قضية غصون: حقائق جديدة
سالم بن أحمد سحاب - جريدة المدينة
على ذمة عكاظ (عدد الأربعاء الماضي) ذكر الأستاذ/ حسين سجيني حقائق جديدة مروعة بشأن قضية الطفلة غصون. يقول السيد حسين إن مكتب المتابعة الاجتماعية في مكة المكرمة تلقى شكوى من والدة الطفلة قبل أكثر من شهر من موتها. وقام على إثرها سيادته برفقة عدد من المختصين بزيارة لمنزل والدها وزوجته وقفوا خلالها على آثار التعذيب الظاهرة على جسدها. ولما سُئلت الطفلة عن هذه الآثار لم تستطع الحديث طبعًا بوجود السفّاك الغادر والدها. وأما الأب فأجاب بأنها سقطت من مرجيحة موضوعة في الحوش الخارجي.
وهكذا بكل بساطة غادر الفريق المختص المنزل دون اتخاذ أي إجراء يذكر، واكتفى بمحاولة الزيارة مرة ثانية.. ربما بعد أسبوع أو أسبوعين أو قبل عملية القتل بساعات فرفض الأب السماح لهم بالدخول، فما كان من المكتب إلاّ رفع تقرير متكامل إلى الأمارة.
باختصار كل شيء تم بهدوء، فليس ثمة ما يدعو إلى الاستعجال. هي مجرد قضية طفلة.. لا غير. تعذيبها لا يهم، الكدمات التي عليها لا تحتاج إلى فحص من طبيب، وإنما يكتفي بجواب الأب الجلاّد المنزوعة من قلبه الرحمة. ألا يرى مكتب المتابعة أن ثمة خللاً واضحاً في آلية تخليص الضحايا من جلاديهم!
أليس غريبا مجرد الاكتفاء بسؤال الأب وأخذ أقواله على أنها مسلمات لا يجوز التشكيك فيها وإهمال شكوى الأم، وكأنها لم تكن. وغريب طلب الموافقة من جد غصون على سحب الطفلة من رعاية والدها. أهذه هي أقصى صلاحيات المكتب الموقر المكلف بحماية الأطفال من هؤلاء العابثين والمجرمين؟
أخشى ما أخشاه أن يذهب دم غصون هدرًا لمجرد استمساكنا بقناعات قديمة لا تنطبق على حالة غصون وأمثالها. هل حقيقة يُعفى الأب من كل مسؤولية لمجرد أنه أب؟ الأصل في هذا الإعفاء أن عطف الأب وحنانه يمنعانه من قتل طفلة، وهو إن فعل فلربما كان في لحظة غضب أعمى أو لاستفزاز بدأه ابن بالغ راشد مثلا. أما أن تكون عملية التعذيب ممارسة لفترات طويلة دون أدنى عطف أو شفقة، فقد انتفى الأصل الذي تقوم عليه رابطة الأبوة بكل ما فيها من معاني الرحمة والشفقة والعطف.
القضية هنا يا سادة قضية انتقام شخصي من والدة الطفلة (مطلقته السابقة)، وليست مجرد نزوة غضب أو رد على استفزاز طارىء، الدوافع هنا واضحة وضوح الشمس، ويجب أن تكون أساس الحكم ضد هذا الغادر الأثيم.
بئست الأبوة هذه، وبئست الراية الخضراء التي نمنحها لكل من تسّول له نفسه الجريمة النكراء بدافع التشفي والانتقام.. إن نحن عفونا عن القاتل الأثيم وشريكته سواء بسواء.
المصدر : جريدة المدينة -