حقوق المستهلك كيف نحميها؟
د.نورة خالد السعد - جريدة الاقتصادية
نشرت الصحف يوم السبت هذا الأسبوع خبرا عن انتظار جمعية حماية المستهلك قرار وزارة التجارة حول قضية ارتفاع أسعار المشروبات الغازية لتدلي عقب ذلك بدلوها في هذه القضية.
وأوضح نائب رئيسها الدكتور ناصر بن إبراهيم آل تويم أن الجمعية رغم حداثة نشأتها تبنت كثيرا من المواقف الحازمة ضد المغالاة في الأسعار, وأن الجمعية قد تتبنى حملات «مقاطعة» ضد أي منشأة تجارية ترفع أسعار سلعها دون وجود مبررات حقيقية.
وأضاف أن الجمعية «أعطاها النظام كثيرا من الحقوق وتبني قضايا المستهلك ومحاربة المغالاة في الأسعار، مؤكدا أن الجمعية تتابع بعناية جميع القضايا التي تتعلق بالمستهلك مع الجهات ذات العلاقة, وأنها قد ترفع قضايا أمام السلطات القضائية ضد بعض الجهات, حكومية كانت أو تجارية, عندما تتهاون في تطبيق الأنظمة أو تغالي في الأسعار».
ومن المعروف أن «حماية المستهلك» تعد حقا معترفا به من «حقوق الإنسان», حيث أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة مجموعة من الحقوق الخاصة بالفرد بصفته مستهلكا في قرار لها وهو القرار 39/328 في 1985, وهذه الحقوق تتمثل في:
1 ـ الحق في تأمين الحاجات الأساسية: وتشمل المأكل والملبس والمسكن والصحة والتعليم. ولضمان استيفاء هذا الحق طالبت الأمم المتحدة الدول باتخاذ إجراءات تكفل استيفاء هذا الحق كإنشاء مؤسسات رقابية واعتماد المعايير الدولية للجودة وضمان توافر هذه الحاجات بشكل دائم وبأسعار مناسبة.
2 – الحق في السلامة (حق الأمان): ومقتضى هذا الحق هو حماية المستهلك من المخاطر التي تسببها المنتجات والسلع والخدمات. وحث القرار الدول على إصدار التشريعات التي تضمن الحق في السلامة.
3 – الحق في الحصول على المعلومات: ويعني أن تدون على المنتج أو الكتيبات التوضيحية الملحقة به معلومات صحيحة وإيجاد قواعد معلومات للمستهلك ومنع الإعلانات التضليلية.
4 – الحق في الاختيار: أي الحق في انتقاء المنتج أو السلعة من نوع واحد التي تلائمه من حيث الجودة والسعر المناسب.
5 – الحق في التمثيل والمشاركة في اتخاذ القرار: ينبغي الاستماع إلى رأي المستهلك وإشراكه في إعداد السياسات الخاصة بالاستهلاك وللمستهلكين إنشاء جمعيات لحماية حقوقهم وإيصال أصواتهم للجهات المختصة.
6 – الحق في التعويض: ينبغي أن تكفل التشريعات حق المستهلك في الحصول على تعويض عادل في حالة تضرره من الخدمات والسلع التي اقتناها.
7 – الحق في التثقيف: وهو الحق في التمتع بالمعارف والمعلومات الكافية لتوخي سلوك استهلاكي رشيد وواع ولتساعده على الاختيار الأمثل للخدمات والسلع المتنوعة بما يلائم وضعه الاقتصادي.
8 – الحق في العيش في بيئة نظيفة: ويكفل هذا الحق للمستهلك ضمان العيش في بيئة سليمة خالية من التلوث من خلال الاستخدام الموازن للموارد ومكافحة مصادر التلوث. وللمستهلك الحق في الاعتراض بشتى الوسائل القانونية على تلوث البيئة من المخلفات الصناعية وعوادم السيارات والمبيدات والأتربة لما توقعه من أضرار على صحته وصحة أسرته.
هذه الحقوق رغم أهميتها لكننا في أرض الواقع نجد انتهاكا صارخا لها, والدليل العديد من المنتجات التي تمتلئ بها الأسواق رغم التحذير منها لخطورتها على الصحة, ونجد أيضا الإعلان عنها في الصحف الخاصة بالإعلانات.
من المسؤول عن هذا؟
وإذا بحثنا عن تفعيل حق حصول المستهلك على التثقيف بما يحفظ له صحته وأمنه نجد أنه تفعيل ضعيف لا يرقى إلى مستوى خطورة أي منتج أو سلعة تسبب أضرارا صحية ونجدها في الأسواق وبعد تداولها بسنوات نجد التحذير منها! ورغم هذا التحذير ألا أن السلع تبقى في الرفوف, خصوصا في دكاكين القرى والحواري! فأين المتابعة ؟
ثم هناك عدم وضوح في ذكر المعلومات الخاصة بأي منتج وما محتوياته؟ ومن تصله معلومة عن خطورة منتج أو تكوين منتج من مواد خطيرة أو محرمة إسلاميا كلحم الخنزير أو الخمور فإنه يقوم بنشرها بين من يعرف, والواعون فقط هم من يتتبعون هذه المكونات لحماية صحة المستهلكين. وخير مثال ما تم نشره منذ أشهر وربما أكثر عن المادة التي تدخل في مكونات عديد من الأغذية والأجبان وأنواع من الشكولاته وهي مادة (الجيلاتين) التي مصدرها من جلود الخنازير لرخص ثمنها وكثافة الدهن فيها.
من المسؤول عن حماية المستهلكين من مكونات هذه المادة ومن بيع السلع الغذائية التي تتضمنها؟ هل هي جمعية حماية المستهلك أم هيئة المواصفات والمقاييس؟ من الذي يفترض أن يكون ناقوس الخطر لأي سلعة أو مكوناتها الخطيرة؟ ومن الذي يفترض أن يكون له دور في إيضاح هذه الخطورة, خصوصا أننا مجتمع مسلم تحرم شريعته أكل الخنزير أو استخدام دهنه؟
ما يتعلق بارتفاع سعر المشروبات الغازية التي تحقق شركاتها أرباحا غير عادية, والدليل بيان مرتبات وميزات مديريها غير السعوديين الخيالية التي تداولها أيضا سابقا عدد من المواقع الإلكترونية!
ما الداعي له؟
كما ذكر الدكتور آل تويم «إن شركات المشروبات الغازية صرحت بأن أسعار منتجاتها مقارنة بدول أخرى تعد منخفضة، لكن ما يدعو إلى التوقف أن الدولة قدمت تسهيلات كبيرة ومزايا مغرية للمنتجين لا تقدمها تلك الدول، وآراء كثير من المختصين أكدت هذا الأمر». وذكر أنه إذا «كانت هناك أسباب منطقية لهذا الارتفاع فكان يجب أن يكون هناك تدرج في رفع الأسعار وأن يتم عبر الجهات الحكومية كوزارة التجارة».
هنا لا أتفق معه لأن المتوقع العودة إلى ميزانيات هذه الشركات ومقارنة أرباحها الخيالية السنوية عاما بعد عام, التي تتضح في مرتبات وميزات مديريها غير السعوديين!
اهتممت بما ذكره الدكتور آل تويم حول حرص الجمعية على «أنه لا يتم اتخاذ قرارات أو أن تبنى آراء دون معطيات ودراسات مستوفية, وهذا ما يحدث في قضية المشروبات الغازية, حيث ننظر إلى القضية من جهتي ارتفاع الأسعار ومخاطرها الصحية على المستهلك, ولذلك سنطالب الشركات مستقبلا بوضع تحذيرات من مخاطر هذه المشروبات على العبوات».
وإذا تابعنا الارتفاع المستمر في أسعار الأدوية .. من المسؤول عنه؟ ناهيك عن عديد من السلع الأخرى. هذه الجمعية محل انتقادات عديد من المستهلكين, بل بعضهم لا يعرف أنها تأسست, لأن دورها في الإيضاح عن أسماء الشركات أو نشر قائمة السلع المضرة بالصحة, لكن لا نقرأ عن تطبيق أي عقوبة مالية أو سجن أصحاب الشركات التي تروج لهذه السلع وتبيعها للمستهلكين في المجتمع.
سابقا كان ينشر أسماء الشركات وأصحابها ممن يبيعون سلعا منتهية الصلاحية, والآن لا نعرف أن هناك أي عقوبة! لهذا نجد أن قطاعا كبيرا في المجتمع ليس لديه هذه الثقة بإنجازات الجمعية, خصوصا أنها تابعة لوزارة التجارة وليست جهة مستقلة تستطيع ممارسة صلاحياتها وتحقيق أهداف حقوق المستهلك المتفق عليها علميا, وقبل كل ذلك كما جاء في الشريعة الإسلامية التي تحمي المستهلك.
رد آل تويم على الانتقادات التي توجه لجمعية حماية المستهلك كونها جهة تنضوي تحت لواء وزارة التجارة وعدم قدرتها على اتخاذ مواقف حازمة واختفاء صوت الجمعية في مثل هذه القضايا على الرغم من أنها تعد «صوتا» للمستهلك, خاصة بعدم الرد على بعض البيانات المضللة من الشركات والوسائل الإعلانية، مبينا أن أنظمة الجمعية تؤكد أنها جهة مستقلة عن أي جهة حكومية وكفل لها الاستقلالية المالية والإدارية بقوله: «الجمعية لم تستكمل بعد بنيتها الإدارية والتنظيمية, خاصة أنها حديثة النشأة وما قدمته خلال أقل من عام يعد إيجابيا. وأوضح أن التنسيق مع الجهات الحكومية ذات الاختصاص أسوة بالتنسيق مع عدة جهات أخرى كالجمارك وهيئة الغذاء والدواء والأمانات, حيث تقوم الجمعية بنقل صوت المستهلك لتلك الجهات وأخذ التوضيحات منها».
** هذه الجمعية لا بد أن تكون سدا منيعا يحمي المستهلكين من جشع بعض التجار وعدم أمانتهم. وتلاعبهم بحقوق أي مستهلك.
*** (على المستهلك مسؤولية لأن أصوات المستهلكين وقراراتهم تشكل ضغطا هائلا على الشركات) .
نعم هذا هو الرأي الصحيح الذي لا بد ألا نتخلي عنه نحن المستهلكين, ولا تمنعنا هذه الوزارة وتلك من التعبير عن المطالبة بهذا الحق.
المصدر : جريدة الاقتصادية -