أحمد بن عبدالعزيز ابن باز - جريدة الوطن

عدد القراءات: 1186

الاعتداء على الناس في أبدانهم أو ممتلكاتهم أو ترويعهم لا سيما في أيام أفراحهم ومسراتهم وأعيادهم من أعظم المحرمات وأكبر الكبائر، لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطبا أمته في حجة الوداع “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”.

إن ما قام به أولئك الشباب المستهترون من التخريب والاعتداء على الناس والممتلكات في مدينة الخبر أمر لا يقره دين ولا عقل ويحتاج إلى الحزم وإيقاع أقسى العقوبات حفاظا للأمن وحماية للأرواحوالممتلكات، وتلك الأفعال الشنيعة تحتاج إلى دراسات معمقة ومتخصصة نفسية وسلوكية واجتماعية لمعرفة الأبعاد الحقيقية والأسباب والدوافع وراء تلك الأفعال، ولعل بعض الكتاب أشار إلى شيء من ذلك. وما يهمني الآن هو الحديث عن تعليق الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان على تلك الأحداث والتي أشارت خلاله ـ بعد إدانتها لتلك الأعمال ـ إلى أن العقوبات التي نفذت بحق بعض المتهمين بتلك الأحداث قد تمت بغير حكم قضائي، وهذا غير مقبول، فالعقوبات البدنية أو المالية أو السالبة للحرية لا تتم إلا بحكم قضائي.

وهذا هو الصحيح، فمع إيماننا وتأييدنا لإنزال أشد العقوبات بحق المفسدين والمجرمين إلا أن ذلك يجب ألا يتم إلا بحكم قضائي، ويمكن أن يخصص أحد القضاة للأحداث والقضايا المستعجلة كتلك الحادثة وهذا ما ينادي به الجميع وهو الفصل بين سلطات الدولة الثلاث، التشريعية والقضائية والتنفيذية لتؤدي كل سلطة دورها بشكل مستقل، والفصل التام بين تلك السلطات هو المفهوم الحقيقي للتكامل والتفاعل المطلوببينها وهو ناقوس العدالة وأساس الدولة الحقيقية، وهذا يجرنا إلى الحديث عن المكاتب القانونية والمستشارين القانونيين والشرعيين في كثير من الدوائر الحكومية، فنحن والحق يقال لا نرى لهم أثرا يذكر مع أنهم خط الدفاع الأول عن الحقوق ونشر العدل بين الناس وعليهم مسؤولية عظيمة تجاه دوائرهم الحكومية. فلا بد من إعادة النظر في تلك المكاتب القانونية وتأهيلها بالأكفاء من الشرعيين والقانونيين ورفع مستوى كادرهم الوظيفي وتفعيل مشاركتهم الحقيقية في قرارات دوائرهم الحكومية وتحديد مسؤولية كلمنهم عما يصدر من قرارات. ومن المهم أيضا إنشاء دائرة أو مكتب تابع لديوان رئاسة مجلس الوزراء، وهو الجهة التشريعية في المملكة، مهمته نشر أنظمة الدولة وقراراتها بشكل دوري وتزويد جميع الدوائر الحكومية بها.
وأخيرا شكرا للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أنتم على الطريق الصحيح.

المصدر : جريدة الوطن -