-

عدد القراءات: 1202
د. عبد الله محمد السهلي – جريدة الاقتصادية
 

النزاهة.. كم هي جميلة هذه الكلمة ذات الأحرف القليلة والمعاني الكبيرة، تذكرت هذه الكلمة التي تكاد تضمحل من ذاكرتنا المترعة بألوان الفساد وتأملتها وأنا أطالع خطاباً من هيئة مكافحة الفساد للتأكيد على التوعية في مجال النزاهة ومحاربة الفساد وتقافزت في ذهني أسئلة كثيرة! لماذا الفساد؟! من هم الفاسدون؟! ومن أين أتوا؟! وهل تكفيهم التوعية؟!

أسئلة كثيرة تظل حائرة في أحيانٍ كثيرة! لا شك نحتاج إلى التوعية في مجال النزاهة ومكافحة الفساد لكن نحتاج أيضاً إلى الصرامة وتقنين العقوبات والتشهير في زمنٍ غابت فيه القدوات واختلط الحابل فيه بالنابل بالفاسد.

نحتاج إلى التخلص من الأساليب التقليدية في التعامل مع الفاسدين! إن العنصر الفاسد لا يستحق منا أي لون من ألوان التعاطف معه! نحتاج إلى ترجمة الأقوال إلى أفعال والتوعية إلى عقوبات تجسدها التشريعات والأنظمة.

كم نحن في حاجة إلى تطهير البلد من كل ألوان الفساد الإداري والمالي حفظاً لحقوق الإنسان وكرامته؛ إذ الفساد يعد المسمار الأخير في نعش حقوق الإنسان، تأملوا معي حقوقا مهمة مثل حق الكرامة بل حق الحياة ذاتها حق العدل وغيرها من الحقوق وكيف ينخر الفساد المالي في جسد هذه الحقوق ذلك أن الفساد إنما يوجد لأخذ ما لا يحق أخذه شرعاً.

دعوني أنقل لكم صورة من التاريخ الإسلامي ومدى دقة خلفاء الإسلام وشفافيتهم في هذا الأمر، تذكر لنا كتب التاريخ والسير أنه لما كان سعد بن أبي وقاص والياً على الكوفة شكاه بعض أهلها ظلماً فقالوا: إنه لا يحسن الصلاة فعزله عمر ـــ رضي الله عنه ـــ وقال له عمر: إنهم يزعمون أنك لا تحسن تصلي فقال له سعد وهو يضحك ملء فمه: والله إني لأصلي بهم صلاة رسول الله أطيل الركعتين الأوليين وأقصر في الأخريين فقال له عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق فأرسل عمر معه إلى الكوفة من يسأل عنه أهل الكوفة ولم يدع مسجداً إلا سأل عنه فأثنوا عليه جميعاً حتى دخل مسجداً لبني عبس فقام رجل منهم يدعى أسامة بن قتادة فقال: أما إذ ناشدتنا سعداً كان لا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية فقال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة فأطل عمره وأطل فقره وعرضه بالفتن، فكان بعد ذلك إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد، قال عبد الملك بن عمير: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر وأنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن..

هذا هو تاريخنا المجيد فهل نعيده؟!

المصدر: جريدة الاقتصادية 19  شعبان 1432 هـ الموافق 20 يوليو 2011م

المصدر : -