-

عدد القراءات: 1156
د.سهيلة زين العابدين حماد -جريدة المدينة
 

يصادف اليوم الثلاثاء الثامن عشر من محرم مرور ثماني سنوات على تأسيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك بموجب القرار الملكي رقم 224 الصادر بتاريخ 181 1425هـ، وهذا نصه: ( معالي رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والأعضاء المؤسسين للجمعية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد… فقد اطلعنا على كتابكم الذي تُشيرون فيه إلى إنشاء جمعية وطنية لحقوق الإنسان، وطلبكم الإذن لهذه الجمعية بممارسة أعمالها، وما أوضحتموه من أنّ الجمعية سوف تعتمد بإذن الله في نشاطها على ما جاء في كتاب الله عزّ وجل، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتساعد على تحقيق ما جاء في المادة السادسة والعشرين من النظام الأساسي للحكم التي نصّت على أنّ دستور المملكة كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأنّ الشريعة الإسلامية جاءت بحماية حقوق الإنسان، والمحافظة عليها، فإنّ قيام هذه الجمعية الوطنية يعد أمرًا مناسبًا ـ إن شاء الله ـ متمنين لكم التوفيق والسداد، وأن تجعلوا الله ـ عزّ وجل ـ نُصب أعينكم في جميع ما تقومون به من أعمال، والعمل لما فيه الخير والمصلحة.والله يحفظكم. فهد بن عبد العزيز)

هذا هو نص الموافقة السامية على إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان،وممارسة أنشطتها، والأسئلة التي تطرح نفسها الآن والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تدخل عامها التاسع: هل التزمت الجمعية بما جاء في الموافقة السامية، وبما نص عليه نظامها الأساسي الذي تمّت الموافقة الملكية عليه؟

وما الإنجازات التي حققتها في هذه السنوات الثمانية، وما انعكاساتها على المجتمع، وعلى الدولة محليًا وإقليميًا، ودوليًا؟ ولحساسية الموضوع بالنسبة لي باعتباري عضوًا مؤسسًا بالجمعيةـ وافتخر بهذا الانتماءـ فسوف أجيب عن هذه التساؤلات وغيرها من خلال الواقع المتمثل في إحصائيات الجمعية وتقاريرها وإصداراتها وفعالياتها الثقافية وزيارتها لكبار مسؤولي الدولة، وزياراتها الميدانية لمختلف الجهات في مختلف مناطق المملكة، ورفع تقاريرها عن تلك الزيارات للجهات المعنية، وزيارات الوفود الأجنبية لها، ومدى ثقة القيادة الرشيدة في أعضائها وعضواتها؛ فأصبح من أعضائها الـ 41 المؤسسين: وزيران ،ونائب رئيس مجلس الشورى برتبة وزير، ونائب وزير، وعضو آخر مديرا لجامعة القصيم، وعضو ثالث عضوا في هيئة كبار العلماء، وأربع عضوات مستشارات بمجلس الشورى، وآخر انتخب مؤخرًا ليكون عضوًا دائمًا لهيئة حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي، ممثلًا للمملكة العربية السعودية.

وسأبدأ بالإجابة عن السؤال الأول :

إنّ الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان قامت من أجل ( العمل على تحقيق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيِّه بحماية حقوق الإنسان وفقًا للنظام الأساسي للحكم الذي مصدره الكتاب والسنة، ووفقًا للأنظمة المرعية. وما ورد في الإعلانات والمواثيق الخاصة بحقوق الإنسان الصادرة عن الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والأمم المتحدة ووكالاتها ولجانها المختصة ، بما لا يخالف الشريعة الإسلامية. والتعاون مع المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال، والوقوف ضد الظلم والتعسف والعنف والتعذيب وعدم التسامح.)

هذا ما نصّت عليه المادة الثانية من النظام الأساسي لها، وبفضل من الله ثمّ بفضل القيادة الرشيدة التي منحت الجمعية استقلاليتها ـ التي نص عليها نظامها الأساسي ـ ، والحرية في إبداء الرأي، وتيسير السبل لها للقيام بمهامها، ثٌمَّ بجهود أعضائها والعاملين بها أعطى للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ثقة القيادة والمواطنين بها، وثقلًا محليًا وإقليميًا ودوليًا انعكس بالإيجاب على الموقف الدولي من المملكة في مجال حقوق الإنسان؛ إذ حقّقت في مسيرتها الإنجازات التالية طبقًا لإحصائياتها من عام 1425ـ 1431هـ :

أولًا : في مجال حماية حقوق الإنسان،ويتمثل في الآتي:

1.زياراتها لكبار مسؤولي الدولة للتنسيق معهم على آليات العمل بشأن الزيارات الميدانية لأعضاء الجمعية، لمختلف الجهات، ولعرض عليهم خلاصة القضايا الواردة إليها لوضع حلول لها، وقد بلغ عدد هذه الزيارات (42) زيارة.

2.التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية بحقوق الإنسان في المملكة المتمثلة في هيئة حقوق الإنسان،ولجنة حقوق الإنسان والعرائض بمجلس الشورى،وتبادل الزيارات بينها.

3. زياراتها الميدانية التي بلغت (117 ) زيارة شملت السجون والمستشفيات ودور الأيتام والمسنين، وما يماثلها.

4. القضايا التي تلقتها الجمعية بلغت (25675 ) قضية من إدارية وعمالية وأحوال شخصية ومدنية وقضائية وعنف أسري، وعنف ضد الأطفال وسجناء وقضايا أخرى، وبلغ عدد مخاطباتها للجهات المسؤولة ذات العلاقة بتلك القضايا( 10004) و عدد الردود التي وصلتها بشأنها من تلك الجهات( 3956)، وعدد الجهات العربية والأجنبية التي خاطبتها الجمعية بشأن المعتقلين السعوديين في السجون السورية والعراقية واليمنية، ومعتقلي جوانتانامو، وعبد الرحمن العطوي السجين في إسرائيل والسجين حميدان التركي في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من (21) جهة، كما كوّنت لجنة من بعض أعضائها، ومن بعض أفراد أسر المعتقلين في جوانتانامو لمتابعة أوضاعهم في هذا المعتقل، وأصدرت الجمعية باللغتيْن العربية والإنجليزية تقريرًا بعنوان» معتقل جوانتانامو وانتهاكات حقوق الإنسان(معاناة المعتقلين السعوديين وأسرهم)،كما بحثت الجمعية شؤون المعتقلين في جوانتانامو مع الوفود الأمريكية والمنظمات الحقوقية التي زارت الجمعية ،ومطالبتها بحل المعتقل، وتسليم المتهمين لدولهم.

5.تقاريرها ودراساتها عن حقوق الإنسان، ويأتي في مقدمتها التقريران الأول والثاني لأحوال حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، ودراسة مدى انسجام الأنظمة السعودية مع إتفاقيات حقوق الإنسان الرئيسية، وسبعة تقارير عن أنشطتها وإحصائيات القضايا الواردة إليها، وثلاثة كتب إحصائية، والتقرير النهائي لمراقبة الانتخابات البلدية في دورتها الأولى؛ حيث رأست الجمعية لجان المراقبة، ونظّمت ورش عمل لتدريب المراقبين، وكتبت تلك التقارير بعد التأكد من صحة كل معلومة فيها، وهذا التأكد جاء من خلال تقارير الزيارات الميدانية التي قام بها أعضاء الجمعية لمختلف الجهات والقطاعات، وكذلك من خلال القضايا الواردة إلى الجمعية، وعند زيارة عضوات الجمعية عند بداية تأسيسها لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية قال لهن ـ وكنتُ أنا معهن « كنّ أعيننا في داخل سجون النساء، وانقلن لنا الصورة كما هي لنتلافى الأخطاء والعيوب»، وعند زيارة معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي ـ رحمه الله ـ للجمعية، قال ( أقر بأنّ كل ما ورد في تقريركم عن وزارة العمل صحيح، وسأسعى جاهدًا لتلافي السلبيات والأخطاء التي أشار إليها التقرير)، فالجمعية تتحرى الدقة والمصداقية والشفافية والموضوعية في تقاريرها وبياناتها ودراستها، وقد كان لدراسة مدى انسجام الأنظمة السعودية مع الاتفاقيات الدولية الرئيسية أصداءً طيبة لدى القيادة في الدولة، وتكونت لجنة في هيئة الخبراء لدراستها، والأخذ بها، لتتواءم أنظمة الدولة مع ما التزمت به من اتفاقيات. للحديث صلة.

المصدر : جريدة المدينة 18 محرم 1433 هـ الموافق 13 ديسمبر 2011 م

المصدر : -