د. عبد الله بن عبيد الحافي - صحيفة الاقتصادية

عدد القراءات: 1386

في العقدين الأخيرين أولى كثير من دول العالم حقوق الإنسان أهمية وعناية مع تفاوت فيما بين تلك الدول في إيجاد الضمانات الكافية لحماية هذه الحقوق.

ويحيل كثير من الدول في هذه القضية – معرفة الحقوق – إلى الدساتير والقوانين المعنية، وهذه القوانين قد تنتقص من حقوق الإنسان ابتداءً وقد تتعارض مع قوانين أخرى استثنائية تؤدي في النهاية إلى انتهاك حقوق الإنسان.

وفي السعودية لا تخرج حقوق الإنسان في تقديرها وتصويرها وتنظيمها والدفاع عنها عن القرآن الكريم والسنة النبوية وسنن العدل والفطرة، فمن خلال هذه الأصول يتم فحص الإعلانات والعهود والمواثيق والصكوك الدولية العامة والجزئية منها، وهذا ما نصّت عليه المادة الأولى والمادة الخامسة من نظام هيئة حقوق الإنسان بالسعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (207) وتاريخ 8/8/1426هـ.

بل إن نظام هيئة حقوق الإنسان في السعودية قد جعل من وظائف الهيئة ومسؤولياتها الرئيسة تنمية الوعي ونشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع كما في المادة الخامسة والمادة الحادية عشرة من نظام الهيئة.

وهذا يقودنا كمواطنين ومهتمين بهذا الشأن إلى أن نتعرف على مصادر حقوق الإنسان في بلادنا لاسيما بعد صدور حُزمة كبيرة من الإصلاحات الإدارية والتنظيمية لجوانب مهمة تمسُّ أمن المجتمع واستقراره ولعل من أهمها الأنظمة العدلية الثلاثة وهي نظام المرافعات ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام المحاماة، كذلك صدور نظامي القضاء وديوان المظالم الجديدين اللذين يمثلان خطوة رائدة وموفقة سيكون لها الأثر الإيجابي في تسهيل وتيسير إجراءات التقاضي والفصل في الخصومات، وقد اشتمل النظامان على تعديلات مهمة تستهدف تحقيق المصلحة العامة وتخدم الهدف العام من نصب القضاة في الإسلام.

وهناك نظامان مهمان يمسّان شريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين وهما نظام العمل والعمال ونظام الخدمة المدنية ولوائحها التنفيذية وما طرأ عليها من تعديلات وإضافات وتفسيرات ونحو ذلك، فكثيراً ما نرى ونسمع عن تعثر سير كثير من الحقوق والمصالح بسبب جهل الموظف المختص بحقيقة النظام وما يجب أن يتخذه إزاء قضية معينة فيوقع المواطن والمراجع في حرج شديد, وكان يمكن تفادي هذه الأمور لو فُعّل جانب التطوير والتدريب المستمر بهذه المرافق والمصالح العامة.

إن نشر الثقافة الحقوقية خير عون للمواطن فهي تساعده على توفير وقته وجهده وذلك بأن يعلم حقيقة المشكلة التي تواجهه ويعلم الطريق المؤدي إلى حلها وإنهائها، وتكون هذه المعرفة سبباً في طمأنينته وثبات ثقته بالإجراءات والتدابير النظامية لإنهاء مشكلته والعكس بالعكس.

كما أن العناية بمعرفة الحقوق تتفاوت حسب المسؤولية وكلما زادت مسؤولية المواطن تأكد في حقه العناية بإيصال الحقوق إلى ذويها ممن تحت ولايته وفي نطاق مسؤوليته, وهذا غير ممكن في حق من لم يهتم بهذا الأمر أو يجهله, ففاقد الشيء لا يعطيه، وهذا يقود إلى توجيه الدعوة إلى القطاعات الحكومية والأهلية ذات العلاقة بإقامة الدورات التدريبية التي تعنى بحقوق الإنسان بشقيها الشرعي والنظامي, وأن يكون من ضمن المستهدفين بهذه الدورات القيادات الإدارية على مختلف مستوياتها، ولو أدرج الحصول على هذه الدورات الحقوقية كشرط للترقية أو شرط للأفضلية فإن هذا مما يصب في هذا الاتجاه وهو نشر الوعي الحقوقي والتأكيد على أهمية الجانب المعرفي الذي لا يمكن فصله عن الواقع العملي.

فهناك مستويان لا بد أن يكونا على علم ودراية بهذا الجانب ولا يكفي معرفة أحدهما بل لابد من معرفة كلا الجانبين لحقوقه وواجباته حتى تكتمل المنظومة وتؤتي ثمارها.

المصدر : صحيفة الاقتصادية -