق الإنسان.

أجزم أن هذا التصرف لا يرضي ولاة الأمر، وأتوقع إجراءً ما إزاء المنتهكين لحقوق «مطر بن رشيد العتيبي» وإنقاذه مما تعرض له يكمن فيتعويضه بسكن ملائم، يقيه وأسرته حر الصيف وبرد الشتاء.

المصدر : جريدة عكاظ -