عبدالعزيز السويد - جريدة الحياة

عدد القراءات: 1263

الحاجة واضحة لنشر ثقافة حقوق الإنسان والتعريف بها، لذلك قامت كل من جمعية حقوق الإنسان والهيئة بنشاط مهم خلال هذه الفترة، في باكورة هذا النشاط حضرت ندوة أقامتها الجمعية وبمشاركة من هيئة حقوق الإنسان بالرياض. من بين المدعوين عدد من القضاة في ديوان المظالم، كان من اللافت حضورهم المؤثر في النقاش. لمست من طروحاتهم مستوى الوعي المتقدم بأوضاع الحقوق في بلادنا وموضوعية الطرح مع شفافية لا يخطئها الفهم، ولا أخفي ابتهاجي بذلك، الصورة، التي تركها أصحاب الفضيلة الذين تحدثوا تلك الليلة، صورة مشرقة، إنها تختلف عن الصورة النمطية للقضاة في المحاكم، تلك الصورة التي نعرفها جميعاً، أتحدث عن صورة ترسخت على مدى عقود ولا أعمم، وحتى يتضح مقصدي للقارئ، ألخصه بالقول إنني «لم أجد في القاضي صورة الخصم»، اذا كانت الظروف قادتك يوماً من الأيام للوقوف أمام قاض لأي حاجة حاول تذكر شعورك تلك اللحظة.

ربما يكون لطبيعة عمل ديوان المظالم واختصاصاته دور في ذلك، في كل الأحوال أعتقد ان هذا الجهاز قادر على القيام بدور كبير في تطوير أعمال القضاء في شكل عام ونشر ثقافة الحقوق، وأرى ان من المهم الوفاء بحاجاته والعاملين فيه والعمل على تطويره واستقلاليته وتسريع نفاذ أحكام يصدرها، فهذا ما يحقق الأهداف الكبرى للدولة.

أعود الى نشر الحقوق، بحثاً عن الأسلوب الأمثل، إذا استطعنا تعريف الأفراد بحقوق الآخرين سنتمكن من ترسيخ حقوقهم هم انفسهم في افئدتهم ومن ثم سلوكهم، سنحقق هدفين بخطوة واحدة، ما نواجه لا ينحصر في عدم علم أو وعي الفرد بحقوقه فقط، بل بتعديه على حقوق الآخرين في الحياة العامة – انظر الى حقوق الطريق مثلاً – نعم، المساران مكملان لبعضهما، لكننا انشغلنا بالآخر البعيد بسبب تداعيات 11 سبتمبر، وآن الآوان لنشتغل باجتهاد على الآخر القريب، هذا في العام أما الخاص فإن توعية جهات حكومية معنية بالحفاظ على الحقوق هي الأساس، إن من اللافت في تجارب ماضية تعدي فيها على حقوق الكثير وأن الجهة المعنية بالحفاظ عليها، بررت قصور أدائها بنقص الوعي لدى المتضررين، لكنها لم تعلم أنها كشفت دورها في تمكين آخرين من استغلال نقص هذا الوعي، وتناست ان الرفع منه وتطويره هو واجب عليها لم تؤده على الوجه الأكمل، الشواهد هنا كثيرة. وفي جهات أخرى مثل الجهات الأمنية، فإن استحداث إدارات لحقوق الإنسان أمر جيد ومتطور، ولتحقيق الهدف الكبير من المهم تحديد دورها بوضوح حتى لا تتحول إلى واجهة خارجية لا غير، فلا يتم نسيان أن أولى مهامها نشر ثقافة حقوق الإنسان في المنظومة التابعة لها وتتبع أي تعدٍّ على الحقوق فيها، إذا لم تنجح في هذا فستبقى شكلاً من أشكال إدارات العلاقات العامة

المصدر : جريدة الحياة -