محمد بن عبدالرزاق القشعمي - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 1763

خصصت الأمم المتحدة الثامن من شهر مارس من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للمرأة، ويسعدنا أن نحتفي ونرفع رؤوسنا عاليا للمستوى المشرف الذي وصلت إليه المرأة في بلادنا في جميع المستويات، بدءا بالتعليم رغم قصر مدته، إذ لم يمض على افتتاح المدارس لتعليم الفتاة سوى خمسين عاما. سبقها مطالبات مبكرة من الرواد مثل: محمد حسن عواد وأحمد السباعي ومحمد راسم في جريدتي (أم القرى) و(صوت الحجاز).

إذ كتب الأستاذ محمد حسن عواد في كتابه (خواطر مصرحة) عام 1345هـ 1926م، والذي أحدث ضجة ـــ وقتها ـــ مطالبا بأمور كثيرة منها تعليم الفتاة تحت عنوان (كيف تكونين؟)، كما كتب الأستاذ أحمد السباعي تحت عنوان: (حاجتنا إلى تعليم البنات، شيء يقره المنطق!) نشر في كتاب (وحي الصحراء) 1936م، أعقبه الأستاذ عبد الله القصيمي كتب في (هذي هي الأغلال) عام 1946م (الإنسان هي أم سلعة) كما كتب قبل ذلك الأستاذ محمد راسم في صوت الحجاز العدد 63 في 26 صفر 1352هـ 6يوليو 1933م تحت عنوان: (المرأة قوة يظهر فعلها في ولدها).

شارك الأستاذ عبد الكريم الجهيمان في صحيفته (أخبار الظهران) بمقال (نصفنا الآخر) في العدد 24، وتاريخ 1/6/1375هـ، وبسبب هذا المقال تعرض لمضايقات. كما شارك الأستاذ عبد الله بن خميس بقصيدة (الأم مدرسة) والشاعرة سارة بو حيمد كتبت في جريدة القصيم في 1/8/1381هـ: (لا تمنعوا العلم عن فتياتكم) وغيرهم مثل الأستاذ إبراهيم الفلالي، إذ كتب في صوت الحجاز في 25/4/1353هـ (تعليم الفتاة).

وقد بدأ الرائد أحمد السباعي بالكتابة في صوت الحجاز تحت توقيع (فتاة الحجاز) و(خديجة) و(سمراء الجزيرة)، صار يكتب حوارا بين فتاتين ثم جاءت أول محاولة من شاب يقول إن أخته كتبت ذلك ففرح فرحا شديدا فنشر لها باسم (متعلمة حجازية) بعد تعديل وتقويم المواضيع، يقول من باب الطرافة إنه جاء إليه أحد وجهاء مكة وهو الأستاذ عباس قطان ـــ أمين العاصمة فيما بعد ـــ وطلب منه أن يدله على الفتاتين ويخبره باسميهما، فرفض أن يفصح عن (سر المهنة) فقال له: إن هدفي نبيل، فقد نويت أن أتزوج فتاة متعلمة ولم أجد سوى هاتين. فرد عليه السباعي قائلا: ما دام الأمر كذلك فأنا أحد هاتين الفتاتين، فرد عليه قطان: الله يقرفك ـــ يضحك ـــ أما الأخرى فهي بنت فلان. فذهب وخطبها وتزوجها وقد أنجبت له عددا من الأبناء والبنات الصالحين ولله الحمد.

أعود إلى بدايات التعليم والدعوة إليه، فقد صدرت الموافقة السامية من الملك سعود على افتتاح المدارس لتعليم البنات العلوم الدينية بين عامي 1379/1380هـ وعارض بعض المتشددين في بعض المناطق في نجد، وجاء منهم من يطالب بعدم فتح المدارس مثل وفد بريدة، وعارض بعضهم وضايقوا مندوب الرئاسة العامة لتعليم البنات وهددوه بالقتل وهرب ليلا إلى الرياض وهو الأستاذ عبد الله بن محمد الحسيني الذي أرسل للزلفي لفتح أول مدرسة للبنات، ولكن إصرار المسؤولين على فتح المدارس تزامن مع عدم إجبار أولياء الأمور على إدخال بناتهم بها. بل يترك الأمر اختياريا، ولهذا فقد كلف الدكتور عبد الله بن عبيد ـــ وزير التربية والتعليم فيما بعد ـــ بالذهاب للزلفي بكتيبة من الجنود وفتحت المدرسة هذا كمثال بسيط، ولا أنسى أن بعض وجهاء القطيف قد أبرقوا للملك سعود عام 1375هـ يطالبونه بفتح مدرسة، وأن هناك بعض المدرسين المصريين معهم زوجاتهم وأنهن متعلمات فيرجون السماح لهن بتدريس بناتهم، فجاءهم الجواب بأن تعليم البنات مدعاة لفسادهن.

والآن وبعد خمسين عاما من السماح بتعليم البنات وبعد سبع سنوات من دمج الرئاسة في وزارة التربية والتعليم وتعيين نائبة للوزير تعنى بتعليم المرأة يجدر بنا أن نقف لنستعرض سريعا وبشكل عشوائي ونذكر نماذج مما وصلت إليه الفتاة السعودية من رقي لأعلى المناصب، وهي تتوق لما هو أكبر وأعلى مع الإشارة إلى مقال الأستاذ هاشم الجحدلي في 13 محرم 1430هـ عندما كتب زاويته في «عكاظ»: (زمن المرأة) قائلا: « .. لهذا فإن حق الوطن والتاريخ أن نقول: إنه زمن المرأة، المرأة المبدعة والحرة والإنسانة والمسلمة دائما كما يريد الدين لا كما يريد أعداء النور ..»، وهذا يذكرني بما سبق أن قاله أستاذنا عبد الكريم الجهيمان قبل سنوات من أن المرأة هنا أصبحت أشجع من الرجل وستقود المجتمع إلى غد أفضل.

ولنعد إلى زمن الحصاد بمناسبة يوم المرأة العالمي فكيف أصبحت؟ وإلى أين وصلت ابنة الوطن ؟ فنجد على سبيل المثال:

ـــ الأستاذة نورة بنت عبد الله الفايز: نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنات والتي اختارتها مجلة التايم الأمريكية ضمن قائمة الـ 100 شخصية الأكثر نفوذا في العالم محتلة المركز الـ 11 لتسبق الرئيس الأمريكي والفرنسي.

ـــ الدكتورة ثريا أحمد عبيد: نائب الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الإسكان واللاجئين من عام 2000م، وهي أول عربية تتبوأ هذا المنصب.

ـــ البروفيسورة غادة بنت مطلق بن عبد الرحمن المطيري، والتي نالت جائزة الإبداع العلمي من أكبر منظمة لدعم البحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي جائزة ودعم علمي قيمتها ثلاثة ملايين دولار، وقد قالت عنها والدتها السيدة نجاة بنت محمود المطيري إنها أشجع من مائة رجل فلم أشعر بالخوف عليها، وهي أول عالمة تستخدم الضوء بدلا من المبضع.

ـــ الدكتورة حياة بنت سليمان سندي، في جامعة هارفرد الأمريكية، مبتكرة جهاز لكشف الأمراض والتي شجعتها منظمة ((pop tech» المستقلة العالمية عضوا مدى الحياة، وأبلغتها بالرغبة في تعيينها سفيرة للمنظمة في الشرق الأوسط كأول امرأة عربية تدخلها من بين 15 باحثا وعالما لعام 2009م حتى أن المنظمة قد قالت إن سندي من قادة التغيير في العالم عبر أبحاثها التي تفيد البشرية.

ـــ الدكتورة هتون أجواد الفاسي، والتي حصلت على الوسام الفرنسي، وهو وسام السعفة الأكاديمية برتبة فارس من الحكومة الفرنسية.

ـــ الدكتورة خولة بنت سامي الكريع، والتي منحها خادم الحرمين الشريفين وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى.

ــــ الدكتورة هيفاء جمل الليل، رئيسة جامعة عفت في جدة وهي تعد أول تجربة أهلية نسائية سعودية في مجال التعليم العالي الأهلي.

ـــ الدكتورة الأميرة الجوهرة بنت فهد آل سعود، مديرة جامعة الأميرة نورة في الرياض.

ـــ الدكتورة ثريا التركي، رئيسة قسم علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة منذ عام 1965م.

ـــ نجدية الحجيلان أول مذيعة سعودية، زوجة الأستاذ المذيع عباس فائق غزاوي.

ـــ دلال عزيز ضياء ووالدتها أسماء زعزوع، وهما مذيعتان.

ـــ مشاعل ناصر الشميمري والتي تعمل في وكالة (ناسا) الفضائية الأمريكية.

ـــ الدكتورة فاتنة أمين شاكر من أوائل المذيعات وأول رئيسة تحرير مجلة سعودية (مجلة سيدتي) عام 1980م، والدكتورة خيرية السقاف أول مديرة تحرير لجريدة الرياض قبل ثلاثين عاما.

ـــ الدكتورة انتصار بنت أحمد فلمبان عضو في مجلس إدارة الاتحاد الآفرو آسيوي ممثلة للمملكة وعضو لجنة إصلاح ذات البين في هيئة حقوق الإنسان.

ـــ هدى قطان الفائزة بجائزة منظمة الصحة العالمي.

ـــ فاتن خورشيد، رئيسة وحدة زراعة الخلايا والأنسجة في مركز الملك فهد للبحوث الطبية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة.

ـــ سيدة الأعمال نادية الدوسري، والتي صنفت ضمن أفضل 25 سيدة أعمال عربية.

ـــ الكابتن طيار هنادي زكريا هندي، أول سعودية تقود الطائرة.

ـــ الدكتورة فوزية بكر البكر، الفائزة بجائزة الباحثين المتميزين من مؤسسة نساء بلا حدود في فيينا.

ـــ الدكتورة نورة الشمري ملحق صحي للمملكة في ألمانيا.

ـــ الطالبة سماح فيصل عبد الكريم الحاصلة على المركز الأول في جامعة شاندونج في جمهورية الصين الشعبية.

ــ ولأختم هذه الإطلالة مذكرا بما نشرته جريدة أم القرى من العدد 930 الجمعة 13 شوال 1361هـ، 23 أكتوبر 1942م في صفحتها الأولى تحت عنوان (فوز طالبة) «من أخبار مصر أن الحكيمة لطيفة بنت السيد عبد الحميد الخطيب عضو مجلس الشورى قد نالت شهادة الدبلوم من كلية الطب وجامعة فؤاد الأول في الولادة وأمراض النساء ورعاية الطفل والطب الشرعي، وكانت الأولى في الولادة والرابعة في مجموع العلوم من عموم طلبة القطر المصري لهذا العام وقد عينتها الحكومة المصرية حكيمة لمعهد التربية البدنية العالي للبنات. وهي أول فتاة سعودية نالت هذه الشهادة من الخارج فنقدم لها ولوالدها عظيم التهاني».

ولهذا من حقنا أن نفخر ونتباهى بما وصلت إليه المرأة في بلادنا .. وبانتظار المزيد.

المصدر : جريدة عكاظ -