كلمة اليوم - صحيفة اليوم

عدد القراءات: 1186

يوماً بعد يوم، تخطو المملكة بثقة نحو الإصلاح، عبر تعزيز القدرة الذاتية، واستشعار مكامن القوة والضعف.. ويوماً بعد يوم، يتلمس المليك القائد، مفاتيح التطوير، لبث أفكار خلاقة، ترسي مزيداً من لبنات البناء الواعي، بأساس هادئ، لتشكيل مسيرة النهضة الوطنية، وصياغة حلم التجديد وبعث العقل من ركوده ليتماشى مع أسس الوجود وكينونة الحياة.
وإذا كان برنامج حقوق الإنسان، الذي وافق عليه خادم الحرمين الشريفين بالأمس، سيسهم في مزيد من تمدين المجتمع، ورفده بقواعد فكرية وثقافية، تتجاوز الكثير من العقد والإشكاليات التي طبعت مجتمعنا في السنوات الأخيرة، والتي ارتبط فيها العام بالخاص، واختلط مفهوم ما هو شرعي بما هو تقليدي وعاداتي، ونجح بعض المنظرين في التدليس لإخفاء العديد من المفاهيم الراقية في الحياة، ما أورثنا بعض سلوكيات التضليل والعنف والتعنيف.
وإذا كنا كمجتمع ترسخ في أذهان بعض أبنائه ـ للأسف ـ تقسيم مزري باسم الذكورة والأنوثة، وتصنيف بشع يفرز ـ بدون وجه حق ـ الناس على أساس الثقافة أو المعتقد، ما جعلنا نقع في فخ التحريم والتحليل بدون سند شرعي أو دليل عقلي، إنما فقط استجابة لنزوة فكرية، هي أقرب لتصفية حسابات منها إلى خوف حقيقي أو غيرة على الدين والشرع، وبالتالي صرنا سوقاً مفتوحة لكل من هبَّ ودبَّ، وزادت مساحة العنف بشكلٍ لم يكن مرتبطاً بما يعرف بالإرهاب فقط، إنما تحولت بعض الممارسات السلوكية والأسرية في البيوت والشوارع إلى عنف مضاد يتم تفريغه دائماً ضد الطرف الأضعف في المعادلة، الزوجة/ المرأة، الطفل/ الابن، وامتد ليشمل حالة انتقامية عبر تصرفات جنونية في الشارع العام، تشوّه المباني، والجدران والمرافق العامة والمؤسسات والأسوار والحدائق.
من هنا، يكون حق الإنسان ليس في تجنب كل ما يسيء إليه فقط، إنما في أن يتجنب هو، أو هي أيضاً، كل ما يسيئ للآخرين أو يؤذي مشاعرهم، حق الإنسان الذي لخصه الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، في حسن اختيار الاسم، وحسن اختيار الأم، وحسن اختيار التعامل والبيئة بمفهومها الأعم الأشمل، ما يعني الحق في كل ما هو حسن وجميل، سواء في المظهر العام أو الجوهر.
من هنا أيضاً، تبدو الثقافة المنشودة لحقوق الإنسان، والمستمدة من حق الحياة الحرة والكريمة والبعيدة عن الشرور، مطلباً دينياً، وأخلاقياً واجتماعياً..
من هنا، تبدأ رحلة الإنسان السوي وحقه الطبيعي الذي يجب أن يتوافر تحت أي ظرف، ومن هنا أيضاً، تكون الفكرة السامية لتعزيز الخلق القويم، منهجاً عاماً وإطاراً مهماً.. نحو شخصية تحب الحياة، وتعمل من أجل الحياة، وليس كما يروج دعاة الفتنة، من إيثار للموت، ورغبة مدمرة في التشويه والانتقام.

المصدر : صحيفة اليوم -