د. هيثم محمود شاولي - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 1120

يشكل العنف ضد المرأة ظاهرة نفسية ومرضية منتشرة فى المجتمعات العالمية كافة وخصوصا العربية، وتؤدي إلى انعكاسات وأمراض نفسية خطيرة للمرأة مثل الاكتئاب والانهيار العصبى وفي النهاية إلى أبغض الحلال إلى الله وهو (الطلاق) أو الانتحار أو القتل فى أسوأ الظروف، وبالإضافة إلى تأثر سلوك نفسية الأطفال فتصبح لهم ميول عدوانية، ويصابون بأمراض نفسية تؤثر عليهم في الوقت الذي يفترض أن يكون فيه هذا الجيل الجديد خاليا من العقد النفسية وما يؤثر على بناء شخصياتهم. وما يلاحظ أن العديد من الدول العالمية العظمى التي تمتاز رؤيتها الخارجية بالعنف، تتميز سياستها الداخلية بأنظمة مأخوذة من الإسلام، وبينما نحن أبناء الإسلام في الدول الأسلامية نتجاهل في تطبيق كثير من هذه الأنظمة.

وكنموذج على ما ذهبت إليه في كلامي، قصة واقعية سردها لي أحد أصدقائي المقربين والعائدين من الولايات المتحدة فيقول: إن طالبا عربيا مبتعثا إلى أمريكا ليستكمل دراسته وبرفقته زوجته وطفلاه، وكان هذا الطالب أو الزوج قد اعتاد على ضرب وشتم زوجته بشكل مستمر ، وفي كل مرة كانت هذه الزوجة التي لا حول ولا قوة لها تستغيث وتستنجد بالجيران، وعندما يشتد الأمر ويصبح قاسيا على نفسيتها تلجأ إلى أهلها مستغيثة بالتدخل السريع لرفع الظلم عنها، لكنها للأسف لم تجد من أهلها وصديقاتها سوى كلمة «اصبري فإن الله مع الصابرين»، وفي أحد الأيام وعندما طفح الكيل ولم يعد للصبر حدود قررت في صمت أن تضع حدا ونهاية لقصتها حتى ترتاح من ألم الجسد والألم النفسي، فبادرت في خطوة جريئة بالاتصال على الشرطة الأمريكية والإبلاغ عن تجاوزات زوجها، وما إن أغلقت السماعة وفي خلال دقائق معدودة وصلت الشرطة إلى منزل العائلة العربية، وتم التحقيق مع الزوجين والأبناء بشكل منفرد، وتبين للشرطة بأن الزوج (الطالب) قد اعتاد على ضرب زوجته بشكل مستمر، وتم حجزه فى قسم الشرطة مع وضع حماية للأسرة، وتكليف الشرطة بإيصال الأبناء إلى المدرسة، وصرف مبلغ مادي حتى تتمكن العائلة من شراء بعض المستلزمات الضرورية، وأخذ تعهد من الطالب بعدم دخول الحي الذى تسكن فيه زوجته وأبناؤه وعدم التعرض لهم حتى يصدر القاضي حكمه فى القضية. وعندما أدركت الجهات الرسمية الأمريكية عدم قدرة الزوجة في توكيل محامٍ لكى يدافع عنها في المحكمة تبرع محاميان أمريكيان للمرافعة عنها مجانا، فكسبت الزوجة القضية وانفصلت عن زوجها مع حقها في الاحتفاظ بالأبناء، ووفرت هذه الجهات للزوجة السكن مع دفع الأجرة عنها وتوظيفها في وظيفة تتناسب مع دينها ومبادئها، كما سددت تكاليف دراسة الأبناء واعطائهم التأمين الصحي، وتغير تأشيرتها من مرافق إلى فيزة لاجئة. والآن وبعد هذه القصة الإنسانية أتساءل: كم من امرأة تضرب وتهان وتؤذى وتتعرض كل يوم في وطننا العربي والإسلامي لمثل هذه المشاكل ولا تجد من ينجدها، وأخشى بعد قراءة هذه القصة أن تطالب كثير من النساء فى العالم العربى السفر والتوجه إلى أمريكا أو الدول التي تتعامل بالأنظمة الصارمة.

وقد فعلها عمر بن الخطاب قبل أربعة عشر قرنا مع امرأة مظلومة، فذهب بسيفه إلى بيت زوجها وأخذ المرأة وأنقذها وأدب الرجل تأديبا بالغا، وقد أوصانا رسول الله بالنساء «استوصوا بالنساء خيرا»، والله من وراء القصد.

المصدر : جريدة عكاظ -