حليمة مظفر - جريدة الوطن

عدد القراءات: 2298

في صحيفة الرياض، نشر يوم الجمعة الماضي تصريح للدكتور الشيخ إبراهيم الخضيري، القاضي بمحكمة التمييز بالرياض، والذي تطرق مشكورا؛ لتوضيح الحكم في زواج مرضى الإيدز بغيرهم من الأصحاء، قائلا “إن زواج المصاب بالإيدز بامرأة سليمة، أو العكس.. من باب النخوة أو الستر أو الإحسان حرام ولا يجوز شرعا” وكلامه هذا يذكرنا بزواج ست فتيات سليمات من أبناء عمومتهن المصابين بالإيدز، مما أدى ـ للأسف ـ لإصابتهن بالمرض، وسواء رضين بالزواج جهلا أو إجباراً من أولياء أمورهن، فالنتيجة زيادة نسبة المصابين؛ وذلك مما يثقل ميزانية وزارة الصحة لعلاج المرضى، ويهدد الأمن الصحي، بجانب دفع هؤلاء الفتيات للموت كانتحار بطيء موجع، ولهذا يأتي قول الشيخ الخضيري بالغ الأهمية لتوعية أولياء الأمور ممن يتهاونون بموت بناتهم مع أقاربهم من باب النخوة والستر والعرف القبلي.

كما أن ما تطرق إليه القاضي الخضيري في ذات التصريح من الجواز شرعا في زواج المصابين من المصابات بالمرض نفسه، وحقهم في التمتع كزوجين، كان إنسانيا جدا، وهو ما يدعونا له ديننا السمح، فزواج مصاب بمصابة، يُحقق التعايش لهما في بيئة مستقرة نفسيا واجتماعيا وعاطفيا، لكن الدكتور الخضيري ختم تصريحه بنصحه للأزواج المصابين بالامتناع عن إنجاب الأطفال، وقد بنى رأيه على أن “الأطباء يقطعون بأن الأطفال الذين يقدرون بينهم سيكونون مصابين بالإيدز، فيهلكون” وهذه المعلومة الطبية قديمة جدا، فقد توصل الطب حديثا لإمكانية إنجاب الزوجين المصابين بالإيدز طفلا سليما غير مصاب، وهو ما قرأته مُسبقا في مقالة طبية، لكن لتأكيد معلوماتي من أهل العلم قبل نقلها لكم هنا، طرحتُ تساؤلي هذا على الدكتورة سناء فلمبان رئيسة جمعية مرضى الإيدز بجدة خلال محادثتي لها قبل يوم أمس، وقد أكدت لي بقولها”فعلا، الآن تقدم الطب، ويستطيع الزوجان المصابان بالإيدز إنجاب طفل سليم تماما، بالمتابعة الطبية الدقيقة السابقة للحمل وخلاله، وأخذ الأدوية والعلاجات اللازمة، وكثير من الأزواج السعوديين المصابين الذين تباشر الجمعية متابعة حالاتهم؛ استطاعوا إنجاب أطفال سليمين من المرض”، وأكدت أن نسبة نجاح إنجاب أطفال أصحاء من أبوين مصابين بالإيدز عالية جدا.

أخيرا؛ فإن مرضى الإيدز جزء لا يتجزأ من مجتمعنا؛ وحقهم أن يعملوا ويستمتعوا بالحياة ومن حقهم علينا أن نحتويهم ونساعدهم؛ خاصة أن أكثرهم ضحايا؛ قد ربطهم قدرهم بهذا المرض، وهو ما يمكن أن يحصل لأي منا والعياذ بالله، إذا ما نُقل له دم ملوث أو استخدم حلاق بلا ضمير أدوات حلاقة ملوثة أو ..إلخ، وبما أن الطب كفل لهم إمكانية إنجاب الأطفال الأصحاء، فلماذا نمنعهم من الاستمتاع بأمومة وأبوة؛ إذا ما تحقق شرط قدرتهما على تأديتها وقائيا ونفسيا !؟ فذلك يعزز تصالحهم مع المجتمع لا معاداته.

المصدر : جريدة الوطن -