قينان عبدالله الغامدي - جريدة الوطن

عدد القراءات: 1442

برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان الذي أعلنت هيئة حقوق الإنسان موافقة خادم الحرمين الشريفين على تطبيقه من خلال المؤسسات والأجهزة المختصة بالتعليم والتدريب والإعلام، وغيرها، يستدعي ضرورة إيجاد وتفعيل الأنظمة التي تحمي حقوق الإنسان.

إن سياسة ووسائل تنفيذ البرنامج التي أعلنها رئيس الهيئة الدكتور بندر العيبان تشي بنقلة نوعية في التوعية بثقافة حقوق الإنسان في بلادنا، بما ينسجم مع أحكام الشريعة الإسلامية، وما يتفق معها من العهود والمواثيق الدولية، وهذه قاعدة عامة تضمنها النظام الأساسي للحكم والأنظمة المنبثقة منه، وهذا يعني أن حقوق الإنسان مبدأ أصيل في الأنظمة القائمة في بلادنا، وقبل ذلك في شريعتنا، ولكن يظل سؤال التطبيق قائماً، ومشرعاً للنقاش حول مدى دقته وشموليته.

إن التوعية بثقافة حقوق الإنسان مطلب مهم وملح، وهو ما تسعى الهيئة إلى تحقيقه من خلال برنامجها هذا، ومع الأهمية القصوى لتشبع الجميع بثقافة حقوق الإنسان ومبادئها، ووسائلها، وآليات تطبيقها، إلا أن فعاليتها وتمثلها في حياة الناس تظل مرهونة بوجود أنظمة دقيقة واضحة تحميها.

وسأضرب هنا – مثلا – فقد تزامن نشر خبر برنامج الهيئة هذا مع خبر تسجيل إدارة الدفاع المدني بالشرقية 45 بلاغ احتجاز زوجات على أيدي أزواجهن في المنازل خلال أسبوعين فقط، وبغض النظر عن مضامين تلك البلاغات ونتائجها، فإن المحصلة النهائية هي أن هناك حقوقا إنسانية انتهكت، وهناك متضرر من هذا الانتهاك سواء كان الزوج أو الزوجة أو الأطفال، وهنا يأتي السؤال، إذ هل يكفي أن يعرف صاحب الحق المنتهك أن حقه انتهك إنسانياً، أم لا بد أن يعرف أيضاً أن هناك نظاما يحمي حقه هذا، ويمكن أن يصل إليه بسهولة؟ وهذا مجرد مثال هدفه إيصال الفكرة، لأنني أعرف أن هناك من يقول بأن شريعتنا الإسلامية تضمنت كل ما يحمي حقوق الإنسان، قبل أن يفكر فيها الغرب، وهذا صحيح وهو ما نعتقده، لكن يظل السؤال عن كيفية التطبيق قائماً.

إن الذي نجح فيه الغرب وفشلنا فيه هو النظام والقانون، فهو حول ما يعتقده إلى أنظمة وقوانين مطبقة وملزمة، بينما ظللنا نتحدث عن مبادئ وعموميات، ولهذا تقدم وتأخرنا، ولا مناص لكي نلحق من أن نحيل المبادئ والعموميات إلى أنظمة وقوانين ملزمة للجميع.

نشر ثقافة حقوق الإنسان جهد مطلوب ومشكور، لكن الثقافة وحدها تظل تنظيرا مجرداً والقناعة بجدواها لن تتحقق ما لم تقترن بسيادة النظام والقانون.

المصدر : جريدة الوطن -